قرر فخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يلقي محاضراته السياسية وخطب الوعظ الدينية على سكان كوكب الأرض.
قرر فخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يلقي محاضراته السياسية وخطب الوعظ الدينية على سكان كوكب الأرض، من منظور «أنه المرجع السني الأعلى في العالم» والزعيم السياسي الأول في أوروبا وقائد الخلافة العثمانية الجديدة الذي سوف يعيد لتركيا أمجاد آل عثمان الغابرة.
إنها حالة مزيج من «جنون العظمة» مع الإحباط، مع الشعور الدائم بالمؤامرة، في ظل تراجع مخيف في مؤشرات الأداء الاقتصادي، والتمييز السياسي
فخامة الرئيس أردوغان يحدثنا عن الشفافية ومحاربة الفساد، وأكبر الفاسدين هم من الحلقة الضيقة المحيطة به، وأهمهم أقاربه وزوج ابنته.
فخامة الرئيس يبكي حزناً على ما حدث من انتهاك للحريات في العالم العربي، بينما تقارير منظمة العفو الدولية تقول: إن تركيا اعتقلت 50 ألفاً تحت دعوى حماية الأمن القومي، وإن عمليات التعذيب والاضطهاد ومنع الزيارات وعدم الحفاظ على حقوق السجناء تمارس بشكل ممنهج.
وجاء في التقرير أن أكثر من 49 ألفاً من المعتقلين تحت دعاوى العلاقة مع «فتح الله غولن» وتوجيه الاتهام لهم بمحاولة المشاركة في عملية الانقلاب الفاشلة عام 2016.
وجاء في التقرير أن عشرة آلاف معتقلون لعلاقتهم بحزب العمال الكردستاني المحظور، وأن 1200 فقط تم احتجازهم لعلاقتهم بتنظيم داعش. ولا تسلم القائمة من قضاة وصحفيين وأكاديميين ورجال أعمال وضباط جيش وشرطة واستخبارات عُزلوا من مناصبهم.
فخامة الرئيس أردوغان تدمع عيناه حزناً على معتقلي الرأي، وتقرير وزارة العدل الرسمي الذى أعلنه وزير العدل التركي «عبدالحميد جول» طواعيةً بكامل إرادته وهو بكامل وعيه وعقله، يقول: إن عدد السجناء الرسمي في السجون التركية هو 260 ألفاً من بينهم 202 ألف و434 شخصاً صدرت في حقهم أحكام، و57 ألفاً و710 أشخاص صدرت في حقهم مذكرات اعتقال. وكان الرقم في العام السابق قد وصل حسب بيانات وزارة العدل إلى 384 ألفاً!
وجاء أيضاً على لسان وزير العدل أنه يتم التحضير لافتتاح 50 سجناً جديداً في السنوات الخمس المقبلة بطاقة استيعابية جديدة إضافية تصل إلى 137 ألفاً.
يتحدث فخامة الرئيس عن ضرورة محاربة الفساد، بينما يقول تقرير مؤشر الفساد في العالم إن تركيا تحتل مركزاً سيئاً في ترتيب الدول الأكثر فساداً، حيث إنها تحتل الترتيب 78، وقال تقرير المنظمة إن مستويات الفساد في تركيا ازدادت في ظل تراجع الحقوق السياسية والمدنية، ونتيجة ذلك انخفض مؤشر المستهلك 9 درجات، وانخفض مؤشر الحرية إلى النصف، من 61 نقطة إلى 32 نقطة.
يتحدث فخامة الرئيس أردوغان عن احترام الدول، ويذكر التاريخ الاستعماري للدول الأوروبية الصليبية على حد وصفه، وبينما فخامته يقف أمام الرأي العام العالمي في أوساكا ليتباكى على قمع الحريات وعدم احترام سيادة الدول، تقتل جيوشه أكراداً في السليمانية، وتحتل أراضي في سوريا، وتقتل مدنيين عبر طائرات مسيَّرة في ليبيا، وتسعى لتهديد مياه النيل في سواكن بقاعدة يزمع إنشاؤها في السودان بتمويل قطرى.
يتباكى فخامته على النهب الاستعماري، وهو يسرق نفط العراق، ومصانع النسيج في حلب، ويغتصب غاز اليونان وقبرص بحملة بوارج عسكرية بحرية.
فخامته -عفواً- يفعل مثل السيدة التي تتهم الأخريات بالزندقة والفساد، بينما هي على علاقة آثمة بكل رجال الحى!
لن يصل فخامة الرئيس أردوغان إلى شيء إذا استمر في رهانه اليائس والبائس على «الدوحة» في مواجهة العالم.
إن فخامة الرئيس التركي إلى الآن لم يتمكن من أن يقنع الاتحاد الأوروبي بإعطائه صفة العضو الكامل المقبول من هذا التجمع المحترم عالمياً، رغم أنه تقدم رسمياً في ربيع 2005 بطلب العضوية، ولم يحظَ طلبه حتى الآن بأي قبول، بل تم تجميده.
عصبية وتوتر الرجل في ازدياد بشكل يستدعي -فعلاً- تدخلاً علاجياً طبياً.
إنها حالة مزيج من «جنون العظمة» مع الإحباط، مع الشعور الدائم بالمؤامرة، في ظل تراجع مخيف في مؤشرات الأداء الاقتصادي، والتمييز السياسي والأغلبية الشعبوية في الشارع التركي.
يقاتل «أردوغان» عدة جبهات في الخارج، فضلاً عن هبوط حاد في العملة الوطنية، وصدام سياسي مع واشنطن وموسكو ولندن وباريس، والقاهرة والرياض وأبوظبي، وبرلين ولاهاي والاتحاد الأوروبي ببروكسل في آن واحد.
معذور، معذور، معذور يا فخامة الرئيس، فليس هناك ما هو أكثر ألماً من أن يصاب الرجل بـ«صداع في الحواجب» يؤدي إلى «بواسير في الأفكار»!
نقلاً عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة