"البيت التركي".. كيف يخترق أردوغان المجتمع السياسي الألماني؟
يستخدم مؤيدو أردوغان في ألمانيا مصطلح البيت التركي ضد معارضي نظام أردوغان من الألمان ذوي الأصول التركية
انتشرت في الآونة ظاهرة تحول سياسيين ألمان عن الديمقراطية إلى دعم دكتاتورية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
هذه الظاهرة مرتبطة بالسياسيين الألمان من أصول تركية، الذين يدعمون نظام أردوغان ويدافعون عنه رغم انتهاكه كل قواعد حقوق الإنسان والديمقراطية بشكل يومي.
وفي هذا الإطار، يقول موقع "دير فيستن" الألماني (خاص) : "انتخب البعض لخدمة ألمانيا بشكل ديمقراطي وحر، لكنهم يعملون الآن لصالح أردوغان الذي يحتقر قيم الديمقراطية والحرية".
وفي يونيو الماضي، وفق الموقع، تحول السياسي المحلي في ولاية شمال الراين ويستفاليا، أيوب أوداباسي (48 عاما)، من دعم قيم الديمقراطية، إلى دعم أردوغان وتبني الخطاب القومي التركي المتطرف، بل إنه بدأ في مشاركة مصطلح "البيت التركي" على صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي.
ويستخدم مؤيدو أردوغان في ألمانيا هذا المصطلح ضد معارضي النظام التركي من الألمان ذوي الأصول التركية، ويشير إلى أن من يدعم نظام أردوغان يحافظ على الهوية التركية ضد من يهدموها.
لكن حزب الخضر الألماني الذي ينتمي له أيوب، أعلن رفض توجهات السياسي ذي الأصول التركية، ورفض خوضه انتخابات مجلس مدينة "بونده" في ولاية شمال الراين ويستفاليا، وفق تقرير لصحيفة دي فيلت الألمانية (خاصة).
ويشغل أيوب بالفعل عضوية مجلس مدينة "بونده" في الوقت الحالي، لكنه لن يترشح لاعادة انتخابه، في الانتخابات المقررة 13 سبتمبر المقبل، بقرار من "الخضر".
وأوداباسي ليس أول سياسي تركي المولد، يمارس السياسية في أروقة حزب ألماني، ثم يتحول لتأييد أردوغان، فهناك بعض السياسيين مارسوا السياسة في ألمانيا، بل شغلوا مناصب سياسية، لكنهم تحولوا للخدمة في بلاط الديكتاتور.
أوزان سيهون
خدم أوزان سيهون، الذي يحمل الجنسيتين الألمانية والتركية، لسنوات طويلة في أروقة السياسة الألمانية، ففي الفترة بين 1986 و2000، شغل عضوية حزب الخضر "يسار"، وعمل كمستشار لوزارة الشؤون الاجتماعية في ولاية هيسن الألمانية (وسط).
وفي الفترة بين 1998 و2000 كان عضوا عن حزب الخضر في البرلمان الأوروبي، ثم تحول عام 2000 إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي "يسار وسط".
لكنه تحول فجأة إلى معسكر أردوغان، وعمل معه كمستشار لسنوات، وخاض في 2015 الانتخابات البرلمانية التركية عن حزب العدالة والتنمية، وفاز بمقعد.
ومع بداية 2020، قفز إلى منصب سفير تركيا في النمسا، وكان بطل فضيحة كبيرة في مايو الماضي.
وحصلت صحيفتا فولكس بلات وكرونه النمساويتين، على مقطع فيديو، لفاعلية نظمتها السفارة التركية في مقر معهد "وندر" التركي المثير للجدل، وبدعم من مؤسسة خيرية مقربة من بلال، نجل رجب طيب أردوغان، في فيينا في مايو الماضي.
ووثق المقطع احتفال بانتهاء شهر رمضان، حضره السفير سيهون الذي وزع الهدايا والسلع الغذائية والإعانات المادية على الطلبة الأتراك، وجميعهم من المقربين من العدالة والتنمية.
وقال السفير في كلمته "المسيحيون لا يقومون بمثل ما نفعله هنا"، مضيفا "في عيد الميلاد (يقصد عيد الميلاد السيد المسيح)، وأنا أقول كلمة عيد الميلاد باللغة الألمانية حتى تفهموا ما أعنيه، يتصرف المسيحيون بأنانية وينسحبون إلى جدرانهم الأربعة ولا يوزعون الهدايا كما نفعل"، ما اعتبر ازدراء للمسيحية.
مصطفى أركان
ولد مصطفى أركان (35 سنة) في ولاية ساكسونيا السفلى شمالي ألمانيا، وأصبح عضوا في الحزب الاشتراكي الديمقراطي في عام 2004.
وفي 2013، انتخب أركان عضوا في برلمان ولاية ساكسونيا السفلى وتولى ملف العلاقات التجارية مع تركيا، ثم فشل في الانتخابات عام 2017 وخسر خسارة كبيرة، ثم ترك الحزب نهائيا في 2018.
ومنذ ذلك التاريخ، يعمل أركان مستشارا لوزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ويرافقه دائما في زياراته الخارجية. وينشر السياسي الألماني السابق صور له مع أردوغان على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ويفتخر بعلاقته به.
مصطفى ينار أوغلو
حصل مصطفى ينار أوغلو على الجنسية الألمانية عام 1990، وشغل عضوية الحزب الاشتراكي الديمقراطي لقرابة عقدين، ولكنه تحول إلى صف الرئيس التركي، وكان ضيفا دائما على التلفزيون الألماني للدفاع عن أنقرة.
وفي 2015، ترك ينار أوغلو السياسة الألمانية، وخاض انتخابات البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية، وفاز بمقعد، بل أنه ترأس لجنة حقوق الإنسان في بلد لا يحترمها.
وبشكل مفاجئ تمامًا، غادر ينار أوغلو حزب العدالة والتنمية في نوفمبر 2019، وقال إن أردوغان نفسه هو من أجبره على الاستقالة بعد أن انتقد الأوضاع السياسية بشكل متكرر، وفق مجلة دير شبيجل الألمانية. وبذلك، تحول ينار أوغلو إلى صف المعارضة التركية بعد أن لفظه الرئيس التركي.
مصطفى جونكور
شغل مصطفى جونكور (42 سنة) عضوية الحزب الاشتراكي الديمقراطي لسنوات طويلة، وترأس الكتلة البرلمانية للحزب في برلمان بريمن (شمال غرب ألمانيا)، في أغسطس 2019، أي أن مساره السياسي والحزبي لا يتقاطع مع العدالة والتنمية.
لكنه يخدم أردوغان بشكل مختلف، حيث يتولى ادارة منظمة ضغط تابعة لأردوغان وحزب العدالة والتنمية في أوروبا.
ولم ينتقد مصطفى غونغور أبدًا السياسة التركية، بل أن سياسيي الحزب الاشتراكي الديمقراطي ينتقدون علاقته بأردوغان.
وفي فبراير 2019، نشر غونغور صورة على مواقع التواصل الاجتماعي مع السياسي بحزب العدالة والتنمية مصطفى سينتوب، وهو أستاذ القانون وأحد مهندسي الدستور الجديد المصمم خصيصًا لأردوغان، ما أثار انتقادات كبيرة في الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
كيف يجذب أردوغان السياسيين الألمان؟
قال موقع "دير فيستن" إن أردوغان ينجح في جذب السياسيين الألمان عن طريق إغرائهم بالمناصب الكبيرة في أروقة النظام التركي.
فيما قال الخبير في الشؤون التركية، بوراك تشوبور في تصريحات صحفية، إن انضمام سياسيين ألمان إلى صف أردوغان "انتهازية خالصة".
وتابع "مصطفى ينار أوغلو كان سياسيا ألمانيا يمكنه التعبير عن رأيه بحرية، لكنه تحول لصف أردوغان لينال منصبا في البرلمان، ودفع لاحقا ثمن التعبير عن رأيه"، مضيفا "أما أوزان سيهون، فكان دائم الانتقاد لأردوغان والإسلام السياسي عندما كان عضوا في البرلمان الأوروبي، والآن بات من أشد مؤيديه".
تشوبور قال أيضاً: "إن كل من انضم لمعسكر النظام التركي يشعر الآن بالأمان، ولكن بمجرد أن يفقد أردوغان السلطة، سوف يخونوه بشكل أسرع مما يتخيل أحد، وهم يجيدون بالفعل تغيير المعسكرات والقفز من الحافلات المائلة".
أما الأحزاب الألمانية فعليها تطهير أنفسها من مثل هؤلاء الانتهازيين، وطرد كل من يتبنى فكر قومي أو إسلامي متطرف، وفق تشوبور.
aXA6IDMuMTQzLjIwMy4xMjkg جزيرة ام اند امز