البيان البكائي التركي يستند للقفز على الحقائق بادعاء أن سفارة تركيا في الرياض لم يردها اتصال من سائح تعرض لمشكلة هناك
لطالما سمع كثير من الناس عبارة «دموع التماسيح» باعتبارها مقولة جرت مجرى المثل في وصف البكائيات الخادعة والاحتيالية، لكن قليلاً منهم يعرف أن هذه حقيقة علمية مسجلة ومشاهدة في الطبيعة، إذ تشتهر معظم التماسيح المفترسة باستخدام أسلوب النحيب والبكاء أحياناً لكي تستدرج فريستها إلى حتفها وتستمر في ذرف الدموع حتى وهي تلتهمها.
لا أفهم حقيقة كيف سمحت هذه السفارة لنفسها أن تخاطب الجمهور السعودي بشكل مباشر لا يمت للدبلوماسية بأي صلة، لكن هذا إن دل على شيء فيدل على صحة التحذيرات ووجاهة دعوات المقاطعة للسياحة التركية
تذكرت مقولة «دموع التماسيح» وأنا أقرأ البيان الذي نشره حساب في تويتر باسم «سفارة تركيا في الرياض»، متضمناً بكائية طويلة تحاول التشكيك في صدقية تقارير وسائل الإعلام عن خطورة السياحة في تركيا، وتحاول كذلك القفز على مواقف وكالات السفر التي ألغت رحلاتها إلى المدن التركية خوفاً على سلامة عملائها، بل تتجاوز بكائية السفارة كل ذلك إلى محاولة تكذيب روايات المواطنين الخليجيين الذين تحدثوا عن تجاربهم المريعة في إسطنبول، ولا أفهم حقيقة كيف سمحت هذه السفارة لنفسها أن تخاطب الجمهور السعودي بشكل مباشر لا يمت للدبلوماسية بأي صلة، لكن هذا إن دل على شيء فيدل على صحة التحذيرات ووجاهة دعوات المقاطعة للسياحة التركية، فارتفاع مستوى الوعي السياحي لدى الخليجيين بعد نجاتهم من تجاربهم السيئة في المدن التركية تسبب كما هو واضح في تألم سياحة تركيا، حتى خرجت سفارتها باكية في العلن.
المضحك حقاً و(شر البلية ما يضحك) أن البيان البكائي التركي يستند في محاولته البهلوانية للقفز على الحقائق إلى ادعاء بأن سفارة تركيا في الرياض لم يردها اتصال من سائح تعرض لمشكلة هناك، وهذه ليست نكتة، فالسادة في سفارة أنقرة داخل السعودية يعتقدون أن السائح السعودي الذي يُسرق أو يُعتدى عليه أو حتى يعتقل وتلفق له التهم وربما يُقتل برباط سرواله (كما حدث للسائح العربي المرحوم زكي يوسف قبل أيام) ينبغي أن يتصل بها ليبلغها بذلك، وإلا فإن الحكاية مكذوبة والعالم كله يحاول الإضرار بالسياحة التركية.
من الواضح أن مُصدر البيان البكائي التركي لا يجيد القراءة ولا يستمع لنشرات الأخبار، وربما يعيش في غيبوبة أو يظن أن السعوديين كذلك، وإلا لأدرك أن تعالي نسب الجريمة وانعدام الأمن في تركيا جعل الدول في شرق العالم وغربه تحذر مواطنيها باستمرار من السفر إليها، ففي 16 فبراير من هذا العام حذرت وزارة الخارجية الأمريكية مواطنيها من السفر إلى كافة المدن في تركيا، محذرة الموجودين فيها من خطورة الاقتراب من المناطق السياحية ووسائل المواصلات العامة ومراكز التسوق والإدارات العامة والأماكن الرياضية.
وقبل ذلك بأيام جددت الصين تحذير مواطنيها من خطر الوجود في مناطق تركية، بعد أن نشرت السفارة الصينية في أنقرة 6 تحذيرات أمنية تخص تركيا خلال عام 2018 فقط.
وفي 9 مارس من هذا العام أصدرت ألمانيا تحذيراً مشدداً لمواطنيها من السفر إلى تركيا، وهو الشيء ذاته الذي فعلته هولندا قبل ذلك بعام، إذ طالبت رعاياها بتوخي الحيطة والحذر في جميع أنحاء تركيا، وتجنب التجمعات والأماكن المزدحمة، ولا ننسى هنا أن نترحم على أرواح المواطنين السعوديين الخمسة الذين قُتلوا غيلة في مطعم في إسطنبول مطلع 2017ن بعيداً عن دموع السفارة التركية في الرياض.
نقلاً عن "عكاظ"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة