أطماع الطاقة.. متلازمة تركيا في ليبيا وشرق المتوسط
فتحت تركيا اعتبارا من مطلع العام الجاري، باب الاستغلال واسعا للثروات الطبيعية التي يزخر بها البلد العربي (ليبيا)
بذريعة استغلالها اتفاقا عاريا من الشرعية الدولية مع حكومة الوفاق الليبية، فتحت تركيا اعتبارا من مطلع العام الجاري، باب الاستغلال واسعا للثروات الطبيعية التي يزخر بها البلد العربي الأفريقي، تمهيدا للاستيلاء عليها.
وتظهر تطورات العلاقة بين تركيا وحكومة الوفاق، أن أردوغان لم يكتف بتصدير الإرهاب إلى ليبيا لحماية بقاء السراج في السلطة.
بل امتدت أطماعه إلى إعلان وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، في تصريحات صحفية، الشهر الماضي، بأن بلاده "ستبدأ البحث والتنقيب في جزء من شرق المتوسط، وفقا لاتفاقية مع ليبيا"، قائلا: "مستعدون للعمل مع شركات من دول أخرى".
وبدأت تركيا خلال منذ مطلع العام الحالي، التنقيب عن مصادر الطاقة التقليدية في شرق المتوسط، وبالتحديد في مياه يعود جزء منها إلى ليبيا والمساحات المتبقية لم يزل خلاف دولي عليها، إيذانا من أنقرة ببدء نهب الثروات الطبيعية في البحر المتوسط، مستغلة الصراع الدائر في ليبيا.
تصريحات الوزير التركي لا تعكس في خفاياها إلا أن أردوغان يبحث عن غطاء لتحويل نهب ثروات ليبيا إلى عمل مشروع بحسب خبراء أكدوا أن تركيا لا تهدف من التدخل في الشأن الليبي إلا الثروة والنفط، عبر التظاهر بحماية مصلحة البلاد.
سحب البساط
وتهدف تركيا من اتفاقيتها الاقتصادية مع ليبيا الموقعة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلى سحب بساط الثروة الطبيعية الليبية، نحو تركيا، الفقيرة في قطاع مصادر الطاقة التقليدية، في وقت يواجه فيه الليبيون حاجة ماسة لاستغلال مواردهم.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وقعت ليبيا وتركيا اتفاقا بشأن الحدود البحرية في البحر المتوسط، الذي شكل بداية نزاعات بين أنقرة ودول مشتركة في الحدود البحرية، حيث لم تذكر أنقرة أين تلتقي الحدود البحرية بين تركيا وليبيا.
وتركيا البلد الفقير في مجال الطاقة التقليدية، سعت منذ 2014 إلى البحث عن موارد شبه مجانية للنفط الخام، من خلال عقد تحالفات وشراكات، هدفها الحقيقي توفير حاجتها من الوقود بأسعار تقل عن السوق العالمية لمصادر الطاقة.
وبحسب بيانات هيئة الإحصاء التركية واطلعت عليها "العين الإخبارية"، تبلغ واردات الطاقة التركية سنويا، 40 - 45 مليار دولار أمريكي، وهو نقد أجنبي تحاول أنقرة إبقاءه داخل الأسواق، بالتزامن مع شح وفرة النقد الأجنبي داخل قنواتها الرسمية.
بينما ليبيا، العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، يبلغ متوسط إنتاجها في الوضع الطبيعي، 1.6 مليون برميل يوميا حتى عام 2009، بينما بلغ كمتوسط يومي في 2019، نحو 1.23 مليون برميل، بحسب بيانات المنظمة.
كذلك، تنتج ليبيا الغاز الطبيعي بحجم 2 مليار قدم مكعبة سنويا، عبر شركة مليتة عن طريق شركة حقلي الوفاء ومنصة صبراتة البحرية، إضافة إلى شركة سرت للنفط والغاز التي تنتج للاستهلاك المحلي.
ووفق بيانات منظمة "أوبك" في 2019، فإن ليبيا تحتل المرتبة الخامسة عربيا باحتياطي نفطي يبلغ حوالي 48.36 مليار برميل، بينما يبلغ احتياطي ليبيا من الغاز 54.6 تريليون قدم مكعبة، يضعها في المرتبة 21 عالميا من الاحتياطات.
وحاولت تركيا منذ سنوات، البحث عن مصادر رخيصة للطاقة لتوفير حاجتها المحلية، عبر اتفاقيات وشراكات اقتصادية وثقافية وتجارية، مع بلدان، مثل تونس والجزائر، ومؤخرا ليبيا والصومال، وكلها بلدان إفريقية.
إلا أن إعلان تركيا التنقيب عن النفط والغاز في مياه شرق المتوسط، سيدفع نحو اعتراضات من بلدان تشترك في الحدود المائية مع ليبيا، ومنها قبرص التي تواجه معركة مع تركيا التي تجاوزت حدودها في التنقيب، إضافة إلى اليونان وإيطاليا.
والشهر الماضي، أكد وزير الخارجية في الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الهادي الحويج، أنه تم الاتفاق مع الجانب اليوناني على دراسة إعادة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، مشيرا أن بلاده تواجه تحديات مشتركة مع اليونان، تتمثل في العدوان التركي.
إلا أن التنقيب التركي عن الطاقة، يفتح الباب أمام خبرة أنقرة (المستهلك الصافي للنفط)، في مجالات الدراسات المسحية والجيولوجية والتنقيب، إذ سبق وأن فشلت أنقرة في اختيار مواقع محلية للتنقيب.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، فاجأت وسائل إعلام تركية الرأي العام المحلي بمعلومات حول قيام السلطات التركية المختصة في مجال التنقيب عن الطاقة في البلاد، بأعمال البحث في أماكن خاطئة، بعيدة عن المناطق الفعلية.
ونقلت صحيفة "سوزجو" التركية عن "دوغان إيدال" أستاذ الهندسة الجيولوجية، قوله إن عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي تتم بشكل خاطئ وفي المكان غير الصحيح في شرق البحر الأبيض المتوسط، ما يعني تكبد تركيا تكاليف باهظة.
aXA6IDMuMTQ0LjIzNS4xMzgg جزيرة ام اند امز