هذه الدروشة التي تتجاوز أحيانا حدود الفنتازيا وتصل للشرك بالله ليست أمراً مستغرباً في الدعاية الأردوغانية التي يعاني من جنونها الأتراك
قبل أيام أثار نائب في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ضجة اجتماعية وغضبا بين المسلمين في بلاده، إثر تشبيهه الرئيس رجب طيب أردوغان بالله سبحانه وتعالى، وهذه ليست نكتة أو مبالغة، فقد قال النائب المدعو «زولفو تولجا أغار» وهو ابن أحد وزراء الداخلية السابقين في كلمة ألقاها خلال اجتماع مع شباب الحزب ما نصه: «عند الحديث عن الرئيس فإنه يبدو لنا مثل الله، صاحب العظمة والمهابة»، موضحاً أنه عندما توجه أردوغان لزيارة مدينتهم ألازيغ اصطفوا بحسب البروتوكول، وبدأوا ينتظرون قدومه إلى المدينة، ليصافحهم واحدا تلو الآخر إلى أن جاء الدور عليه فشعر بحرارة وهيبة بالغة، وفقا لما ذكرت صحيفة «زمان» التركية.
الواضح أن الهوس العثماني الجديد تجاوز حتى مقام الخلافة ووصلت به دروشته الجنونية للحلم بمقام النبوة صعوداً إلى مقام الذات الإلهية، وشر البلية ما يضحك!
هذه الدروشة التي تتجاوز أحيانا حدود الفنتازيا وتصل إلى الشرك الصريح بالله ليست أمراً مستغرباً في الدعاية الأردوغانية التي يعاني من فظاظتها وجنونها الشعب التركي منذ سنوات، بل إن الرئيس أردوغان نفسه سبق وأن شبه نفسه بالرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وقد تم توثيق ذلك بالفيديو حيث ظهر متحدثاً بنفسه عن حكاية الانقلاب المزعوم، وادعى أن المتمردين دخلوا الطائرة التي كان متواجدا بها ولكنهم لم يروه على الرغم من وجوده أمام أعينهم، مشبها ما حدث معه بما حدث مع النبي والصديق في قصة الغار.
الطريف في الأمر أن مثل هذه الدروشة تقود الباحثين عادة إلى اكتشاف ما خلفها، وهو ما حدث مع النائب التركي الذي شبه رئيسه بالله، إذ فُتحت أبواب التساؤلات عن العلاقة التي تجمعه بالرئيس ومدى استفادته منه، ليتبين لاحقاً بحسب وسائل إعلام تركية أن ذلك النائب يتقاضى 15 راتباً من مؤسسات تابعة للدولة.
ما فعله أغار يفعله كل يوم أذناب المشروع الإخواني في العالم وهو المشروع الإرهابي الذي تغذيه حكومة أردوغان بالمال وتوفر له الحماية والدعم اللوجستي، حتى وإن كان ذلك على حساب الشعب التركي الذي يعاني من ظروف اقتصادية مزرية، فالجميع يعلم اليوم أن مقدرات تُركيا تُصرف على أتباع وحلفاء حزب العدالة والتنمية داخل الدولة وخارجها حتى وصل الأمر لدعم أذناب الحزب في ليبيا بالطائرات والأسلحة فيما يكدح المواطن التركي البسيط بحثاً عن لقمة العيش، وقد يضطر للهجرة من بلاده بسببها ليحل محله ويستفيد من ثروة بلاده أحد الإرهابيين الموالين للمشروع الإخواني، وقد أشرت في مقالات سابقة إلى أن حكومة تركيا عملت لسنوات على جعل الأراضي التركية وطناً بديلاً للإرهابيين العرب الفارين من دولهم بعد إدانتهم في قضايا أمنية، ففي إسطنبول وحدها يتم توفير الدعم والتسهيلات المالية اليوم لأكثر من 800 شخص من أصول عربية يعملون في وسائل إعلام معارضة لدولهم، وفي ذات الوقت يسبحون كل ساعة بحمد الرئيس أردوغان وهذا ليس أمراً عشوائياً بل هو مشروع متكامل من هندسة ياسين أقطاي مستشار أردوغان نفسه، وهو الرجل الذي خرج يوماً زاعماً أن حزب العدالة ليس لديه مشروع سياسي في المنطقة تحت عنوان «إعادة إحياء خلافة العثمانيين»، لكن الواضح أن الهوس العثماني الجديد تجاوز حتى مقام الخلافة ووصلت به دروشته الجنونية للحلم بمقام النبوة صعوداً إلى مقام الذات الإلهية، وشر البلية ما يضحك!
نقلاً عن "عكاظ"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة