الإخوان وإيران وتركيا.. سياسات بايدن المستقبلية في الميزان
نظم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، اليوم الإثنين، ندوة افتراضية عن بعد بعنوان “الرئيس المنتخَب جو بايدن ومستقبل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط".
تحدث في الندوة عدد من الخبراء من عدة دول، وتناولت المناقشات خلال الندوة بشكل بارز ملفات رئيسية في منطقة الشرق الأوسط وهي إيران وتركيا والإخوان، وكيف ستتعامل إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن معها.
وخلال مشاركته بالندوة، استبعد رئيس معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، اللواء عاموس يادلين، أن تقدم إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، اي شكل من اشكال الدعم لجماعة الإخوان الإرهابية.
وأعرب يادلين خلال عن اعتقاده أنه على عكس موقفها من إيران، فإن بايدن غير ملتزمة بالسياسات التي سنها الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في بداية ولايته الأولى تجاه جماعة الإخوان.
وأوضح خلال مشاركته بالندوة أن الولايات المتحدة تعلمت الدرس مما حدث في مصر وليبيا، في إشارة للفوضى التي عمت البلدين عقب أحداث 2011 وسيطرة جماعة الإخوان الإرهابية على الحكم في البلدين حينها، مؤكدا أن "جماعة الإخوان ليست كما كانت قبل عشر سنوات وكان ينظر إليهم كحل لإرساء الديمقراطية"، مستدركا: "إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب ليست بهذه السذاجة."
وعن تعامل الإدارة الأمريكية الجددية مع إيران خاصة ما يتعلق بنوايا طهران لامتلاك سلاح نووي وتهديد الأمن والاستقرار بالمنطقة، أكد الخبير الإسرائيلي أن إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن لها موقفان من إيران: الأول يرغب في العودة على الفور للالتزام بالاتفاق النووي القديم، مستدركا: "ونحن في إسرائيل نعتقد أن هذا خطأ كبير."
الفريق الآخر من إدارة بايدن، بحسب الخبير الإسرائيلي، يرى أن الافتراضات التي استند إليها الاتفاق النووي مع إيران عام 2015 ضعيفة و ثبت عدم جدوى الافتراض أن إيران ستتصرف بصورة مختلفة في المنطقة.
وأوضح يادلين أن هذا الفريق يدرك خطأ الافتراض بأن الأموال التي ستحصل عليها إيران ستُستخدم لصالح الشعب الإيراني وليس التسليح.
ورأي أنه من الضروري إذا رأت إدارة بايدن الاتفاق مع إيران فعليها بناء صيغة مختلفة وسد جميع الثغرات.
بدوره رأي جون ألترمان، النائب الأول للرئيس ومدير برنامج مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بالولايات المتحدة الأمريكية، أن تعيين وليام بيرنز رئيسا لمنصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية، وجاك سوليفان مستشارا للأمن القومي، اللذين كانا منخرطين بشكل وثيق في الأسلوب السري الذي انتهجته إدارة أوباما في التعامل مع إيران، في إدارة بايدن، يوضح المنطق الذي ستعمل به إدارة بايدن وهو منح الإيرانيين خيارا صعبا.
وأكد ألترمان، خلال مشاركته بالندوة، على أنه "ينبغي عدم السعي خلف الإيرانيين وعدم محاولة إرضائهم بل ينبغي إعطاؤهم خيارا صعبا للغاية."
وتابع: ينبغي إعطاؤهم منفذا للدخول منه في حال أبدوا مرونة في التعامل ومنذا آخر للدخول في حال أبدوا صعوبة في التعامل معهم.
واعتبر أن التحدي الرئيسي الذي يواجهه بايدن على المدى القصير هو محاولة البدء من خلال العديد من المحادثات المتعلقة بتجميد النشاط النووي مقابل إلغاء العقوبات الجديدة.
وأعرب عن اعتقاده أنه لا ينبغي استرضاء الإيرانيين حتى لا يستغلوا ذلك.
متفقا مع ما سبق إلى حد كبير يرى الدكتور ستيفن كوك، زميل أول أيني إنريكو لدراسات الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية بالولايات المتحدة الأمريكية ، أن "قضية إيران شائكة للغاية وحتى الذين يميلون إلى عقد اتفاق جديد أو العود إلى اتفاق 2015 لديهم وجهات نظر مختلفة بشأن النقاط التي ينبغي التركيز عليها."
ويرى كوك أن أوساط السياسة الخارجية في واشنطن لم تفكر مليا في العودة إلى المفاوضات، سواء عبر العودة إلى اتفاق 2015 أو إبرام اتفاق جديد. وأعتقد أن علينا أن نفكر أكثر في كيفية احتواء إيران في الخليج والمنطقة.
وفيما يتعلق بتركيا، أكد كوك خلال مشاركته بالندوة، أن امتلاك تركيا لمنظومة منظومة الدفاع الصواريخية "إس – 400" الروسية تمثل مشكلة محورية بين أنقرة وواشنطن، لافتا أن إعادة العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا تتطلب من أنقرة أن تكون أكثر مرونة.
وأشار إلى أن العقوبات الأمريكية على تركيا ستستمر طالما استمرت أنقرة في امتلاك منظومة "إس – 400".
واعتبر أنه أصبح واضحًا للأوساط الأمريكية سلوك تركيا العدائي خاصة في شرق المتوسط وليبيا، بالإضافة إلى ممارسة النظام التركي للقمع في سياسته الداخلية.
ورجح الخبير الأمريكي أن تكون الفترة المقبلة صعبة للغاية في العلاقات بين الولايات المتحدة وتحديدا إدارة بايدن وتركيا قائلا "لا توجد أجواء مريحة بين بايدن وأردوغان".
وعن تعامل الإدارة الأمريكية الجديدة مع الملف الإيراني يرى الدكتور محمد بن هويدن، الأستاذ مشارك في العلاقات الدولية بجامعة الإمارات العربية المتحدة ، أنه إذا أراد بايدن العودة إلى الاتفاق النووي، فعليه أن يأخذ المخاوف الأمنية لدول المنطقة في عين الاعتبار.
وعلى إدارة بايدن أيضا، حسب بن هويدن، التأكد من أي اتفاق يتم التوصل إليه ينبغي سيجبر إيران على وقف طموحاتها النووية لمدة طويلة جدا، بحيث تزيد على الـ15 عاما التي تم الاتفاق عليها في الاتفاق السابق.
والأمر الثاني بشأن أي اتفاق يتم التوصل إليه مع إيران هو التأكد من أن أي اتفاق يتم التوصل إليه ينبغي أن يهدف إلى وقف انتشار الصواريخ الباليستية الإيرانية القادرة على تهديد استقرار المنطقة.
وأكد الخبير الإماراتي على أنه ينبغي إشراك دول الخليج العربي وإسرائيل في عملية التفاوض الخاصة بالاتفاق النووي، ويجب التعاون مع الاتحاد الأوروبي للضغط على إيران للتفاوض.
الدكتور عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية بدولة الإمارات العربية المتحدة، لفت إلى أن وزير الخارجية الأمريكي المعين، أنتوني بلينكين، أكد في تصريحات صحفية أن الولايات المتحدة تكون أقوى عندما تعمل مع الحلفاء ومع الشركاء ودول الخليج من شركاء واشنطن.
واعتبر، خلال مشاركته بالندوة، تصريحات "بلينكين" تؤكد أن الإدارة الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية ستواصل الاعتماد على حلفائها وعلى أصدقائها.
وأكد أن دول الخليج العربي أثبتت أنها قوة يعتمد عليها فقد عملنا مع جميع رؤساء الولايات المتحدة بنجاح كبير على مدار السبعين عامًا الماضية.
وختم بالقول إن "الشرق الأوسط عبء كبير على أمريكا لكن دول الخليج العربي أثبتت أنها مصدر قوة ولذا لا أتوقع تغيير جوهري في العلاقات بينه وبين واشنطن."
من جانبه أكد الدكتور وليام جالتسون، الأكاديمي بمعهد بروكنجز الأمريكي، أن انتخابات 2020 في الولايات المتحدة تميزت بالمستوى العالي من التعبئة السياسية وشهدت أكبر نسبه مشاركة منذ 100 عام.
وراى أن الانتخابات شهدت انقساما كبيرا في البلاد وتعزيز لاتجاهات كانت ملحوظة بوضوح قبل 4 سنوات.
واعتبر أن المفاجاة الكبيرة هي عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في هذه الانتخابات.
ولفت إلى أن الديمقراطيين يستحوذون على الأغلبية بمجلس الشيوخ، وكتلة الوسط بالمجلسين تضم أعضاء الحزبين وتدعو للتوافق بينهما، مشيرا إلى أن الصراع في 2021 سيكون بين الداعين للانسداد السياسي وبين المطالبين بالتوافق في الولايات المتحدة.
ويرى جالتسون أنه: "لن يستطيع أي من الحزبين الديمقراطي أو الجمهوري فرض إرادته على الأخر وهذا ما سنشهده خلال العامين المقبلين على الأقل".
وقال جالتسون: "لا يمكن أن يكرر بايدن سياسة أوباما الخارجية حتى لو أراد ذلك، فقد تغير الكثير بالسنوات الأربع الأخيرة وبعض التغييرات لا رجوع فيها".
واعرب عن اعتقاده أن "بايدن رجل واقعي واختار أشخاص خبراء في مناصب الدفاع والخارجية وواقعيون وليسوا منظرين ولديهم أهداف تتعدل وفقا للظروف المتغيرة".
وتابع أن "الرئيس بايدن سيشبه رجل يسير على حبل مشدود في سيرك بدون شبكة حماية وسيتطلب مهارات سياسية جمعها منذ 48 عاما"، لافتا إلى أن إدارة بايدن تعطي إيحاء بميلها لليسار الديمقراطي لكن مركز ثقل الإدارة الجديدة في مكان أخر .
يشار إلى أن الندوة التي نظمها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية والتي تحمل رقم (60)، حسب موقع المركز، يأتي انطلاقًا من أهمية المرحلة المقبلة، وذلك بعد فوز جو بايدن، المرشح الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر الماضي، والتوقعات القائمة بشأن سياساته الخارجية تجاه منطقة الشرق الأوسط، التي يرى بعضهم أنها ستختلف مع سياسات سابقه دونالد ترامب، في العديد من الملفات التي تهمّ المنطقة، وتؤثر في مستقبلها السياسي والاقتصادي والأمني.
وشملت الندوة ثلاثة محاور رئيسية: المحور الأول خصص لقراءة نتائج الانتخابات الأمريكية، والثاني تحدث عن التحوُّلات المحتمَلَة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة وانعكاساتها في المنطقة، فيما تناول المحور الثالث موضوع التهديدات الإقليمية وسُبل مواجهتها.
ومَركز الإمارات للدراسات والبحوث الإِسترَاتِيجِيَّة (ECSSR) هو مركزٌ بحثي تأسَّس في 14 مارس/آذار 1994 بموجب قرار الشيخ خَلِيفة بِن زَايِد آل نهيَآن رئِيس دَولة الإِمَارات العربيَّة المُتَّحِدة حِينما كان سموه يشغل منصِب ولِي عهِد أَبُوظبِي ونائِب القائد الأَعلى للقوات المسلحة.
ويحتل مركز الإِمارات مكَانة متميزة فِي مجال الدراسات الإِستراتِيجِيَّة والسِياسية والاِقتصادية ؛ نظراً لمَّا يتمتَّعبه مِن استِلالِيَّة، وما يحظى به من دعم ؛ إضافةً إِلى اعتماده منظوراً إستراتِيجِياً فِي مُعالجة القضايا الَّتي يهتم بها، واِستِقطابه الكوادر البحثيَّة من شتَّى أَنحاء العالم.