خبيران عراقيان: احتجاجات مدن الجنوب هدفها وقف التدخلات الإيرانية
المليشيات التابعة لإيران حاولت تغيير مسار الاحتجاجات السلمية إلى أعمال عنف وشغب؛ لإخمادها بالقوة.
احتلت المطالبة بإنهاء النفوذ الإيراني ووجود المليشيات والأحزاب التابعة لطهران من العراق، جزءا كبيراً من مطالبات المتظاهرين في مدن جنوب العراق، وخصوصا مدينة البصرة خلال الأيام الماضية، الأمر الذي يعتبره مراقبون سياسيون أنه جاء ردا من الشارع العراقي على الإرهاب الذي يمارسه النظام الإيراني ضد العراقيين طيلة الأعوام الـ15 الماضية.
تجويع المواطنين العراقيين، ورفع نسبة الملوحة في شط العرب، وتلويث بيئة جنوب العراق، وإغلاق العشرات من المعامل، وتدمير البنية التحتية، ونشر الفتن بين العشائر، هي أبرز الوسائل التي تستخدمها مليشيا الحرس الثوري الإيراني ضد مواطني جنوب العراق منذ أعوام.
ورغم مرور أكثر من 10 أيام على انطلاقة الاحتجاجات الشعبية في محافظة البصرة والمحافظات الجنوبية الأخرى، إلا أن الحكومة العراقية لم تتمكن حتى من احتوائها، ولم تستجب لمطالب المحتجين، بينما تستخدم المليشيات التابعة لإيران القوة لإخمادها.
وقد حاولت هذه المليشيات، وبحسب مصادر في القوات الأمنية العراقية، تغيير مسار التظاهرات السلمية إلى أعمال عنف وشغب، حيث نفذ عدد من عناصرها الذين اندسوا في صفوف المتظاهرين عمليات تخريب في مطار النجف، وعدد من مباني الدوائر الحكومية، لكن سرعان ما تدارك المتظاهرون الموقف وطردوهم وأعادوا تنظيف المكان.
ويؤكد المحلل السياسي والاستراتيجي العراقي علاء النشوع، لـ(العين الإخبارية) أن "المواطن العراقي فهم جيدا أنه ليس بيد أيادٍ عراقية أمينة توصله إلى بر الأمان"، مشيرا إلى أن المعطيات السياسية والدولية انعكست على الواقع الخدمي في العراق، ولم يحدث أي تغيير بعد إجراء الانتخابات.
وأوضح النشوع أن دخول بعض عناصر المليشيات التابعة لإيران بين صفوف المتظاهرين أثّر بشكل مباشر على سير التظاهرات، كالهجوم على الممتلكات العامة، مؤكدا أن المتظاهر العراقي لا يؤمن بالتخريب لأنه تظاهر من أجل البناء والخدمات.
وشدد على أن الاحتجاجات الحالية لن تتوقف لحين إعادة العراق إلى مكانته الإقليمية والدولية وتوفير الخدمات، محذرا في الوقت نفسه من المندسين الذي يعملون وبتوجيه مباشر من إيران؛ لتشويه صورة المتظاهرين ومطالبهم.
من جهته، أشار المحلل السياسي العراقي، عبدالجبار الجبوري لـ(العين الإخبارية)، إلى أنه وبعد مرور أكثر من شهرين على إجراء الانتخابات البرلمانية في العراق، إلا أن الانقلاب على النتائج من قبل الخاسرين والنظام الإيراني، والأحداث التي تلتها من احتراق مخازن صناديق الاقتراع في بغداد، وإصدار البرلمان العراقي قرار إعادة فرز 10% من الأصوات يدويا.. جميعها أسباب حالت دون تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر والحكومة، الأمر الذي أدخل العراق في نفق الفراغ التشريعي، وجعل من الحكومة الحالية حكومة تسيير أعمال غارقة في الأزمات.
ولفت الجبوري إلى أن مواطني البصرة اختاروا أن تكون مدينتهم المعروفة رسمية بعاصمة العراق الاقتصادية، أولى مدن جنوب العراق التي تنتفض بوجه الأحزاب والمليشيات التابعة لنظام ولي الفقيه في طهران، فخرجوا إلى الشارع بعفوية، غاضبين مما أصابهم من أزمات.
وقال الجبوري: إن "هذه الاحتجاجات نابعة من صميم الشعب، وليس لديها قيادة أو أي جهة تقودها، فهي جماهيرية شعبية جاءت نتيجة الفشل الكبير الذي تعاني منه الحكومة في توفير الخدمات والأمن والاستقرار لهذه المدن وتوفير فرص العمل".
واعتبر أن التدخلات الإيرانية ألحقت الأذى الأكبر بالعراقيين في الجنوب الذين يعتبرون المتضرر الأول من سياسات طهران ودورها الإرهابي في المنطقة، مشيرا إلى أن "إيران تواصل نشر المخدرات بين أبناء الجنوب، وقطعت 41 نهرا عنهم، وملأت أسواق العراق بالأغذية والمنتجات الفاسدة والأدوية الطبية الفاسدة، والكثير من المليشيات التي عاثت في الجنوب فسادا، وأخذت تمثل هاجساً يوميا مقلقا لأهله".
وأكد الجبوري أن الأمور وصلت إلى حد لا يطاق من قبل أبناء الجنوب، الذين خرجوا بتظاهرات تندد بضياع مستقبل بلدهم، وتعطيل مسيرة البناء والتنمية في المحافظات، مشيرا إلى أن التمدد الإيراني أصبح يشكل خطرا وعقبة أمام استقرار العراق وسوريا واليمن واستقرار المنطقة بأسرها؛ لذلك ثار الجنوب ثورة كبرى دون تدخل أي دولة إقليمية؛ ليضع حدا لهذا التمدد.
aXA6IDM0LjIyOS4xMTAuNDkg جزيرة ام اند امز