تلتقي تركيا وإيران لتجريد الأمة العربية والإسلامية من مكانتها ونجاحاتها، سواء بالتدخل في الشؤون الداخلية أو زرع الفتن ونشر الإرهاب
من الذي لم يقرأ تاريخ الاحتلال العثماني، ولم يسمع بمعركة مرج دابق، التي درّست في الصفوف الدراسية الأولى، وحصدت مئات آلاف الأرواح بغية اتساع رقعة المستعمرات العثمانية؟ والتي على إثرها احتل العثمانيون الأراضي العربية لمدة 400 عام، ولكن وحين أفلس الأتراك قدّموا منطقة الشرق الأوسط على طبق من ذهب للمستعمر الغربي، ومنها كانت البوابة الكبرى للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. أما أجداد أردوغان الذين مارسوا سياسة التجهيل فقد كانوا السبب الأول في تشرذم الأمة العربية، ووقوعها في انتكاسات متلاحقة، وعلى خطى أجداده صار يحلم أردوغان أن يشارك إسرائيل "الكعكة الفلسطينية" في علاقاته وتجارته واتفاقياته السرّة، بينما يمارس علناً التجارة بفلسطين، بالخطابات الشعبوية والعاطفية التي لا تقدم ولا تؤخر.
منذ بداية نشوب ما يسمى بالربيع العربي، عام 2011، يعيش الرئيس التركي، وبدعم من جماعة الإخوان الإرهابية، هوس عودة الإمبراطورية العثمانية، وتنصيبه سلطاناً على البلاد العربية والإسلامية، ويأمل أن يصبح سليمان القانوني الثاني، خاصة بعد أن عيّنه رأس الفتنة يوسف القرضاوي سلطاناً وأميراً للمؤمنين، وصياً على الإسلام والمسلمين، فمن ذا الواهم الذي يُعيّن والموهوم الذي يصدق؟!
قد يحتاج أردوغان لمن يذكره بوقائع التاريخ الحقيقي! ولن يمحو تصفيق قطيع الإخوان، على مواقع التواصل، لخطابه "السفسطائي" في الأمم المتحدة، واستعراضه الرخيص مجموعة من اللوحات، حقيقة أن أردوغان لم يتجرأ وخلال عشرين عاماً من حكمه إطلاق رصاصة واحدة إلى تل أبيب
قد يحتاج أردوغان لمن يذكره بوقائع التاريخ الحقيقي! ولن يمحو تصفيق قطيع الإخوان، على مواقع التواصل، لخطابه "السفسطائي" في الأمم المتحدة، واستعراضه الرخيص مجموعة من اللوحات حقيقة أن أردوغان لم يتجرأ، وخلال عشرين عاماً من حكمه، إطلاق رصاصة واحدة إلى تل أبيب، أو أن تحوم طائراته الحربية، التي تقصف السوريين والليبيين، قريبة من الحدود الإسرائيلية، أما شعبه المشغول بقوت يومه، وبالأوضاع الاقتصادية الصعبة، فيصدقونه حين يتحدث عن القضية الفلسطينية، ويهرولون لانتخابه!
يكفي شاهداً، غير قابل للجدل السفسطائي زيارة أردوغان لإسرائيل في عام 2005، ووضع أكاليل الزهور على قبر مؤسس الصهيونية، ولا تحتاج حقيقة إلى وجود الملحقية التجارية التركية في تل أبيب لتأكيد المؤكد، وبينما كان يُصعد بخطاباته الشعبوية العاطفية عقب أحداث سفينة مرمرة عام 2009، ظهرت وثيقة تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل، وفضحت نصاً لا يُغري المدافعين عن أردوغان يقول: "تركيا وعاصمتها أنقرة، وإسرائيل وعاصمتها القدس"، مع أن تل أبيب كانت وقتها عاصمة إسرائيل، وجرى توقيع الاتفاقية في يونيو 2016 بين كل من أنقرة والقدس!
يقول قطيع الإخوان المدافعين عن أردوغان أن خطاباته تكفي مقارنة مع عدم وجود خطابات عربية! وهذا القول مردود على مناصريه، ولن نتحدث عن الدماء العربية منذ عام 1948، بل عن القضية الفلسطينية التي تشغل أول أولويات الأمة وزعمائها وشعوبها، في كل محفل واجتماع، والمساعدات التي لم تتوقف من دول الخليج، منذ تلك الحرب التي مهّد لها العثمانيون، وقدموها للاستعمار على طبق من ذهب!
في كل موقف، مهما بدا صغيراً، تلتقي تركيا وإيران، الفرس والعثمانيون، لتجريد الأمة العربية والإسلامية من مكانتها وزهوها ونجاحاتها، سواء بالتدخل في الشؤون الداخلية أو زرع الفتن ونشر المليشيات الإرهابية، أو التسلق عبر قضايا الأمة إلى منابر المجتمع الدولي، ولكن السعودية والإمارات ومصر لم تترك لهؤلاء الأغراب الحاقدين أية فرصة، سواء في الساحات الدبلوماسية أو العالمية، وأمام كل حجة واهية يقدمونها تُقدم الأدلة الدامغة على تورط إيران وتركيا في العراق واليمن وسوريا ولبنان وليبيا وغيرها.
كيف نستعيد عقول شبابنا الذين سرقهم حُلم السلطان العثماني الشخصي؟ ومتى سيفهمون أن مكانهم بين صفوف أشقائهم وأهلهم من عرقهم ولغتهم وتاريخهم؟ وأن المستقبل ينتظرهم وينتظر الأجيال القادمة في الإبداع والابتكار والتطور مع مجتمعاتهم، وليس مع مجتمعات أخرى حاقدة ناقمة، تبحث عن تمزيقهم ودفنهم أحياء وطمس تاريخهم؟
نقلاً عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة