"المركزي التركي" تائه بين خفض التضخم وتحفيز الاقتصاد
لم يسفر اجتماع لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي التركي، الخميس، عن اتخاذ قرار بشأن مستقبل أسعار الفائدة في ظل تسجيل نسب تضخم مرتفعة.
وقال البنك المركزي التركي في بيان، حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منها اليوم، إن لجنة السياسة النقدية قررت إبقاء أسعار الفائدة ثابتة عند 17% دون تغيير عن القراءة السابقة.
واعترف البنك المركزي أن النشاط في قطاعات الخدمات والقطاعات الإنتاجية، والشكوك المحيطة بالتوقعات على المدى القصير، يسيطر عليها السلبية والتباطؤ مقارنة مع الفترة التي سبقت تفشي جائحة كورونا.
- الليرة التركية تهوي مجددا.. المستثمرون يهرعون إلى الدولار "الآمن"
- إنذار أوروبي أخير لتركيا.. أنقرة تقترب من القائمة السوداء
وذكر البنك أن الآثار التراكمية للنمو الائتماني المرتفع أثناء الوباء، تؤثر سلبا على ميزان الحساب الجاري؛ في إشارة أإلى ارتفاع الديون المستحقة على البلاد، خاصة الديون السيادية.
ويظهر قرار البنك المركزي التركي حالة من التخبط في آلية التعامل مع الضغوطات الاقتصادية التي تشهدها البلاد منذ 2018، وارتفع حدتها مع تفشي جائحة كورونا، وانهيار أسعار صرف العملات، والتي قادت التضخم لمستويات صاعدة.
مطلع الشهر الجاري، قالت هيئة الإحصاء التركية، إن التضخم في يناير الماضي قفز 14.97% على أساس سنوي، وصعد 1.68% مقارنة مع ديسمبر/ كانون الأول 2020، و12.53% على أساس متحركات الاثني عشر الماضية.
وتستخدم البنوك المركزي أسعار الفائدة صعودا، لخفض أسعار الفائدة في البلاد، إلا أن قرارا تركيا صدر على مرحلتين خلال الشهور الأربعة الماضية برفع الفائدة من 10%، لم ينجح في كبح جماح أسعار المستهلك.
وأسعار المستهلك المسجلة تعتبر الأعلى منذ أغسطس/ آب 2019، بحسب تتبع "العين الإخبارية" لبيانات التضخم المنشورة على موقع هيئة الإحصاء في البلاد.
كما يتزامن الإبقاء على أسعار الفائدة، بينما الليرة متراجعة 23% مقابل الدولار منذ بداية العام الجاري لأسباب على رأسها مخاوف إزاء نفاد احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي والتدخلات المكلفة في سوق الصرف وارتفاع طلب الأتراك على العملات الصعبة.
ومؤخرا، ارتفعت عمليات "الدولرة" في السوق التركية من جانب المتعاملين أفرادا وشركات، بفعل ضعف ثقتهم بالعملة المحلية، التي أدى تراجعها الحاد خلال العام الجاري إلى تآكل ودائع المواطنين، مع تغيرات أسعار الصرف.
وتعتبر أسعار الفائدة الحالية مرتفعة، وتصعب الاستثمار في السوق المحلية، كما أن فرص زيادة السيولة المالية من خلال الاقتراض ستتراجع، كما ستتراجع فرص الاقتراض لغرض الاستثمار الجديد أو توسيع الاستثمار القائم بفعل ارتفاع تكلفة الإقراض، ما ينعكس بالمحصلة سلبا على التوظيف، وجاذبية البيئة المحلية.
كما سيدفع قرار الإبقاء على سعر فائدة مرتفع، أصحاب الودائع إلى الحفاظ على أموالهم داخل البنوك، مع وجود سعر فائدة مشجع، وهو بالمحصلة نتيجة طبيعية لضعف وفرة السيولة خارج القطاع المصرفي وبالتالي ضعف الاستهلاك.
وما يزيد من تخوفات البنك المركزي التركي، أن الأسعار في السوق المحلية مرتفعة على الرغم من تراجع الاستهلاك الناجم عن التبعات السلبية لتفشي فيروس كورونا، إذ سجلت أسعار الغذاء العالمية (تشكل قرابة ثلث سلة المستهلك)، تراجعات حادة خلال العام الماضي، قبل أن ترتفع هذا العام.
وفي الوقت الحالي، تعاني تركيا من ارتفاع تكاليف الإنتاج، بسبب ارتفاع مدخلات الإنتاج وصعود معدل أجور الأيدي العاملة، ما يعني أن كبح جماح التضخم مرتبط بشكل رئيس بوقف هبوط العملة المحلية مقابل النقد الأجنبي.