تركيا وإسرائيل بمفترق حرب غزة.. خبراء يستشرفون خارطة المستقبل
أعاد لهيب حرب غزة العلاقات الإسرائيلية التركية إلى مدار توتر يضع مسار تطبيع بدأ مؤخراً بين البلدين على رمال متحركة.
توتر يعيد العلاقات الثنائية إلى المنطقة الرمادية بعد سحب إسرائيل دبلوماسييها من أنقرة وخطاب "ناري" للرئيس رجب طيب أردوغان حول حرب غزة.
- إسرائيل تستدعي دبلوماسييها من تركيا إثر "تصريحات قاسية"
- حرب أكبر أو سلام تاريخي.. تركيا تحدد مسار التصعيد في غزة
تلك الحرب التي اعتبر خبراء ومحللون تحدثوا لـ"العين الإخبارية" في نسختها باللغة التركية، أن مسارها سيحدد مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية، مؤكدين أن استمرارها سيزيد من التوتر الذي قد يصل إلى حد الصراع، لكن عملية تفاوض من أجل سلام دائم مع فلسطين، قد تعيدها إلى مسارها من جديد.
"يعتمد على مسار الحرب"
وفي هذا السياق، اعتبر الصحفي والكاتب جلال كازداغلي، أن مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية سيتحدد من خلال مسار الحرب في غزة، وما إذا كانت الإدارة الحالية في إسرائيل ستبقى في السلطة.
ووصف في حديث لـ"العين الإخبارية" الوضع الحالي بأنه على "حافة السكين"، وإذا استمرت الحرب وتفاقم الوضع، فإن العلاقات التركية الإسرائيلية سوف تتوتر وقد تصل إلى حد الصراع.
وتابع: "وإذا انتهت الحرب وبدأت إسرائيل عملية التفاوض من أجل السلام الدائم مع فلسطين، حينئذ من الممكن أن يبدأ تطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية من جديد".
ولفت الكاتب الصحفي إلى أن "أغلبية المجتمع الإسرائيلي يريد رحيل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وإذا ترك نتنياهو منصبه بطريقة أو بأخرى، فقد تدخل العلاقات التركية الإسرائيلية في مرحلة التطبيع من جديد".
واستطرد: "يمكننا القول إن تركيا تميل إلى تحسين العلاقات مع إسرائيل من دون نتنياهو. لكن بشرط أن تبدأ إسرائيل عملية التفاوض من أجل سلام طويل الأمد مع فلسطين".
"وضع نتنياهو حاسم"
ووفقًا لجلال كازداغلي، فإن "استمرار الحرب أو توقفها يتعلق تماماً ببقاء نتنياهو بالحكم أو رحيله".
وأضاف: "إذا توقفت الحرب، فسوف تتدخل جهات فاعلة أخرى تمثل فلسطين بدلا من حماس. وربما تبدأ عملية مصالحة إسرائيلية فلسطينية، وليس صراعاً بين نتنياهو وحماس".
واستدرك: "أما في حال عدم مغادرة نتنياهو الحكم وبقائه في منصبه، فإن الحرب ستستمر. ومن المحتمل في هذه الحالة أيضاً أن تتوسع الحرب وتصل إلى الضفة الغربية".
ولفت الكاتب إلى أن "هذه ستكون بداية عملية خطيرة ستمهد الطريق لحرب شاملة في المنطقة".
ماذا تريد تركيا؟
ومنذ اندلاع الحرب حافظت تركيا على موقفها الحازم تجاه إنهائها، ويكرر الرئيس رجب طيب أردوغان دعوته إلى وقف إطلاق النار في كل فرصة.
ويضيف كازداغلي: "إن تركيا لا تتطلع لقطع العلاقات مع إسرائيل، بل تريد إجبار إسرائيل على الجلوس على الطاولة. ولم تسحب تركيا دبلوماسييها من تل أبيب رغم أن إسرائيل سحبت جميع دبلوماسييها".
وبين أن "هذا الموقف يظهر أن تركيا تؤيد الحوار. وبشكل أساسي، فإن موقف تركيا هذا يتطابق مع موقف دول المنطقة. فهنا لا تتحرك تركيا بمفردها، بل تتبع مسارًا يعتمد على التعاون مع دول المنطقة".
وأشار إلى أن "سياسة تركيا تجاه إسرائيل لن تختلف كثيراً عن سياسات دول المنطقة. على الرغم من وجود اختلافات دقيقة، إلا أنه يتم اتباع سياسة تعطي الأولوية للعمل معًا في الاستراتيجية الرئيسية".
إصلاح العلاقات ممكن
وفي سياق متصل، اعتبر قادر إرتاج جيليك عضو هيئة التدريس بجامعة حاج بيرم ولي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "إصلاح العلاقات بين تركيا وإسرائيل قد يكون ممكناً من خلال حل مشكلة غزة".
وبحسب جيليك، فمن الممكن إصلاح العلاقات. ومع ذلك، فإن "هذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا اتخذت إسرائيل خطوات فيما يتعلق بغزة".
ولفت جيليك إلى أن "العلاقات بين تركيا وإسرائيل لا تتعلق فقط بالتفاعل بين تركيا وإسرائيل. حيث يؤثر حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة والعلاقات الإقليمية على هذا المسار".
وتابع: "لكي تتبدد هذه الأجواء السلبية، يجب على إسرائيل أن توقف هجماتها. هذا هو الشرط الأساسي. ثم يليه إيصال المساعدات إلى غزة عبر معبر رفح، والسماح بعملية إعادة إعمار غزة، لكن هذا سيستغرق بعض الوقت".
وشدد جيليك على أن مسار العلاقات التركية الإسرائيلية يتأثر بشكل مباشر بمستقبل الحرب الإسرائيلية على غزة.
وأضاف جيليك: "أعتقد أن الفترة المقبلة ستتحدد وفقا لمسار الحرب، ويبدو الآن أن نية إسرائيل هي تعميق حربها. لذلك، إذا اشتد هذا الأمر، فمن الممكن توقع التهدئة ولو بشكل طفيف. لكنني أعتقد أنه إذا تراجعت الأطراف خطوة إلى الوراء، فيمكن حينئذ خلق بيئة صحية لعودة العلاقات إلى طبيعتها".
هل تعود العلاقات؟
وفي سياق آخر، يرى خبير الشرق الأوسط حيدر أوروج، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "العلاقات التركية الإسرائيلية لن تعود إلى الوضع الذي كانت عليه في التسعينيات".
وأضاف أن "هذا ظهر في الصراع الأخير"، مشددًا على أن "الخطر الأكبر في عملية التطبيع الأخيرة هو القضية الفلسطينية".
ولفت أوروج إلى التصريحات المتبادلة الأخيرة قائلاً: "مع التطورات الأخيرة، أصبحت العلاقات بين إسرائيل وتركيا أكثر توتراً. ولم ترحب إسرائيل بالتصريحات الأخيرة. وأعرب وزير الخارجية عن الانزعاج".
وتابع: "كما كانت هناك ردود أفعال أخرى تجاه تركيا. ومع ذلك، أعقب ذلك فترة من الصمت مرة أخرى. وبدأت تركيا في اتخاذ خطوات لمحاكمة إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية على أساس أنها ارتكبت جرائم حرب. وهذا يزعج إسرائيل أكثر".
وتحدث أوروج عن الطاقة، وهي القضية الأكثر أهمية في العلاقات التركية الإسرائيلية، قائلا: "كان التعاون في مجال الطاقة هو النقطة المشتركة الوحيدة. ويبدو أن علاقات الطاقة بين إسرائيل وتركيا معلقة في الوقت الحالي. واستعادة هذا التعاون لن تكون سهلة".
وأضاف: "لا أعتقد أنه سيكون هناك تغيير جذري في هذا الصدد في المستقبل القريب. وكان لدى إسرائيل بالفعل العديد من الشروط في هذا الصدد. ولم تكن تركيا حريصة جدا على هذه الشروط. الخلافات لم تحل بشكل كامل".
مستقبل العلاقات
وحول توقعاته للفترة المقبلة يقول حيدر أوروج، إن "عملية تطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية كانت هشة للغاية. لقد كان ذلك بمثابة التطبيع على حد السكين. وقد ظهر هذا بعد صراع غزة".
وأضاف: "حتى لو كان هناك تطبيع من الآن فصاعدا، فسيكون في طقس بارد. لأن المصالح لا تتوافق مع القضايا الفلسطينية والإقليمية. وتظهر إسرائيل بوضوح أنها لن تقترب من حل الدولتين. وبدون ذلك، يبدو من الصعب أن تعود العلاقات إلى فترة التسعينيات".
ويصف أوروج شكل العلاقات التركية الإسرائيلية قائلا: "العلاقات لم تنقطع بعد. إنها مستمرة رسميا. ممثلو تركيا موجودون في تل أبيب. ولكن إذا استمرت الهجمات الإسرائيلية، فلن يكون أمام تركيا أي خيار للحفاظ على العلاقات".
وأضاف: "أعتقد أن العلاقات ستستمر على حد السكين، والخطأ الذي يرتكبه أي من الطرفين سيؤدي إلى قطع العلاقات".
aXA6IDE4LjExOC4xOTMuMjIzIA==
جزيرة ام اند امز