خبراء أوروبيون: تركيا عائق أمام حل سياسي بليبيا.. وسيناريوهان للأزمة
التحركات السياسية الإيجابية تصطدم بحجر عثرة، يتمثل في الخلافات في المعسكر الغربي والنفوذ التركي
خلال الفترة الماضية، اتخذت الأطراف الليبية بعض التحركات الإيجابية شملت اجتماعات في أكثر من مكان، ومحاولات لإيجاد أرضية مشتركة، لكن النفوذ التركي والخلافات داخل المليشيات في الغرب، يجعلان سيناريو الحل السياسي في ليبيا غير واقعي، وفق خبراء أوروبيين.
وفي تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، قال فولفغانغ بوزتاي، رئيس الهيئة الاستشارية للمجلس الوطني للعلاقات الأمريكية الليبية (خاصة): "في الفترة الأخيرة، كانت آفاق الحل السياسي إيجابية نسبيا مقارنة بالسنوات الماضية".
وأوضح أنه "في الأسابيع الماضية، كانت هناك عدة جولات من المحادثات حول مواضيع مختلفة، خاصة تلك التي جرت في المغرب وسويسرا ومصر، وأسفرت عن نتائج مشجعة".
وفي المغرب على سبيل المثال، توصلت الأطراف الليبية إلى اتفاق بشأن تقسيم المناصب العليا في مؤسسات الدولة الرئيسية، ومن بينها مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط والمؤسسة الليبية للاستثمار، وهي أهم الكيانات الاقتصادية في البلاد، وفق الخبير ذاته.
ومن المقرر عقد محادثات سياسية في منتصف أكتوبر/تشرين أول الجاري في جنيف السويسرية، للتفاوض حول عدة أمور بينها تعيين مجلس رئاسي يضم ثلاثة أعضاء يمثلون المقاطعات الثلاث طرابلس وبرقة وفزان.
وعلق بوزتاي على ذلك قائلا "هذا من شأنه، إن حدث، أن يمهد الطريق أمام حكومة انتقالية جديدة تتخذ من مدينة سرت مقرا مؤقتا لها".
الخبير الألماني عاد وقال: "لا يمكن تحقيق الاستقرار الحقيقي في ليبيا إلا عبر نظام سياسي لا مركزي يعطي سلطات متساوية للأقاليم الثلاثة، بسبب الانقسام العميق وانعدام الثقة".
وتابع: "في رأيي، يجب إعادة تفعيل الدستور الليبي الفيدرالي الذي كان يحكم ليبيا في ظل الحكم الملكي، وتعديله قليلا عبر استبدال الملك بالمجلس الرئاسي، وإضافة صيغة لتقاسم عائدات النفط".
لكن هذه التحركات السياسية الإيجابية والمقترحات الطموحة، تصطدم بحجر عثرة، يتمثل في الخلافات السياسية التي تصل إلى حد الاشتباكات في المعسكر الغربي الذي يضم إسلاميين وبعض ممثلي المدن الغربية، وفق بوزتاي، وكذلك النفوذ التركي.
وأكد الخبير الألماني على أنه "لا تزال الحالة الأمنية حساسة للغاية، ولا يتوقع أحد التزاما حقيقيا بوقف إطلاق النار إلا من خلال رقابة دولية قوية تتحقق بتواجد قوات دولية بتفويض من الأمم المتحدة".
ومضى قائلا: "يمكن أن يلعب الاتحاد الأوروبي دورا في رقابة وضمان وقف إطلاق النار رغم أن هذه المهمة محفوفة بالمخاطر بسبب وجود جماعات إرهابية في ليبيا".
واستطرد قائلا: "على أية حال، هناك مجموعة من الجانبين تريد نسف العملية السياسية، كما أن إرادة تركيا لتحقيق الاستقرار السياسي المستدام دون السيطرة بشكل كامل على البلاد، أمر مشكوك فيه".
أما غونتر ماير، رئيس مركز البحث في قضايا العالم العربي في جامعة ماينز الألمانية، فقال لـ"العين الإخبارية" إن "هناك سيناريوهين للأزمة الليبية خلال الفترة المقبلة".
ويتمثل السيناريو الأول في اتفاق الأطراف المتحاربة في غرب وشرق ليبيا على وقف دائم لإطلاق النار ومنطقة منزوعة السلاح تشمل سرت وتؤمنها قوات من الاتحاد الأوروبي، وحكومة انتقالية مع إجراء انتخابات حرة، وهذا هو السيناريو الذي يحلم به الاتحاد الأوروبي، ولكن ليس لهذا السيناريو فرصة في التحول إلى واقع، وفق ماير.
السيناريو الثاني، وفق الخبير الألماني، يتمثل في استغلال الأطراف المحاربة، خاصة المليشيات المدعومة من تركيا في الغرب، أي هدنة مستقبلية في تقوية قواتها عددا وتسليحا، إلى حد يصبح معه استئناف القتال مجددا مسألة وقت، وهذا هو السيناريو الأكثر واقعية.
وتابع: "رغم جولات المباحثات ومؤتمر برلين 2 الذي عقد مؤخرا، لا يمكن توقع أي اختراق في الأزمة، خاصة أن هناك مئات الأطراف ذات المصالح المتعارضة في الداخل الليبي".
وأضاف: "الحكومة في طرابلس منقسمة، وقواتها تتكون من مليشيات بمصالح وأهداف مختلفة وتسعى لتحقيق مصالحها الخاصة وتتلقى دعما تركيا واسعا، وغير مستعدة للتوصل لحلول وسط".
ورغم الجهود الدولية الحثيثة لحل الأزمة الليبية، تواصل تركيا انتهاك حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا منذ عام 2011، حيث تقدم أنقرة دعما كبيرا لحكومة الوفاق غير الدستورية في طرابلس بالعتاد والمرتزقة لمواجهة الجيش الوطني الليبي.
كما تتعمد أنقرة بهذه التصرفات، إجهاض المساعي الدولية الرامية لحل الأزمة الليبية، من ذلك مخرجات مؤتمر العاصمة الألمانية برلين، القاضية بتعزيز مراقبة حظر تصدير السلاح، ونزع سلاح المليشيات.
وإجمالا، نقلت تركيا أكثر من 20 ألف مرتزق سوري إلى ليبيا، إضافة إلى نحو 10 آلاف متطرف من جنسيات أخرى، وفق بيانات المرصد السوري لحقوق الإنسان.
aXA6IDMuMTM3LjE2Mi4yMSA= جزيرة ام اند امز