تناغم تركي روسي يبدد عتمة "البحر الأسود" ويقيم جدار المصالح المشتركة
نظام إقليمي جديد تسعى روسيا وأوكرانيا لإعادة تشكيل معالمه في البحر الأسود، بعد أن أصبحت تلك المنطقة ساحة للمواجهة بين الغرب والشرق.
فمنطقة أوراسيا وخاصة البحر الأسود تكتسب أهمية استراتيجية؛ نظرا لموقعها الذي يتيح الوصول إلى نقاط عديدة في القارة الأوروبية، خاصة دول البلقان وأوروبا الوسطى، وحتى شرق البحر الأبيض المتوسط وجنوب القوقاز.
وقالت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، في تقرير لها، إنه في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي، اكتسبت منطقة البحر الأسود أهمية استراتيجية إضافية؛ نظرا لما توفره من مسارات لنقل الطاقة من بحر قزوين وآسيا الوسطى والشرق الأوسط إلى الاتحاد الأوروبي، مما جعلها تمتاز بأهمية جيوسياسية خاصة بعد عام 2000.
إلا أن منطقة البحر الأسود أصبحت في السنوات الأخيرة، ساحة رئيسية للمواجهة الأيديولوجية الجديدة بين الغرب والشرق، وحلبة للمنافسة بين روسيا والحضارة الغربية، ومنطقة دائمة للصراعات على السلطة، بحسب المجلة الأمريكية، التي قالت إن تلك الأوضاع أثرت على أمن واستقرار منطقة البحر الأسود بعدة طرق.
• واشنطن تطفئ "الضوء الأخضر" لتأشيرات عناصر الحرس الثوري الإيراني
ورغم تجاهل الدول الغربية منطقة البحر الأسود إلى حد كبير منذ نهاية الحرب الباردة، إلا أن روسيا وتركيا عملتا بشكل مكثف لتعزيز قدراتهما السياسية والاقتصادية بها، بل عززت من قدراتهما بهدف بناء نظام إقليمي جديد، بحسب التقرير.
وحول ملامح ذلك النظام الإقليمي الجديد، قالت مجلة "ناشيونال إنترست"، إنه يتسم بتوازن يمكن كلا البلدين من استخدام استراتيجيات دبلوماسية مرنة قائمة على التكامل والاعتراف المتبادل بمجالات النفوذ، والاستعداد لتقديم تنازلات لتحقيق نتائج لكلا مصالح الطرفين.
قواعد مشتركة
وأوضحت أن الهدف الأساسي من هذا التعاون هو صياغة قواعد مشتركة لإدارة هذه العلاقة بشكل جيد، إضافة إلى الأولويات والديناميكيات الإقليمية، والتي من بينها منع زيادة النفوذ الغربي في المنطقة.
وأشارت إلى أن كلا البلدين ينظران إلى نفسيهما على أنهما قوتين إقليميتين عظميين، مؤكدًة أن موسكو وأنقرة تريان في منطقة البحر الأسود جزءاً من خطاب "سياستهما الخارجية".
وبحسب تقرير المجلة الأمريكية، فإنه عقب انهيار الاتحاد السوفيتي كانت الدول الغربية تنظر لتركيا باعتبارها ثقلا "وازنا" لروسيا، وتعدها قادرة على مقاومة التحركات الروسية في منطقة البحر الأسود، مؤكدًا أن تلك الدول اعتقدت أن أنقرة ستشكل "الملف الأمني للمنطقة" وستزيد من الهيمنة الغربية عليها.
تغيرات ديناميكية
إلا أن التغيرات الديناميكية غير المتوقعة في السياسة الخارجية التركية، بعد عام 2007،بانضمام بلغاريا ورومانيا إلى الاتحاد الأوروبي، ووصول محادثات انضمام تركيا مع الاتحاد الأوروبي إلى طريق مسدود، دفعت أنقرة لاتباع سياسة نشطة في البحر الأسود، وجعلها تلعب دورا إقليميا هاما خاصة فيما يتعلق بتحديد هيكل الأمن الإقليمي مع روسيا.
وأوضحت "ناشيونال إنترست"، أنه بعد الحرب الروسية الجورجية عام 2008، أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان معاهدة الاستقرار والتعاون في القوقاز مع روسيا ودول جنوب القوقاز.
ورغم تباين المصالح في سوريا والخلافات الأخرى، إلا أن تركيا وروسيا خططتا بحذر في السنوات الأخيرة حتى لا تلحق إحداهما الضرر بالمصالح المشتركة بينهما في منطقة البحر الأسود.
aXA6IDE4LjExOS4xMzMuMTM4IA== جزيرة ام اند امز