محامون أتراك يطالبون بالإفراج عن صحفيين اعتقلهم نظام أردوغان
بيان مشترك لنقباء محامين أتراك يطالب محكمة النقض بـ"الرد الفوري على هذا الظلم الشديد الذي ألحق ضررا عميقا بالضمير العام".
أصدر 74 نقيبا للمحامين الأتراك، بينهم متين فيزي أوغلو، النقيب العام للمحامين، بيانا مشتركا، الثلاثاء، يندد بالأحكام الصادرة ضد صحفيين ومحامين في قضية صحيفة "جمهورييت" المعارضة.
وبحسب ما ذكره العديد من وسائل الإعلام التركية، طالب الموقعون على البيان محكمة النقض بـ"الرد الفوري على هذا الظلم الشديد الذي ألحق ضررًا عميقًا بالضمير العام"، بنص البيان المشترك.
قضية صحيفة جمهورييت يُحاكم فيها صحفيون ورسامو كاريكاتير و3 محامين، بتهمة ارتكاب جريمة باسم منظمة إرهابية ضد النظام الدستوري، على خلفية اتهامهم بالتعاون مع حزب العمال الكردستاني والداعية فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير مسرحية الانقلاب في يوليو 2016.
فيما ترفض الصحيفة المعروفة بمعارضتها الشديدة لأردوغان، الاتهامات، وتندد بما تعتبره "محاكمة سياسية تهدف إلى إسكات الصحافة المستقلة في تركيا".
البيان أوضح أن طلبات المحامين بوقف تنفيذ العقوبات الصادرة بحق العاملين في جريدة جمهورييت، ستقررها دائرة الجنايات العليا في محكمة الاستئناف، في أقرب وقت ممكن.
وفي فبراير/شباط الماضي أيدت محكمة استئناف تركية حكما بسجن 14 من صحفيي وإداريي صحيفة "جمهورييت"، والسلطات ستعيد عددا منهم إلى السجن لقضاء الفترات المتبقية من أحكامهم.
وكانت محكمة قد قضت العام الماضي بسجن 14 من العاملين في الصحيفة، التي ما زالت من الأصوات القليلة المنتقدة للحكومة.
وعبرت منظمات حقوقية آنذاك عن قلق متزايد بشأن حرية الصحافة في تركيا، واتهمت الرئيس رجب طيب أردوغان باستغلال محاولة الانقلاب الفاشلة في إسكات المعارضة.
وقالت جمهورييت: إن محكمة الاستئناف التي أيدت أحكام السجن، قضت بأن المحاكمة قانونية وأيدت الأحكام الصادرة ضد موظفيها.
وأضافت أن مدد السجن التي تقل عن خمس سنوات صارت نهائية، وأن الأحكام التي تزيد على ذلك ستنظرها محكمة أعلى درجة، وهي محكمة النقض التي طالبها الموقعون على البيان المشترك بالرد على "الظلم الشديد" الذي يمارسه نظام أردوغان.
وأضافت الصحيفة أن المحكوم عليهم بالسجن أقل من خمس سنوات عددهم خمسة من الصحفيين والإداريين وسيقضون باقي العقوبة.
واعتقل صحفيو وإداريو الصحيفة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2016 بموجب حالة الطوارئ التي فرضت بعد محاولة الانقلاب المزعومة.
وفي 23 يوليو/تموز الماضي كشفت معارضة تركية عن أن عدد الصحفيين الأتراك المرفوع بحقهم دعاوى قضائية ارتفع بنسبة 160%، خلال الفترة الممتدة من العام 2009 حتى 2017.
جاء ذلك بحسب تقرير أعدته البرلمانية عن مدينة إسطنبول، غمزة آق قوش إيلجازدي، نائبة رئيس حزب الشعب الجمهوري، تزامناً مع الذكرى الـ111 لعيد الصحافة والصحفيين في تركيا، الذي يصادف الـ24 يوليو/تموز من كل عام.
وجاء تقرير النائبة المعارضة تحت عنوان "وسائل الإعلام والحريات" بين عامي 2009 - 2017، وأشارت فيه إلى تراجع حرية الصحافة في تركيا وتضييق الخناق على الصحفيين.
وأشارت النائبة في تقريرها إلى أنه خلال العام الأول من تطبيق النظام الرئاسي في تركيا، وصل عدد الصحفيين العاطلين عن العمل إلى 1732، فيما يقبع داخل السجون التركية حاليا 134 صحفياً.
ووفقا للتقرير، رُفع بين عامي 2009 و2017، 5 آلاف و898 دعوى قضائية ضد الصحفيين؛ بزعم مخالفتهم قانون الصحافة، 1526 منهم تمت إدانتهم.
كما أوضح التقرير أنه في عام 2017، ارتفعت أعداد تلك الدعاوى بنسبة 47% مقارنة بـ2016، وانخفضت نسبة من حصل من الصحفيين على البراءة بنسبة 51%.
وذكر أن "العاملين في المجال الإعلامي باتوا معتادين على الوجود في ممرات المحاكم، حتى إنه خلال الفترة من 2009 إلى 2017، بات معدل من يتم التحقيق معهم في مكاتب الادعاء العام بكافة أنحاء الجمهورية 28 صحفيا أسبوعيا".
وفي الوقت الذي وصل فيه عدد الصحفيين المدانين عام 2009 إلى 82 صحفيًا، زاد هذا الرقم بنسبة 160% عام 2017 ليصل إلى 217، وفي عام 2013 وقت احتجاجات منتزه "غزي" ، تمت محاكمة ألف و108 صحفيين، بحسب التقرير ذاته.
النائبة التركية أكدت أن أعداد الصحفيين العاطلين عن العمل تتزايد يوماً بعد يوم، حتى وصلت الآن إلى 10 آلاف، كما أن عدد من سُحبت منهم رخصة ممارسة المهنة في ازدياد مستمر.
وأكدت كذلك أن السياسة القمعية التي ينتهجها حزب العدالة والتنمية الحاكم، ضد الصحفيين لا تزال مستمرة.
ووفقًا لبيانات سابقة صادرة عن وزارة العدل التركية، تم اتخاذ إجراءات قانونية بحق 13 ألفا و227 صحفيا داخل مكاتب الادعاء العام بين عامي 2009 و2017، بحسب صحيفة "جمهورييت".
ويوم 28 مايو/أيار الماضي أصدر اتحاد الناشرين الأتراك، بيانًا، حذّر فيه من تبعات التضييق على الصحافة، وحرية التعبير في البلاد
وأضاف البيان موضحا أن "تردي أوضاع حرية التعبير يشعرنا بالقلق، بسبب التهديدات والاعتداءات المتزايدة ضد الصحفيين والكُتاب".
وجاء في البيان: "حرية التعبير لا غنى عنها بالنسبة للجميع، وهي حق يجب حمايته، كما أن عدم تطبيق العقوبة على من ينتهك هذا الحق من شأنه توليد حالة من العنف في المجتمع، لذا فإننا ندين الاعتداءات التي يتعرض لها كتاب تركيا، ونطالب بفرض العقوبات اللازمة على المعتدين".
وتعتبر تركيا أكثر دول العالم سجنا للصحفيين، واحتلت المرتبة رقم 157 من بين 180 بلدا على مؤشر منظمة صحفيين بلا حدود الخاص بحرية الصحافة في العالم لعام 2018.
وفي 2018، أحكم الرئيس أردوغان قبضته على جميع مفاصل القرار ببلاده، عقب تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية نقلت البلاد إلى نظام الحكم الرئاسي، في خطوة أراد من خلالها تصفية جميع معارضيه ومنتقديه.
وطيلة العام، عملت سلطات أردوغان على تكميم أفواه الصحفيين، معلقة شماعة قراراتها على محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد في يوليو/تموز 2016.
ومنذ ذلك التاريخ، وإلى جانب التضييق على المراسلين والصحفيين الأجانب، أغلق أردوغان أكثر من 175 وسيلة إعلام، ما ترك أكثر من 12 ألفا من العاملين في مجال الإعلام دون وظائف، ورفع معدل البطالة بالقطاع إلى أقصاها، وفق معهد الإحصاء التركي.
تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" السنوي، الصادر مطلع العام الجاري، فضح الأجواء البوليسية التي تعيشها وسائل الإعلام التركية، وافتقارها إلى أدنى درجات الاستقلالية والحرية.
ولفت التقرير إلى أن أغلب الصحف والقنوات تحولت لمساندة الحكومة، حفاظًا على بقائها، فيما تصدر الأحكام القضائية بحق صحفيين بدوافع سياسية، بينما أدلة الإدانة مجرد تقارير مهنية لا تدعو للعنف، ولكنها لا تتوافق مع هوى السلطة.
aXA6IDUyLjE1LjIzOC4yMjEg جزيرة ام اند امز