أطماع أردوغان تضرب مكاسب تركيا بالشرق الأوسط واليونان تستفيد
العمل على تعزيز العلاقات السياسية والتجارية بين اليونان وأصدقائها الإقليميين، سيعزل أردوغان ويدمر أحلامه التوسعية تمامًا.
تسببت أطماع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خسارة تركيا مكاسبها التي حققتها منذ 2002 في منطقة الشرق الأوسط، مقابل استفادة اليونان وتقاربها مع محور الاعتدال العربي.
وقال تقرير في صحيفة "جريك سيتي تايمز" اليونانية إن السبب في خسارة تركيا هي سياسات أردوغان التي تعتمد على إثارة "المشكلات في كل مكان".
وأشار التقرير إلى أن السياسة الخارجية لأردوغان، الذي لا يخفي أطماعه التوسعية، باتت تواجه انتقادات من شعوب الشرق الأوسط، الذين يحملون في أذهانهم ذكريات سيئة عن الامبراطورية العثمانية التي هيمنت على المنطقة واستغلتها لقرون.
ولفت إلى انه بعد عقود من القطيعة بين تركيا والعرب، تبدلت الأوضاع مرة أخرى في عام 2002، بعد فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التركية، وانتهاج تركيا سياسة جديدة وضعها أحمد داود أوغلو، بهدف تعزيز العلاقات مع الجيران، والتي اعتبرها "العمق الاستراتيجي" لتركيا.
وهكذا تبنت تركيا "سياسة صفر مشكلات" في البداية من أجل التركيز على المصالح المشتركة بدلاً من الاختلافات.
ولم يكن مثل هذا النهج سهل التنفيذ نظرًا للحواجز التاريخية والذكريات الدموية للاحتلال العثماني، لكن كما يرى داود أوغلو، لم يكن أمام تركيا خيارا للمضي قدمًا في هذا التوجه، حتى يتم تغيير هذه الصورة الذهنية.
ونجحت تركيا قبل ما يسمي بـ"الربيع العربي" في تغيير صورتها بالعالم العربي، إلى صورة إيجابية، بفضل عدد من العوامل التي زادت من شعبيتها وجذبت المستثمرين والسياح العرب.
لكن هذا "الربيع العربي" تسبب في تبدل الأوضاع مجددا، حيث بدأ بعض العرب يتشككون في جدوى إقامة علاقات قوية مع تركيا، بالنظر إلى أنها أظهرت طموحًا توسعيًا واضحًا.
فعلى سبيل المثال، دعمت تركيا جماعة الإخوان الإرهابية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ليس هذا فقط، بل دعمت تطلعات إيران النووية، والذي تعتبره الدول العربية تهديدا وجوديا.
علاوة على ذلك، يعد التدخل العسكري التركي غير القانوني في سوريا والعراق وليبيا علامة واضحة على عدم احترام سيادة الدول، ودليلا إضافيا على رغبة أنقرة في استغلال الموارد من الدول المجاورة.
لكل هذه الأسباب، بحسب التقرير، أصبحت العديد من الشعوب العربية تتشكك في نوايا تركيا بالمنطقة، كما تحول تصنيف تركيا من دولة ديمقراطية إلى استبدادية.
أما بالنسبة لموقفها الصريح ضد إسرائيل، أشار التقرير إلى أن "الأمر عبارة عن تصريحات جوفاء بالنظر إلى أنه في عهد أردوغان بلغ النشاط التجاري مع إسرائيل ذروته واستمر في الازدهار".
وأشار التقرير إلى أنه لا يمكن لتركيا أن تتوقع من العرب واليونانيين أن "يغضوا الطرف عن أنشطتها الخبيثة المستمرة في المنطقة".
علاوة على ذلك، فإن فكرة أن تركيا يمكن أن تقود العالم الإسلامي "وهم آخر عفا عليه الزمن"، ففي القرن الحادي والعشرين "تقوم العلاقات بين الدول على الاحترام والمصالح المتبادلة وليس على الهيمنة والاستغلال".
اليونان تستفيد
وبينما تفقد تركيا علاقاتها الجيدة مع اللاعبين العرب الرئيسيين، أصبحت اليونان من ناحية أخرى أقرب إلى السعودية ومصر والإمارات ودول إقليمية أخرى.
فقد حول السياح وجهتهم من تركيا إلى أماكن اليونان، والتي أصبحت مكانًا لا غنى عنه للسائحين العرب، حتى على الجانب العسكري، فإن هناك تعاونا غير مسبوق بين أثينا والعواصم العربية الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك، قبل أيام فقط، تم إرسال طائرات مقاتلة إماراتية إلى اليونان لإجراء مناورات مشتركة مع القوات الجوية اليونانية، وهناك مناورات بحرية في البحر الأبيض المتوسط بين مصر واليونان وقبرص كل عام تقريبًا.
ولفت التقرير إلى أنه في المستقبل القريب "يمكن القيام بالكثير من العمل لتعزيز العلاقات السياسية والتجارية بين اليونان وأصدقائها الإقليميين، الأمر الذي سيعزل أردوغان ويدمر أحلامه التوسعية تمامًا".
علاوة على ذلك، يعد تشكيل جبهة موحدة في واشنطن ضد تركيا خيارًا رائعًا للضغط من أجل فرض عقوبات ضد نظام أردوغان وإجبار نظامه على احترام سيادة الدول.
من المهم أيضًا أن نتذكر أن أي اتفاقيات تجارية متعددة الأطراف وتعاون سياسي بين العرب واليونانيين سيكون على حساب ميزان القوى التركي، ومثل هذه التحركات ستجبر تركيا في النهاية على فهم واقعها على أنها دولة طبيعية معزولة في المنطقة وليست دولة خلافة.
aXA6IDMuMTQ1LjkuMjAwIA== جزيرة ام اند امز