السفن التركية في موريتانيا.. صيد جائر يغتال البيئة البحرية
السفن التركية بساحل المحيط الأطلسي الموريتاني تنتهج معايير غير مشروعة لممارسة الصيد خارج بنود الاتفاقية البحرية للصيد السطحي.
سفن صيد تركية تعبث بساحل موريتانيا عبر الصيد الجائر وبأساليب تنتهك معايير اتفاق الصيد المبرم منذ سنوات بين نواكشوط والشركات مالكة السفن.
ممارسات جائرة تطفو على السطح مع استئناف قطاع صيد الأسماك في موريتانيا نشاطه نهاية يونيو/ حزيران الماضي، بعد انتهاء عطلته البيولوجية السنوية، لتعود هواجس الاستغلال السيئ لسفن الصيد التركية، وما تسببه من أضرار واستنزاف للأحياء البحرية.
وترصد "العين الإخبارية"، ضمن سلسلة تقارير عن أطماع أردوغان بأفريقيا، نشاط سفن بحرية تركية في مجال صيد الأسماك بساحل المحيط الأطلسي الموريتاني، ضمن اتفاقية بحرية تقتصر على الصيد السطحي، لكن السفن التركية لم تلتزم بها وانتهجت معايير غير مشروعة خارج بنود الاتفاقية.
مهتمون بشؤون صيد الأسماك في موريتانيا لفتوا إلى خطورة ممارسات سفن الصيد التركية، ومحاول استحواذها بطرق غير مشروعة عن حصص خارج بنود الاتفاقيات التي تسمح لهم بممارسة هذا النشاط.
ووصل استهتار السفن التركية بمصالح موريتانيا حد محاولتهم خرق الحظر دخول العمال الأجانب لموريتانيا المطبق في إطار مواجهة كورونا، مما ولد موجات ردود فعل في مواقع التواصل الاجتماعي مستنكرة لهذا التصرف.
"مذبحة" الكوربين
تهديد للثروة السمكية
من جهته، رأى عبدالله أبومحمد، الخبير في شؤون المصائد البحرية الموريتانية، أن الضغط الذي تواجهه المصائد السمكية بفعل ممارسات السفن التركية يساهم في الارتفاع المتزايد لأسعار المنتجات البحرية بالأسواق المحلية، خاصة أسماك السطح،التي تشكل أهم مكونات النظام الغذائي للموريتانيين.
وأشار أبومحمد، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إلى دخول بعض سفن الصيد الصناعي العملاقة التابعة لشركات تركية، ما يشكل أكبر تهديد للثروة السمكية الموريتانية، من خلال استخدام أساليب ممنوعة بحكم النظم الدولية الخاصة بالتوازن الحيوي للبحار والمحيطات.
وأوضح أن غالبية المهتمين بهذا المجال بدأوا في دق ناقوس الخطر، مستندين في ذلك إلى اعتماد السفن التركية على منظومة من المعدات الخاصة بصيد الأسماك، تقوم على شباك قادرة على جرف جميع الأحياء البحرية، بما فيها الأسماك النادرة الممنوع صيدها.
استنزاف ثروات الشعوب
بدوره، قال الكاتب والناشط محفوظ الجيلاني، إن "الأتراك لصوص وقطاع طرق، ومهووسون بجمع ثروات وخيرات الشعوب الأخرى"، محذراً من انفتاحهم تجاه موريتانيا وغرب أفريقيا.
وأوضح "الجيلاني" أن هذا التوجه التركي نحو المنطقة هدفه "ابتلاع الثروات ونشلها في أسرع وقت، وترك الكوارث البيئية وراء ظهورهم"، مطالبا بفضح أساليب هذه السفن لاستنزاف الثروة السمكية الموريتانية.
أما الناشط والكاتب الموريتاني محمد أحمد غلام، فقال إنه منذ مجيء السفن التركية إلى المياه الموريتانية، وممارسة عملها بموجب الاتفاقية، انقرضت ما تعرف بسمكة "سليمان" المعروفة محلياً بـ"ياي بوي"، لكثرة الطلب عليها وارتفاع سعرها، محملاً المسؤولية لأساليب الصيد غير القانونية التي تمارسها السفن التركية.
ويؤدي الصيد الجائر إلى هجرة الحيوانات في كثير من الأحيان من موطنها ومكانها الأساسي إلى سكن آخر، كما تترتب عليه الكثير من المخاطر، خاصة عندما يتعلق الأمر بأنواع الأسماك المهددة بالانقراض.
وترتبط موريتانيا بالعديد من الاتفاقيات في مجال ما يعرف بـ"الصيد البحري الصناعي" مع دول وتكتلات إقليمية، أهمها الاتحاد الأوروبي، وروسيا واليابان والصين وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى تركيا.
وتسمح الاتفاقيات المذكورة لهذه الدول والتكتلات بممارسة الصيد في المياه البحرية الموريتانية البالغة طولها 700 كيلومتر، ضمن شروط ومعايير تراعي مصالح نواكشوط وهؤلاء الشركاء، وتضع في الاعتبار المعايير البيئية والبيولوجية.
وتعتبر المياه الإقليمية الموريتانية واحدة من أغنى المناطق في العالم بالأسماك، بسبب العوامل المناخية والجيومورفولوجية التي توفر ظروفا ملائمة للغاية لنمو الأسماك.
وصنّف التقرير الأخير لمنظمة الأغذية والزراعة FAO الصادر في 8 يونيو/ حزيران الماضي، موريتانيا من بين الدّول الـ25 الأهم من حيث إنتاج الأسماك في العالم، حيث احتلت المرتبة العشرين عالميا، والثانية إفريقيا بعد المغرب.
ويشمل الجزء الأكبر من إنتاج الصيد مجموعة من 70 نوعا، يتم تسويقها بشكل رئيسي في الأسواق اليابانية والأوروبية والأفريقية، أهمها الحبار والأخطبوط والشبوط، وسمك النازلي، والوقار، وأسماك البوري، بالإضافة إلى القشريات كجراد البحر وسرطان البحر.
aXA6IDMuMTQ3LjEwNC4xOCA= جزيرة ام اند امز