ما يقوم به النظام التركي حاليًّا مثل "الذي يحفر قبره بيده"؛ إذ كل يوم تزداد مشاكل هذا النظام مع دول العالم
الأيام الماضية شكلت منعطفا خطيرا وسابقة فريدة من نوعها على ما تعيشه العلاقات التركية الأوروبية؛ إذ ارتفعت الأصوات الأوروبية على ضرورة إيقاع العقوبات على تركيا، وذلك على خلفية تدخل النظام التركي في شرق المتوسط، لقد وصلت التدخلات إلى شكل قد يصل إلى وقوع حرب حقيقية في شرق المتوسط بين النظام التركي واليونان، والتي من جانبها رفعت تأهب قواتها تحسباً لوقوع اشتباكات عسكرية.
كان اللافت بالموقف الأوروبي هو ما صرح به الرئيس الفرنسي "ايمانويل ماكرون" الذي طالب الاتحاد الأوروبي بمعاقبة تركيا لتدخلها في المتوسط، وذلك نظير تدخلات النظام التركي غير المقبولة، تارة قيام النظام بالتعقيب عن الغاز في قبرص بشكل يعتبر انتهاكا لما تم الاتفاق عليه دوليا هناك، وتارة أخرى تدخله في اليونان، وباتت تركيا الآن تمثل خطراً على أوروبا عبر تدخلها في دولة اليونان عضو الاتحاد الأوروبي، ولو قمنا بربط الأحداث ببعض فسنجد أن هناك تراكمات كبيرة شكلتها السياسة التي ينتهجها النظام التركي ضد أوروبا؛ سابقا عندما قام بابتزاز أوروبا لتدفع المليارات وإلا سوف يقوم بترحيل ملايين اللاجئين السوريين من تركيا إلى أوروبا، ونتج عن ذلك أن حصل النظام التركي المليارات من أوروبا.
ما يقوم به النظام التركي حاليًّا مثل "الذي يحفر قبره بيده"؛ إذ كل يوم تزداد مشاكل هذا النظام مع دول العالم، فخسر الشرق والغرب والعرب، وخسر قبل ذلك أصدقاء وحلفاء النظام التركي
أيضاً في موقف لا يقل خطورة قام النظام التركي بحرب ظالمة ضد "الأكراد" في سوريا، مما أغضب أوروبا والتي رفضت بشدة قيام تركيا بمحاربة الأكراد،
وكذلك موقف إرسال النظام التركي "آلاف المرتزقة" جلهم يتبعون الجماعات المتطرفة إلى ليبيا والتي تعتبر قريبة جغرافيًّا إلى أوروبا، إذ تخشى أوروبا من انتقال هذه الجماعات من ليبيا إلى داخل أوروبا مما يجعل أوروبا أقل أمناً، خاصة أن مشروع النظام التركي لن يكتفي بالسيطرة على ثروات ليبيا فقط بل لدول أخرى بالقارة الأفريقية.
وكي نضع النقاط على الحروف، فإن ما يقوم به النظام التركي حاليًّا مثل "الذي يحفر قبره بيده"؛ إذ كل يوم تزداد مشاكل هذا النظام مع دول العالم، فخسر الشرق والغرب والعرب، وخسر قبل ذلك أصدقاء وحلفاء النظام التركي، وهذه –في رأيي-لها تداعيات خطيرة على اقتصاد تركيا على المدى القصير والطويل، إذا ما علمنا أن اقتصاد تركيا قائم على "الصناعة" وبيع البضائع إلى دول العالم، والأمر نفسه على "السياحة"، لذلك من المعروف أن تركيا دخلت في منزلق خسارة دول وشعوب بالعالم عبر تدخلاتها المرفوضة، الأمر الذي سيجعل تلك الدول تقاطع البضائع والسياحة إلى تركيا، مما يتسبب بضرر بالغ على اقتصاد تركيا.
مما لا شك فيه لقد باتت تركيا الآن تشكل خطراً على الأمن والسلم الدوليين عبر تدخلات عسكرية في دول أخرى، وخلق مزيداً من الصراعات كي تعيش المنطقة فوضى لا نهاية لها، حيث نجد أن النظام التركي بات قريباً من الدخول في ثلاث جبهات عسكرية في وقت واحد:
أولا: عملياته العسكرية التي لا تتوقف في سوريا ضد الأكراد وأحيانا في العراق.
ثانيا: باتت تركيا قريبة جدًّا من الدخول في حرب مع مصر، خاصة بعد أن توعد الجيش المصري حال تم تجاوز الخط الأحمر في مدينة "سرت" أو "الجفرة" في ليبيا، سوف تتدخل مصر بناء على طلب شيوخ وأعيان ليبيا عسكريا، وهذا ينذر بوقوع حرب متوقعة بين تركيا ومصر.
ثالثا: باتت تركيا قريبة جدًّا من الدخول في حرب مع جارتها اليونان؛ إذ وصلت الأمور الآن لدرجة عالية الخطورة بين الطرفين.
وطبعا هذا النهج التركي له ترجمة حقيقية واحدة عنوانها: فتحت تركيا على نفسها جبهات صعب إغلاقها، وكشفت للعالم أجمع حقيقة مشروعها التوسعي في ليبيا والمتوسط وسوريا؛ إذ أصبح النظام التركي الآن لا يقل خطورة عن النظام الإيراني.. اللافت للانتباه أن الوضع الاقتصادي التركي يزداد صعوبة أكثر من أي وقت مضى، ومع ذلك يحاول النظام التركي عبر تدخلاته الخارجية سحب الأضواء أمام فشله الاقتصادي بالداخل التركي عبر تدخلات عسكرية في دول أخرى، وهذا الأمر يزيد من فقدان دول العالم الثقة بالنظام التركي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة