وزير مالية تركيا إلى مصر في يونيو.. هل يذوب جليد الجمود السياسي؟
يعتزم وزير الخزانة والمالية التركي، نورالدين نباتي، زيارة مصر مطلع يونيو/حزيران المقبل، في زيارة الأولى على المستوى الوزاري منذ 2013.
واعتبر مراقبون وخبراء في أحاديث لـ"العين الإخبارية" الزيارة "فرصة إيجابية لمزيد من التقارب الاقتصادي، وحلحلة الجمود السياسي بين البلدين"، مشيرين إلى أن الزيارة تسهم في "رفع درجة التواصل إلى المستوى الوزاري، بما يمكن أن يسهم في تقليص حدة الجفاء، وتمهيد السبيل للتقارب بين الدولتين".
وبحسب بيان صادر عن وزارة الخزانة والمالية التركية، في وقت سابق، سيشارك نور الدين نباتي على رأس وفد بلاده بالاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية المزمع عقدها بشرم الشيخ بين 1 و3 يونيو/حزيران.
ولم يتضح بعد، إذا ما كان الوزير التركي سيعقد لقاء ثنائيًا مع نظيره المصري محمد معيط، على هامش زيارته لمصر أم لا؟
ونقلت صحيفة "ديلي صباح" التركية الثلاثاء عن خبراء اقتصاد قولهم إن زيارة الوزير التركي، "مؤشر إيجابي للغاية على التطورات القادمة مما قد يفتح الباب أمام المصالحة بين البلدين".
وأضافت: "اللهجة التي يتبناها الوزير التركي من الممكن أن تمهد الطريق لعلاقات اقتصادية أقوى من ذي قبل في وقت تحتاج فيه الدول إلى التعاون لحماية نفسها من الأزمات الاقتصادية التي تجتاح العالم".
وأشارت الصحيفة إلى أن القاهرة وأنقرة وقعتا اتفاقية التجارة الحرة (FTA) عام 2005 ودخلت حيز التنفيذ في 2007 ولا تزال سارية بين البلدين.
كما تضاعف إجمالي حجم التجارة ثلاث مرات تقريبًا بين عامي 2007 و2020، مما يدل على أن البلدين بذلا مجهوداً كبيراً في حماية تبادلاتهما الاقتصادية بعيداً الخلافات السياسية.
وتعد هذه الزيارة الأولى لوزير تركي لمصر بعد توتر العلاقات منذ 9 سنوات، في أعقاب ثورة 30 يونيو/حزيران التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان، واحتضان أنقرة عددا كبيرا من قيادات الإخوان وكوادرها ودعمها لهم، وبعضهم كان ملاحقا في جرائم إرهاب وعنف في مصر.
نقلة إلى الأمام
وفي تعقيبه، قال الدكتور بشير عبد الفتاح الخبير في الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجي إن "زيارة الوزير التركي خطوة ونقلة للأمام نحو رفع مستوى الحوار والتواصل بين البلدين"، مستدركا "لكن ليس على مسار تطبيع العلاقات بشكل كامل؛ لأن لهذا المسار متطلباته التي لم تستجب لها أنقرة حتى الآن".
وأكد عبد الفتاح في حديث لـ"العين الإخبارية" أن التواصل والحوار ارتفع تدريجيا بين البلدين على مستوى السفراء ثم مساعدي وزير الخارجية، والآن على الصعيد الوزاري".
رفع درجة ومستوى التواصل بهذا الشكل، والحديث لـ"عبد الفتاح"، يمكن أن يسهم في تقليص حدة الجفاء السياسي، وتمهيد السبيل للتقارب بين الدولتين".
وأبرز الخبير بمركز الأهرام أن "العلاقات الاقتصادية أسرع ممر لإذابة الجليد بين الدول، ورغم القطيعة السياسية بين البلدين كانت الوشائج الاقتصادية قائمة ومستمرة".
وأردف "أي تحرك مصر تركي في أي اتجاه سواء اقتصادي أو سياسي أو أمني يمكن أن يسهم في تقريب وجهات النظر، وتقليص حد الجفاء بين البلدين، وعودة العلاقات لطبيعتها، شريطة أن تستجيب أنقرة للمطالب المصرية.
وكان هاني الأعصر، مدير المركز الوطني للدراسات، أكد في حديث سابق لـ"العين الإخبارية" أن هناك شرطين أساسيين بالنسبة للمسؤولين في مصر لن يتم التنازل عنهما إذا كانت تركيا ترغب في عودة العلاقات بشكل طبيعي بين البلدين، وهما "الاعتراف التركي بشكل واضح لا لبس فيه بشرعية الرئيس المصري والنظام المصري الحاكم ".
وأوضح الأعصر، أن الشرط الثاني بالنسبة لمصر، هو ضرورة التوقف بشكل جاد من جانب أنقرة عن دعم جماعة الإخوان، بعيدا عن الأمور التي أعلنتها مؤخرا، مشيرا إلى أن التوسع في منح الجنسية من جانب تركيا لأعضاء وقيادات الجماعة حتى يتسنى لهم المغادرة والتنقل، هو أحد أشكال الدعم التي تمنحهم فرصة للإفلات من العقاب، أو الملاحقة المصرية.
وبعد سنوات من القطيعة السياسية، تعمل تركيا على إصلاح علاقاتها المتوترة مع القوى الإقليمية، بما في ذلك مصر والإمارات و السعودية".
وأقدمت تركيا على خطوات لإبداء حسن نواياها تجاه القاهرة بتصفية منصات إعلامية إخوانية دأبت على الهجوم على القيادة السياسية في مصر، منذ عدة شهور، ومن بينها إبلاغ إدارة فضائية "مكملين" المحسوبة على الإخوان الإرهابية بوقف نشاطها.
وأصدرت القناة، بيانا، السبت 30 أبريل/نيسان الماضي، أكدت خلاله "نقل بثها واستديوهاتها وجميع أنشطتها إلى خارج تركيا".
ونهاية أبريل الماضي/نيسان الماضي، نقلت وسائل إعلام تركية رسمية عن أردوغان قوله، في طريق عودته من زيارة قام بها إلى السعودية "لدينا سياسات إزاء إسرائيل، ويمكن اتباع نهج مماثل إزاء مصر، وسيشير إحراز نتائج إيجابية في هذا السبيل إلى إمكانية تبني خطوات على مستوى أرفع".
وأضاف "يتعين علينا الدخول في مرحلة جديدة مع الدول التي نتقاسم معها نفس المعتقدات والأفكار، إنها مرحلة كسب أصدقاء وليس خلق أعداء".
وذكرت وسائل إعلام تركية في أبريل/نيسان الماضي أيضا، أن الحكومة التركية قررت تعيين سفير لها في مصر، وذلك بعد 9 سنوات من رحيل آخر سفير تركي من القاهرة في 2013.
وقالت إن أنقرة قررت تعيين صالح موتلو شين، ممثل تركيا السابق لدى منظمة التعاون الإسلامي، سفيراً لها في القاهرة، مؤكدة أن الحكومة التركية تنتظر موافقة السلطات المصرية.
فيما بدا أن القاهرة لا تنوي الإسراع في غلق ملفات الخلاف قبل معالجة الأزمة على نحو أكثر جذرية.
aXA6IDE4LjIyMy4yMzcuMjQ2IA==
جزيرة ام اند امز