تأهب وتوتر وتلويح بالرد.. "جبهة دولية" ضد تدخلات أردوغان
الدول انتقلت من التنديد إلى التحذير فالتلويح بالرد العسكري، ضمن جهود تتوحد بشكل متسارع لتحجيم توسع أنقرة وإجهاض مشروعها
تتشابك خارطة التفاعلات الدولية وتتوحد رفضا للتدخلات التركية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق المتوسط، لترسم جبهة بوجه عدوان بات يهدد أمن العالم بأسره.
تدخلات بمستوى انتهاكات تضرب القوانين والقرارات الدولية، وتؤجج الصراعات وتزرع فوضى غالبا ما تتخذها أنقرة جسرا للتغلغل وإشعال نيران التوتر بالمنطقة المستهدفة.
وأمام الاندفاع التركي غير المحسوب، بدأ منسوب قلق الدول يرتفع ويمر من التنديد إلى التحذير فالتلويح بالرد العسكري، ضمن مساع تتوحد بشكل متسارع لتحجيم توسع أنقرة وإجهاض مشروعها بإحياء أمجاد الإمبراطورية العثمانية البائدة على أنقاض سيادة الدول.
- أطماع الطاقة.. متلازمة تركيا في ليبيا وشرق المتوسط
- ماراثون دبلوماسي يوناني للحشد ضد أطماع تركيا في المتوسط
شرق المتوسط
وزارة الجيوش الفرنسية أعلنت، الخميس، أن فرنسا أرسلت مؤقتا مقاتلتين من طراز "رافال" وسفينتين إلى شرق البحر المتوسط، وسط التوتر المتصاعد بين اليونان وتركيا بشأن التنقيب عن الغاز.
وليل الأربعاء/الخميس، انضمت الفرقاطة "لا فاييت" في البحر المتوسط إلى حاملة المروحيات "تونير" التي كانت في طريقها إلى لبنان لتقديم المساعدة عقب انفجار بيروت الضخم.
وقبلها بساعات، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعزيز الوجود العسكري الفرنسي مؤقتا في شرق المتوسط الأيام المقبلة، في خطوة تأتي بعد أيام من انتقاده بشدة "انتهاك" أنقرة للسيادة اليونانية والقبرصية بشأن التنقيب عن موارد الغاز بالمنطقة.
ورغم التحذيرات الأوروبية، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يصر على التشبث بنهج التعنت والتحدي، حيث أرسلت أنقرة الإثنين سفينة "عروج ريس" للمسح الزلزالي ترافقها سفنا حربية قبالة شواطئ جزيرة كاستيلوريزو اليونانية شرق المتوسط.
وتعقيبا على الخطوة التركية، لم يستبعد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس "الرد على أي استفزاز"، مؤكدا أن "أثينا لا تسعى إلى التصعيد".
وفي غضون ذلك، بحث وزير خارجية النمسا ألكسندر شالينبرج، الخميس، مع نظيره اليوناني نيكوس ديندياس الاستفزازات التركية في شرق المتوسط.
ووفق إعلام نمساوي، أطلع الوزير اليوناني، خلال اتصال هاتفي، نظيره النمساوي على الخروقات التركية بمياه المتوسط.
كما أشار إلى أن الوزير اليوناني سيصل فيينا، غدا الجمعة، بالتزامن مع زيارة يجريها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو للنمسا، من المنتظر أن يتم خلالها بحث الانتهاكات التركية بالبحر المتوسط.
تنسيق دولي والعراق يلوح بالرد
وفي خطوة حاسمة، وقعت مصر واليونان، مؤخرا، اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، التي تحدد المناطق الاقتصادية الخالصة بين الجانبين، في تطور مشابه لما قامت به أثينا مع روما في وقت سابق.
تفاهمات وتنسيق يؤشر إلى اتجاه العديد من الدول المتضررة من الخروقات التركية لوضع بيئة قانونية تنظم الاستفادة الكاملة من الثروات، وتضع حدا لأطماع أنقرة الرامية لفرض أهدافها من خلال توقيع اتفاقية للتفاهم مع مليشيات العاصمة الليبية في محاولة لشرعنة وجودها.
ومن شرق المتوسط، تعود حمم الانتهاكات التركية لتطال العراق الذي أعلنت أنقرة استمرار عملياتها العسكرية على أراضيه، فيما تلوح بغداد بالرد عسكريا لكبح الاستفزازات.
والثلاثاء، أعلن الجيش العراقي مقتل 2 من حرس الحدود وسائقهما في ضربة جوية تركية شمالي البلاد، واصفا الهجوم بـ"الاعتداء السافر".
وتعقيبا على الاعتداء، أكدت قيادة العمليات المشتركة العراقية، الخميس، أن القوات الأمنية لديها القدرات العسكرية للدفاع عن أمن البلاد ضد أي اعتداءات خارجية.
وفي تصريحات نقلها إعلام عراقي رسمي، اعتبر المتحدث باسم القيادة اللواء تحسين الخفاجي، أن "ما قامت به تركيا باستهداف ضباط عراقيين أثناء تأدية واجبهم في قيادة قوات حرس الحدود،تصرف خطير يمثل نوعا من العدوانية ضد السيادة العراقية".
وأضاف الخفاجي أن قيادة العمليات المشتركة، "بدأت بالتشاور على مستوى عال مع وزارتي الدفاع والداخلية ومع القيادات العسكرية في إقليم كردستان، لمناقشة تداعيات الاعتداءات التركية المتكررة على الأراضي العراقية".
ولفت إلى أن "هناك تعليمات ووصايا قد تصدر من قبل القائد العام للقوات المسلحة بهذا الشأن"، ما قد يدق ناقوس رد عسكري وشيك على الانتهاكات التركية للأراضي العراقية.
وفي أولى ردود الأفعال العربية، أكد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، الأربعاء، وقوف الإمارات مع العراق ضد الانتهاكات التركية المستمرة لسيادته.
وأضاف قرقاش، في تغريدة عبر "تويتر"، أن "موقفنا ثابت في رفض التدخلات الإقليمية في الشأن العربي"، مشددا على أن العلاقات السوية بين الدول يجب أن تقوم على الاحترام الكامل للسيادة وعدم التدخل في الشأن الداخلي.
نيران أردوغان تصل لبنان
لبنان الغارق في أزمته على خلفية انفجار مرفأ بيروت، لم يسلم بدوره من هوس أردوغان المتطلع إلى كعكة النفط والإعمار على أنقاض نكبة بيروت.
متدثرون بعباءة إنسانية كاذبة، قفز المسؤولون الأتراك على الحدث، وقال فؤاد أقطاي نائب أردوغان إن "تركيا مستعدة لإعادة بناء مرفأ بيروت من جديد".
وأضاف أن "ميناء مرسين سيكون في خدمة التخليص الجمركي والتخزين بديلًا لمطار ومرفأ بيروت حتى لا تتوقف الأنشطة التجارية اللبنانية"، في تصريحات شبهها ناشطون لبنانيون بـ"الصيد في المياه العكرة".
مناورات خفية ترمي للحصول على موطأ قدم للتغلغل في لبنان، بما يمكن أنقرة من دعم رصيدها في أي ترتيبات للملف السوري، ويفتح مجالات تعاون لها مع إسرائيل، خصوصا في حال نجحت أنقرة باستغلال لبنان لتحقيق مطامعها في غاز شرق المتوسط.
عين أردوغان أيضا على غاز لبنان الذي يتطلع لسرقته مثلما فعل في سوريا والعراق، ضمن مخطط سماه "تضمين الغاز اللبناني والجغرافيا التركية"، المشروع الذي قدم من خلاله عرضا ببناء خط مشترك تركي لبناني لتصدير النفط والغاز إلى أوروبا، سعيا نحو بناء خط متوسطي بديل لخط "إيست ميد" الذي سيمتد من قبالة سواحل إسرائيل وقبرص واليونان ليصل إلى جنوبي إيطاليا.