ذكرى 17 فبراير.. مشروع تركيا وقطر يتحطم على صخرة الليبيين
تنظيم الحمدين في قطر بدأ تدخلاته السافرة في ليبيا منذ 2011 عبر طواقم إعلامية ومليشيات مسلحة مهمتها بث الأكاذيب حول ما يجري بالبلاد
منذ اندلاع أحداث 17 فبراير/شباط 2011، وليبيا تعاني من تدخلات خارجية أدت إلى تعزيز الانقسام السياسي في البلاد، خاصة بعد دفع قطر بمليشيات مسلحة للمساعدة في إسقاط نظام معمر القذافي، ما فتح باب التدخلات الخارجية في شئون الدولة خاصة التركية.
وبدأ تنظيم الحمدين القطري تدخلاته السافرة في الشأن الليبي عبر الدفع بطواقم إعلامية ومليشيات مسلحة مهمتها بث الأكاذيب حول ما يجري في البلاد، وتشجيع الأطراف الدولية على القيام بعمل عسكري ضد قوات القذافي وتدمير قدرات الجيش الليبي خلال هذه الفترة.
- المسماري: عازمون على إنهاء الوجود القطري في جنوب ليبيا
- الطيران الليبي يشن غارات على تجمعات عصابات تشاد بالجنوب
ودعمت الدوحة مليشيات تنظيم الإخوان الإرهابي بالمال والسلاح، ووفرت له الدعم السياسي والإعلامي، ما ساعده في التغول داخل مؤسسات الدولة الليبية خاصة الجيش والشرطة، وتنفيذ سلسلة اغتيالات ممنهجة ضد قيادات أمنية وعسكرية ليبية خاصة في مدينة بنغازي.
وموّلت الدوحة وأنقرة المكونات السياسية والأحزاب التابعة لتنظيم الإخوان والجماعات الليبية المسلحة لتمكينهم من مقاعد المؤتمر الوطني عام 2012، وهي أخطر السنوات التي عاشتها ليبيا، ثم دأبت هذه المليشيات على رفع السلاح لترهيب أعضاء المؤتمر المعارضين للقوانين والتشريعات التي سعى نواب الإخوان لتمريرها في طرابلس.
قطر.. بوابة التدخل الأجنبي
وقال الباحث الليبي جمال شلوف رئيس منظمة سلفيوم للدراسات والأبحاث إن أحداث 17 فبراير/شباط 2011 كانت في بدايتها سلمية، إلا أن انتشار السلاح وتوزيعه على المليشيات فتح أبواب النزاع المسلح والحرب الداخلية.
وأكد شلوف لـ"العين الإخبارية" الإثنين، أن الظروف السابقة صنعت بيئة ملائمة لأي تدخل أجنبي، موضحا أن الوجود القطري في ليبيا خاصة مدن الشرق الليبي ومصراتة في الغرب سبق التدخل الدولي عبر القرار الأممي عام 2011، مشيراً إلى أن الدوحة أرسلت وفودا صغيرة تحت مسمى "تدريب الثوار وتسليحهم".
ونبّه إلى أن الدور القطري كان عبر وفود (إغاثة) وتدريب ما يسمون بـ"الثوار"؛ لكن ثبت عكس ذلك فتأكد بمرور الوقت أن عمليات التدريب كانت تتم لكتائب الإخوان بهدف إيجاد موضع قدم للدوحة في طرابلس للتقرب من السلطات المؤقتة.
وأوضح أن الدور التركي كان مترددا في البداية ثم تحول إلى مساند وداعم للإخوان و"الجماعة الليبية المقاتلة" مثلما فعل تنظيم الحمدين الإرهابي.
وتمكن الجيش الوطني الليبي من كسر شوكة المليشيات المسلحة الممولة من قطر وتركيا خلال عملية الكرامة التي أطلقها اللواء خليفة حفتر - آنذاك - عام 2014.
وأسفرت العملية ونجحت على مدار 5 سنوات من تحرير مدن الشرق والتوجه نحو الجنوب لتأمينه بشكل كامل.
ومع استمرار عمليات الجيش الليبي لم تتوقف تركيا وقطر يوما عن دعم المليشيات المسلحة في بنغازي ودرنة والهلال النفطي بالمال والسلاح، بجانب المساندة الإعلامية والسياسية في المحافل الإقليمية والدولية بذريعة دعم ثوار ليبيا، قبل أن تكشف اللعبة بضبط سفن وحاويات تحمل أسلحة وصواريخ تركية وقطرية مهربة إلى تلك المدن.
ومن جهته أكد عضو حراك فزان في جنوب ليبيا أسامة الوافي، أن ليبيا تدفع ثمن التدخلات الخارجية منذ اندلاع أحداث 17 فبراير/شباط 2011، موضحاً أن البوصلة انحرفت عقب التدخلات الدولية والعربية خاصة من تركيا وقطر.
ووصف الوافي التدخلات القطرية والتركية في ليبيا بالسلبية؛ حيث عملت ضد الشعب الليبي، موضحا أن الدعم الذي قدمته الدولتان لأحزاب وجهات ومليشيات مسلحة استنزف قدرات الدولة وباتت الأموال تصرف على القتال.
وأوضح أن الشعب الليبي هو المتضرر من أي حروب تمولها الدوحة وأنقرة في البلاد ما أثر بشكل سلبي، متهما قطر بتحريض مليشيا القوة الثالثة على مداهمة قاعدة براك الشاطئ ما أدى لقتل أكثر من 140 جنديا ليبيا.
من جانبه، قال إبراهيم بلقاسم الباحث السياسي الليبي إن "أحداث 17 فبراير كانت محطة مهمة في تاريخ ليبيا"، مضيفا أنه "رغم أن فبراير لها ما لها وعليها ما عليها فإنه لا أحد ينكر خروج الليبيين بالشكل التلقائي في هذا اليوم".
وتابع بلقاسم: "ادعاء الإخوان أنهم من دعوا لخروج الليبيين ضد القذافي كذبة"، مضيفا أنهم "لم يشاركوا إلا بعد 28 فبراير".
واستدرك أن "الإخوان اندسوا بين المتظاهرين في البداية لأجل النظام، لكنهم انضموا للحراك بعد بدء تأييد مطالب المتظاهرين من قبل المجتمع الدولي ومع دعم كبير من قطر وتركيا للسيطرة على الحكم".
وأفاد بلقاسم بأن "المشير خليفة حفتر كان من أوائل من انضم إلى حراك فبراير من القيادات العسكرية، وكان قائدا للجيش الليبي الحر".
وأشار إلى أنه "بعد سقوط القذافي ومع البدء بوضع دعائم ليبيا الجديدة كان هناك بعض المعرقلات، منها انتشار السلاح في أيدي الكثير من المجموعات".
وتابع: "مع دعوات القيادات الوطنية لجمع السلاح كانت دولتا قطر وتركيا من أكثر الدول رفضا لذلك"، وفقا لما أفاد بلقاسم، مستدلا بحديث عبدالرحمن شلقم مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة في ذلك الوقت.
وتابع الباحث السياسي الليبي "أن الليبيين كانوا يتطلعون للانتخابات باعتبارها أول إنجاز لأحداث فبراير، وأول انتخابات بالمعنى المتعارف عليه في ليبيا، وبالفعل أجريت في يوليو/تموز 2012".
وشدد بلقاسم على أن "الانتخابات أكدت وبشكل قاطع تفضيل الليبيين للتيارات المدنية والليبرالية، حيث كان أعداد الإخوان داخل المؤتمر الوطني العام محدودة، لكن مع تحالفات أسسها الإخوان بدعم من قطر وتركيا استطاعت الجماعة السيطرة على المؤتمر وأصبحت التيارات الليبرالية هي الأقلية".
بالتوازي، أوضح بلقاسم أن "عمليات الاغتيال ضد رجال الجيش ازدادت"، مشيرا إلى تقرير للجنة بوزارة الداخلية أكدت أنه خلال عام 2013 فقط تم اغتيال 650 ضابطا، وهو الأمر الذي أدى إلى عملية الكرامة التي أطلقها المشير خليفة حفتر في يوليو/تموز 2014 ضد الإخوان والجماعات التابعة لهم في مدينة بنغازي شرقي البلاد.
الإخوان ومن ورائهم قطر وتركيا لم يرفضوا فقط جمع السلاح من أيدي مليشياتهم وإنما رفضوا أيضا الاعتراف بنتائج انتخابات 2014 التي أكدت رفض الشارع الليبي لهم، فقاموا بعملية عسكرية سموها "فجر ليبيا"، لاستهداف مجلس النواب، ما أدى إلى نقل الأخير إلى مدينة طبرق.
وبناء على ذلك، يعارض الإخوان ومن ورائهم قطر وتركيا قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر، ورغم ذلك توالت انتصارات كل العمليات العسكرية التي قام بها الجيش ضد الإخوان وداعش والقاعدة في بنغازي والهلال النفطي ودرنة والجنوب الليبي حاليا.