خبراء: انتكاسة أردوغان الانتخابية تبدد الأمل في إصلاح اقتصاد تركيا
بعد انهيار الليرة، يقول اقتصاديون إن تركيا تحتاج إلى تقديم التزامات طويلة الأجل لزيادة الصادرات وتخفيف أعباء الشركات المثقلة بالديون.
كان للخسائر التي مُني بها الرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات المحلية أثرها السلبي على آمال المستثمرين في أن تتبنى تركيا إصلاحات صعبة يقولون إنها ضرورية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
فقد أظهرت النتائج الأولية أن حزبه العدالة والتنمية الذي يتولى الحكم في البلاد منذ عام 2002 فقد السيطرة على العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول التي تعد المركز الاقتصادي الرئيسي في تركيا في الانتخابات التي جرت في 31 مارس/آذار.
ومن المتوقع هذا الأسبوع أن يعلن وزير المالية بيرات البيرق، وهو زوج ابنة أردوغان، للمستثمرين الأجانب الذين انتابهم القلق، الإصلاحات الهيكلية التي يأمل من خلالها في تنشيط اقتصاد نُكب بارتفاع التضخم وهشاشة العملة.
وبعد أزمة العملة التي فقدت فيها الليرة في العام الماضي قرابة 30% من قيمتها يقول اقتصاديون إن تركيا تحتاج إلى تقديم التزامات طويلة الأجل من أجل زيادة الصادرات وتخفيف أعباء الشركات المثقلة بالديون وتحرير البنك المركزي من القيود لأداء مهامه.
وعشية الانتخابات، قال أردوغان الذي شن حملة دعاية مكثفة قبل بدء التصويت إن حزب العدالة والتنمية سيوجه تركيزه من جديد للاقتصاد.
تشكيك
غير أن كثيرين من المحللين يتشككون في إمكانية طرح خطة إصلاح شاملة، لا سيما بعد الانتخابات ويخشون أن يختار حزب العدالة والتنمية بدلا من ذلك تدابير تحفيزية قصيرة الأجل تخفق في معالجة نقاط الضعف الأعمق بل وربما تؤدي إلى تفاقمها.
وقال جيوم تريسكا، كبير خبراء استراتيجيات الأسواق الناشئة لدى بنك كريدي أجريكول: "قاعدة حزب العدالة والتنمية تريد إجراءات مواتية للنمو وتريد المزيد من التدابير المالية وتريد خفض التضخم. وهذا بالضبط ما فعله (الحزب) قبل الانتخابات وسيضطر لمواصلته إذا كان (أردوغان) يريد الحفاظ على شعبيته".
وأضاف: "لا أتوقع إصلاحات ملموسة. سيقتصر الأمر على الكلمات".
انكماش
ومن أسباب المشكلة الاقتصادية في تركيا اعتمادها لسنوات على التمويل الخارجي الرخيص الذي غذى ازدهارا قائما على قطاع البناء. وما إن انهارت الليرة حتى وجدت الشركات أنها لا تقدر على سداد الديون وأدى ذلك إلى تعريض مؤسسات الإقراض والعاملين في الشركات للعجز عن سداد الالتزامات والإفلاس.
ومع دخول الاقتصاد حالة ركود في العام الماضي استقرت الليرة وانخفض التضخم قليلا من أعلى مستوياته في 15 سنة والذي بلغ 25% الأمر الذي أتاح شيئا من الاسترخاء.
غير أن سلسلة من الإجراءات الخاصة أججت مخاوف المستثمرين من ألا تكون تركيا ملتزمة التزاما كاملا بالسماح لعملتها بالتعويم الكلي أو للبنك المركزي بالعمل على الحفاظ على ارتفاع أسعار الفائدة، والتي تبلغ 24% منذ سبتمبر/أيلول، طوال الفترة الضرورية لخفض التضخم من مستوى 20 %.
التضخم
وللتخفيف من معاناة الأتراك هذا العام افتتحت الحكومة مراكز لبيع الخضر والفاكهة بأسعار مخفضة، ومددت العمل بتخفيضات ضريبية على بعض السلع. ولمعالجة انخفاض الليرة في الشهر الماضي أمرت الحكومة البنوك بتقليل التمويل المتاح بالليرة لسوق الصرف الأجنبي في لندن واغترفت من احتياطيات البنك المركزي.
وقال نهاد بولنت جولتكين، محافظ البنك المركزي السابق والأستاذ حاليا بجامعة بنسلفانيا: "يبدو أن هذه هي غريزة البقاء المميزة لأردوغان".
وأضاف: "لا أعتقد أن لديهم أي أهداف طويلة الأجل. فهذا يتطلب تركيزا متواصلا على الاقتصاد لفترة مطولة من الوقت".
تصنيف
لم يكشف وزير المالية البيرق عن تفاصيل تذكر عن الإصلاحات المقبلة، واكتفى بالقول إنها ستتناول عددا كبيرا من المشاكل.
وقالت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية إن مصداقية وفاعلية الإصلاحات ستكون أساسية لتصنيف تركيا الائتماني الذي خفضته في أغسطس/آب من العام الماضي.
وأضافت: "ثمة خطر أن تشرع الحكومة في برامج تحفيزية أكثر كلفة في الوقت الذي تبدأ فيه بالتسليم بمدى الركود الاقتصادي".
ويقول مستثمرون واقتصاديون إن أنقرة بحاجة إلى خطة لرفع رأسمال البنوك التي تتعامل مع إعادة هيكلة الشركات والقروض المتعثرة والتي يمكن أن تتجاوز مثليها هذا العام.
ويقولون إن عليها أيضا أن تدعم قطاعات التصدير التنافسية مثل السيارات وصناعة المنسوجات من أجل خفض العجز السنوي في ميزان المعاملات الجارية والذي يجعل الاقتصاد معتمدا على تدفقات أجنبية سمتها المضاربة.
وقالت سيلفا دميرالب الأستاذة بجامعة كوج في إسطنبول: "نحن نحتاج إلى توفير التدريب المناسب والدعم المناسب للقطاعات المناسبة".
بطالة
وأضافت أن الإصلاحات ستستغرق وقتا "وسيكون هناك ثمن يتعين دفعه لأنه عندما يتغير هيكل الإنتاج سيصبح بعض الناس عاطلين عن العمل".
وقال ماتيس من رابوبنك إنه يجب أن يشرف صندوق النقد الدولي على الإصلاحات لاستعادة ثقة المستثمرين، وذلك رغم أن هذا الخيار مستبعد بالنسبة لأردوغان الذي كرر أكثر من مرة أن تركيا لا تحتاج إلى الصندوق.
وأضاف أن "عرضا على برنامج باور بوينت (من جانب البيرق) مع شرائح تزعم أن الاقتصاد سيعود للتوازن بسرعة وبعض النقاط الرئيسية قد لا تكفي لاستعادة الثقة بين المستثمرين".