بعد المؤبد.. تغريم صحفي تركي بتهمة "إهانة" أردوغان
طوال العام، عمل حزب "العدالة والتنمية" في تركيا على تكميم أفواه الصحفيين، معلقا شماعة قراراته الظالمة على محاولة الانقلاب الفاشلة
قضت محكمة تركية، الأربعاء، بتغريم الكاتب والصحفي الشهير، أحمد آلطان، 7 آلاف ليرة (1300 دولار تقريبا) في القضية التي يحاكم فيها بتهمة "إهانة" الرئيس، رجب طيب أردوغان، في مقال له عام 2016.
وبحسب ما ذكرته العديد من وسائل الإعلام التركية، فقد صدر القرار عن الدائرة الثلاثين بالمحكمة الابتدائية في إسطنبول، خلال الجلسة التي شارك فيها عبر نظام "الفيديو-كونفرانس" آلطان من داخل محبسه حيث يقضي عقوبة السجن بالمؤبد مع الأشغال الشاقة بتهمة "انتهاك الدستور".
- زعيم المعارضة التركية لأردوغان: ماذا ستجني من سجن الصحفيين والمثقفين؟
- أردوغان: لا أحترم قرار القضاء بإطلاق سراح الصحفيين
وفي حديثه لهيئة المحكمة ذكر آلطان أنه لا يوجد سبب يدفعه لإهانة أردوغان، مضيفا "هو سياسي، وما فعلته هو انتقاد السياسة التي يمارسها".
وتابع "هذا حقي الذي يكفله الدستور. يتم رفع مثل هذه الدعاوى القضائية لقطع الطريق على الانتقاد السياسي. لذا أرفض الاتهامات وأطالب بتبرئتي”.
ورغم مطالبة الصحفي بتبرئته من التهمة الموجهة إليه، قضت المحكمة بتغريمه 7 آلاف ليرة.
آلطان (67 عاما) مؤسس صحيفة "طرف" التركية، تم اعتقاله في سبتمبر/أيلول 2016 بتهمة الانتماء لجماعة رجل الدين، فتح الله غولن، المقيم بولاية "بنسلفانيا" الأمريكية، وتتهمه حكومة أنقرة بالوقوف خلف انقلاب يوليو/تموز 2016 المزعوم، وحكم عليه بالمؤبد.
يشار إلى أنه في 2018، أحكم أردوغان قبضته على جميع مفاصل القرار ببلاده، وذلك عقب تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية نقلت البلاد إلى نظام الحكم الرئاسي، في خطوة أراد من خلالها الرئيس التركي تصفية جميع معارضيه ومنتقديه دون "فيتو" من أي جانب ببلاده.
وطوال العام، عمل حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا على تكميم أفواه الصحفيين، معلقا شماعة قراراته الظالمة على محاولة الانقلاب الفاشلة التي كادت تدك حكمه منتصف يوليو/تموز 2016.
ومنذ ذلك التاريخ وحتى نهاية 2018، أغلق أردوغان أكثر من 175 وسيلة إعلام، ما ترك أكثر من 12 ألفا من العاملين في مجال الإعلام دون وظائف، ورفع معدل البطالة بالقطاع إلى أقصاه، وفق معهد الإحصاء التركي.
وبإغلاق معظم القنوات والصحف والمواقع المناهضة له، بات الإعلام التركي تحت سيطرة أردوغان بنسبة 90%، وفقدت التقارير والمواد الصحفية عموما تنوعها وألوانها المختلفة، وتحولت إلى أبواق تمجد النظام، وتفرش سجاد وهم السلطنة لأردوغان.
غابت الموضوعية عن الصحافة التركية في 2018، بل أصبحت موضوع تندر وسخرية حول العالم. في المقابل، يواجه كل من تسول له نفسه الخروج عن قطيع الموالين، مصيرا غامضا، حيث اختطف المئات من منازلهم أو من الشوارع، وانقطعت أخبارهم.
وعبرت منظمات حقوقية عن قلق متزايد بشأن حرية الصحافة في تركيا، واتهمت أردوغان باستغلال محاولة الانقلاب الفاشلة في إسكات المعارضة.
ويقبع في سجون نظام أردوغان نحو 50 ألف شخص على ذمة المحاكمة لدورهم في الانقلاب الفاشل، كما أوقفت السلطات عن العمل نحو 150 ألفا من الموظفين الحكوميين، بينهم مدرسون وقضاة وجنود بموجب أحكام الطوارئ التي فرضتها تركيا بعد محاولة الانقلاب.
وفضلا عن التضييق على حرية الصحافة، تزايدت القضايا القائمة على تهمة “إهانة الرئيس” في تركيا خصوصا منذ عام 2016.
وكانت وزارة العدل في تركيا أصدرت تقريرا يرصد القضايا التي حركتها السلطات بتهمة إهانة الرئيس خلال 2017، كشف أن 6 آلاف و33 قضية رفعت بتهمة إهانة أردوغان، ونفذت الأحكام الصادرة فيها بحق ألفين و99 متهما.
وبحسب التقرير فقد ارتفعت أعداد قضايا إهانة أردوغان في عام 2017 بنحو ألفي قضية عن عام 2016 الذي شهد رفع 4 آلاف و187 قضية بالتهمة ذاتها، حكم في 884 منها خلال عام 2016.
ومطلع العام الجاري، حصد أردوغان المركز الأول في فئة زعماء العالم الذين لا يتحملون الانتقاد، ومنحته لجنة حماية الصحفيين في مدينة نيويورك الأمريكية جائزتين في فئتين من بين 5 فئات لانتهاكات حرية الصحافة.
وأرجعت اللجنة الأمريكية أسباب منحه الجائزة إلى الاستهداف المستمر من السلطات التركية الصحفيين والقنوات والمواقع الإخبارية ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في قضايا إهانة أردوغان.
يشار إلى أن جريمة إهانة رئيس الجمهورية الواردة في قانون العقوبات التركي رقم 299، تعتبر واحدة من أهم وسائل القمع السياسي في تركيا في السنوات الأخيرة، وبموجبها تم اعتقال المئات. وتنص المادة نفسها على السجن لمن يهين الرئيس من سنة حتى 4 سنوات.
aXA6IDMuMTQ0LjEwMC4yNTIg جزيرة ام اند امز