العقارات التركية اليوم كالجمرة في يد صاحبها وهو يتألم منها بشدة ويريد إلقاءها بأي طريقة كانت إلى يد شخص آخر.
«دعاية تضليلية».. هذا الوصف الصحيح الذي ينبغي أن يُطلق على تصريحات بعض العقاريين والتجار الخليجيين المعبرة عن رغبتهم في الاستثمار في تركيا رغم الظروف الاقتصادية السيئة هناك ودخول العملة التركية في نفق الانهيار الكبير، وما يعنيه ذلك من انهيار لأسعار العقارات وشح السيولة وبالتالي تردي الأوضاع الأمنية.
اليوم أعيد التحذير للمستثمر وللسائح أيضاً من التورط في المستنقع التركي فمعدلات الجريمة وعمليات الاحتيال هناك في تزايد مستمر، ولا يمكن السيطرة على انهيار الاقتصاد التركي الذي يصحبه عادة انهيار للأمن الداخلي، والعاقل خصيم نفسه.
هي فخاخ ومصائد ينصبها منتفعون وغارقون في استثمارات تركية خاسرة لغيرهم من السذج على أمل أن يجدوا من يخرجهم بربع رؤوس أموالهم من النفق الذي وجدوا أنفسهم فيه بعد أن ضخوا ثرواتهم في تراب الوهم والأحلام الوردية بالربح الوفير، تلك الأحلام التي استحالت إلى كوابيس سوداء تخنقهم وتجبرهم على جر المزيد من الضحايا للمستنقع.
لا تصدقوا مستثمراً أو عقارياً ينشر إعلاناته البراقة في كل مكان داخل دول الخليج داعياً من خلالها لشراء عقارات في تركيا كفرص استثمارية واعدة، ولا تصدقوا أيضاً مشاهير سناب شات وأنستقرام الذين يروجون لعروض سياحية في إسطنبول وطرابزون كمقدمة لجر قدم الخليجي إلى هناك، ومن ثم غرف أمواله وتوريطه في الوهم، فهؤلاء المشاهير مجرد أناس يبحثون عن رزقهم من حساباتهم في تطبيقات التواصل الاجتماعي وقد قبضوا ثمن كلامهم مقدماً بضع مئات من الريالات.
العقارات التركية اليوم كالجمرة في يد صاحبها وهو يتألم منها بشدة ويريد إلقاءها بأي طريقة كانت إلى يد شخص آخر، ولذلك فإن الأحمق فقط هو الشخص الذي يوافق على أن يلتقط جمرة من يد شخص محترق على أمل أن تتحول لقطعة ذهب في يده.
بالأمس هبطت الليرة التركية، إلى أدنى مستوى لها في 6 أشهر، مع تصاعد القلق من الاحتياطيات الأجنبية، وسط تكهنات بأن البنك المركزي كان يستخدم أموالاً مقترضة من المصارف التجارية، في مقايضات قصيرة الأجل، وهذه إن صحت الأنباء عملية تضليل خطيرة تقوم بها جهات رسمية هناك فما بالكم بما يقوم به تجار الوهم خارج إطار الدولة.
قبل أشهر، حذرت المستثمرين الخليجيين من التورط في المستنقع التركي، وقلت في مقال نشرته وكالة «سبوتنك الروسية» نقلاً عن «عكاظ» إن النموذج الاقتصادي التركي في واقعه دخل مرحلة الاحتضار وربما الوفاة، فحتى نهاية عام 2017، اقترب حجم الدين التركي العام من نحو نصف تريليون دولار بحسب بيانات وزارة الخزانة التركية، وقد خفضت وكالة ستاندرد آند بورز بتاريخ 11 مايو 2018 تصنيف ديون تركيا السيادية إلى مرتبة مثيرة للقلق ضمن فئة الديون عالية المخاطر BB- جاء ذلك نتيجة لما وصفته بالمخاوف المتنامية المتعلقة بتدهور آفاق التضخم والانخفاض طويل الأمد في سعر صرف العملة التركية وتقلبه، بجانب تزايد الصعوبات في القطاع الخاص الذي يقترض من الخارج.
واليوم أعيد التحذير للمستثمر وللسائح أيضاً من التورط في المستنقع التركي فمعدلات الجريمة وعمليات الاحتيال هناك في تزايد مستمر، ولا يمكن السيطرة على انهيار الاقتصاد التركي الذي يصحبه عادة انهيار للأمن الداخلي، والعاقل خصيم نفسه.
نقلاً عن "عكاظ"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة