الاتفاق الإبراهيمي.. عامان من "تاريخ السلام"
"نمو اقتصادي، وتعزيز لاستقرار وازدهار المنطقة، وتوثيق العلاقات بين شعوبها".. ثمار عامين من تاريخ السلام الذي نتج عن اتفاقيات إبراهيم.
وفي مثل هذا اليوم قبل عامين، وتحديدا في 15 سبتمبر/أيلول 2020، تم توقيع اتفاق سلام إماراتي إسرائيلي شكّل لحظة تاريخية فارقة ترجمت على أرض الواقع عبر زيارات متبادلة، ومباحثات متواصلة لتعزيز التعاون واستقرار المنطقة.
- عامان على اتفاقيات إبراهيم.. ثمار السلام في سلة المنطقة
- رئيس إسرائيل: اتفاقيات إبراهيم خلقت فرص السلام
وبقرارها الشجاع والتاريخي، نجحت دولة الإمارات في وقف ضم إسرائيل لأراض فلسطينية، وإبقاء الأمل في إقامة دولة فلسطينية.
أيضا فتحت دولة الإمارات الباب أمام العرب لتوسيع آفاق الاستقرار، حيث انضم البحرين والسودان والمغرب لقطار السلام، مؤكدين صواب الرؤية الإماراتية في إمكانية نجاح لغة الحوار لتحقيق ما لم تحققه عقود الجفاء والمقاطعة.
الإمارات وإسرائيل.. آفاق واعدة
وتحل ذكرى مرور عامين على توقيع الاتفاق الإبراهيمي في وقت يقوم فيه الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي بزيارة إلى إسرائيل تستمر عدة أيام يجري خلالها مباحثات مهمة لتعزيز التعاون.
ومن المقرر أن يجري رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، الخميس، مباحثات مع الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان تتناول تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وآفاق التعاون والشراكة الإماراتية الإسرائيلية.
زيارة تأتي بعد نحو شهرين من عقد قمة رباعية لقادة مجموعة "I2U2" -التي تضم دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية والهند وإسرائيل- شارك فيه عن بعد كل من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وجو بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وناريندرا مودي رئيس وزراء الهند ويائير لابيد رئيس وزراء إسرائيل.
وفي كلمة شكلت خارطة طريق عن شراكات السلام في توفير مناخ الازدهار والاستقرار، قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إن "هذه القمة دليل واضح على الفرصِ الكبيرةِ للتعاونِ بين الدولِ والاقتصادات ذات القيم المشتركة والأهداف التي تتمحور حول السلام والتسامح والازدهار".
وأضاف: "أن دولَنا الـ4 لا تمتلك حدوداً جغرافيةً مشتركةً، لكنها تلتقي في سعيها نحو السلام وعملها المشترك لتحقيق الرخاء والازدهار".
وبيّن أن "دولة الإمارات تؤمن بأن الاقتصادَ هو السبيل الأمثل لتحقيق السلام والأمن والتقدم، خاصةً عندما تمتلكُ الحكوماتُ والشعوب الإرادةَ والشجاعةَ لبناءِ الشراكات ومواجهة التحديات".
شراكات سبق أن ترجمتها دولة الإمارات على أرض الواقع، بإبرامها وإسرائيل في 31 مايو/أيار الماضي اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، بهدف توطيد العلاقات التجارية والاستثمارية وتحفيز التجارة البينية غير النفطية وصولاً إلى 10 مليارات دولار سنوياً في غضون الأعوام الـ5 المقبلة.
تلك الشراكة بدأت بها الدولتان حقبة جديدة من التعاون البناء على ضوء الاتفاق الإبراهيمي للسلام الموقع بينهما في سبتمبر/أيلول 2020، وستسهم في فتح آفاق واعدة تدعم تحقيق الازدهار والاستقرار.
المغرب وإسرائيل.. تعاون متواصل
أيضا تحل ذكرى عامين على توقيع الاتفاق الإبراهيمي بالتزامن مع قيام المفتش العام للقوات المسلحة المغربية بلخير الفاروق بزيارة "غير مسبوقة" لإسرائيل بدأها 13 سبتمبر/أيلول الجاري، ويجري خلالها مباحثات تتناول سبل تعزيز التعاون العسكري وتوسيعه ليشمل مجالات التكنولوجيا والابتكار.
وتأتي مشاركة المسؤول العسكري المغربي في ذروة تقدم ملحوظ في العلاقات الإسرائيلية- المغربية بما في ذلك على المستوى الأمني.
خطوات مغربية وإسرائيلية تسارعت وتيرتها خلال الفترة الأخيرة، لتعزيز العلاقات الثنائية بينهما، وتقوية الشراكة في مجالات متعددة.
وضمن أحدث تلك الشراكات الثنائية بين البلدين، تم في 26 يوليو/تموز الماضي التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارتي العدل بالمغرب وإسرائيل، بشأن تعزيز وتشجيع التعاون الثنائي في الميدان القانوني.
وفي اليوم نفسه، تم توقيع اتفاقية إطار للتعاون بين الجامعة الملكية المغربية للكرة الطائرة والجمعية الإسرائيلية للعبة، تستهدف تعزيز التعاون الرياضي وتبادل الخبرات والتجارب بين الجانبين.
وكان إسرائيل والمغرب أعلنا في ديسمبر/كانون الأول 2020 إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين، وأعقب ذلك افتتاح ممثليات دبلوماسية في تل أبيب والرباط وإقامة خط طيران بينهما.
البحرين وإسرائيل.. تطوير العلاقات
وتزامنا مع تلك الذكرى تمضي العلاقات بين البحرين وإسرائيل إلى آفاق أرحب.
وقبل أسبوع أجرى وفد طبي إسرائيلي زيارة إلى البحرين في 8 سبتمبر/أيلول الجاري في إطار علاقات التعاون الثنائي بين الجانبين.
وتأتي هذه الزيارة ضمن سلسلة زيارات لتعزيز سبل التعاون المشترك بين الطرفين في إطار يتماشى وأهدافهما الرامية إلى النهوض بمستوى الخدمات الصحية في كلا البلدين.
وفي 21 يوليو/تموز الماضي، جرى اتصال هاتفي بين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء البحريني ويائير لابيد رئيس وزراء إسرائيل.
وخلال الاتصال تم التأكيد على أهمية تعزيز مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، وتنمية أوجه التعاون والتنسيق المشترك في مختلف المجالات.
زيارات ومباحثات تؤكد أن شركاء السلام في الاتفاقيات الإبراهيمية (دولة الإمارات والمغرب والبحرين وإسرائيل)، يمضون قدما في استثمار ثمار السلام الذي تحقق، والتأسيس عليه للنهوض بمستقبل المنطقة.
دعم أبدي لفلسطين
وبالتوازي مع تلك المباحثات والزيارات، لم تغب دولة الإمارات يوما عن مساندة الشعب الفلسطيني، وظلت القضية الفلسطينية -ولا تزال- تحتل مكانة خاصة في قلب ووجدان قيادة وشعب دولة الإمارات، باعتبارها قضية العرب والمسلمين العادلة التي تعبّر عن قيم الحق والعدل والخير.
ومنذ خطوتها التي وصفها مراقبون ومسؤولون بالشجاعة والجريئة بشأن توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، ما فتئت دولة الإمارات تؤكد أن المعاهدة لن تكون على حساب القضية الفلسطينية، وإنما تدعمها لتحقيق أمنيات الشعب الفلسطيني والعالم العربي والإسلامي في إقامة دولة فلسطينية، انطلاقا من رؤيتها حول إمكانية نجاح لغة الحوار في تحقيق ما لم تحققه عقود الجفاء والمقاطعة.
وقبل أسبوع، جدد خليفة شاهين المرر وزير الدولة الإماراتي، خلال مشاركة الإمارات في اجتماع المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية في دورته العادية 158 واجتماعات عربية عدة 7 سبتمبر/أيلول الجاري التأكيد على موقف دولة الإمارات الثابت في دعم قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وحل الدولتين، ودعم كل الجهود الإقليمية والدولية المبذولة للدفع بعملية السلام، وصولا إلى تحقيق سلام عادل وشامل.
محطات تاريخية
وفي 15 سبتمبر/أيلول 2020، استيقظ العالم على حديقة غنّاء في البيت الأبيض أينعت بتوقيع اتفاق سلام بين دولة الإمارات وإسرائيل شكّل لحظة تاريخية فارقة.
وهو الأمر الذي شجع البحرين على توقيع إعلان تأييد السلام مع تل أبيب في اليوم نفسه.
توقيع المعاهدة تم في حفل أقيم بالحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، بحضور الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب.
ووقع المعاهدة عن الجانب الإماراتي، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وعن الجانب البحريني وزير الخارجية عبداللطيف بن راشد الزياني، ومثل إسرائيل حينها رئيس الوزراء آنذاك بنيامين نتنياهو.
جاء توقيع المعاهدة بعد مكالمة تاريخية جرت بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مع ترامب ونتنياهو يوم 13 أغسطس/آب 2020.
وكان الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان قد أكد خلال الكلمة التي ألقاها في حفل التوقيع أن هذه المعاهدة ستمكن دولة الإمارات "من الوقوف أكثر إلى جانب الشعب الفلسطيني، وتحقيق آماله في دولة مستقلة ضمن منطقة مستقرة مزدهرة".
وأكد أن "معاهدة السلام هذه التي تعد إنجازا تاريخيا لكل من الولايات المتحدة الأمريكية ودولة إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة، لن يتوقف أثرها الإيجابي، بل إننا نؤمن بأن ثمارها ستنعكس على المنطقة بأسرها، فكل خيار غير السلام سيعني دمارا وفقرا ومعاناة إنسانية".
وبتلك المعاهدة منحت دولة الإمارات بارقة أمل وفرصة حقيقية إلى دول منطقة الشرق الأوسط بأن تنعم بالسلام والاستقرار، بعد عقود طويلة من الصراعات والتوترات التي أثرت على مستقبل شعوبها.
ومنذ توقيع الاتفاق الإبراهيمي مرّ قطار السلام بمحطات مهمة، وحقق إنجازات قياسية في فترة قصيرة.
محطات وإنجازات تتوج جهودا متسارعة لتطبيق معاهدة السلام التاريخية على أرض الواقع، وتعكس رغبة صادقة في أن يسهم التعاون بين الجانبين في النهوض بالمنطقة وتوثيق العلاقات بين الشعوب.
لغة الأرقام
وتحل ذكرى مرور عامين على اتفاق السلام، فيما تؤكد لغة الأرقام أن العلاقات التجارية بين إسرائيل والدول الموقعة على اتفاقيات إبراهيم، فاقت التوقعات وامتدت لتصل إلى دول أخرى في المنطقة.
وبمرور عامين على اتفاقيات إبراهيم فقد قفزت التجارة بين إسرائيل والدول الموقعة على اتفاقيات إبراهيم بشكل كبير بالتزامن مع توقيع عشرات مذكرات التفاهم والاتفاقيات التجارية والمالية.
وقال معهد اتفاقيات إبراهيم للسلام في بيان تلقته "العين الإخبارية": "بلغت التجارة الثنائية بين إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة 1.407 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من عام 2022، متجاوزة 1.221 مليار دولار من التجارة المسجلة بين البلدين في عام 2021 بالكامل".
كما أشار المعهد في يونيو/حزيران الماضي إلى أن التجارة مع الأردن زادت بنسبة 54% عن العام الماضي وبلغت 55 مليون دولار، تليها مصر بنسبة 41% بقيمة 23.6 مليون دولار.
وقال: "وصل المغرب إلى 3.5 مليون دولار في صفقات تجارية مع إسرائيل في يونيو/حزيران 2022، انخفاضا من 9 ملايين في يونيو/حزيران 2021، وفي النصف الأول من 2022 وصلت التجارة الثنائية إلى 19.4 مليون دولار وهو ما يوازي قيمة التجارة الثنائية في النصف الأول من عام 2021".
وأضاف: "زادت التجارة بين إسرائيل والبحرين إلى 0.8 مليون دولار في يونيو/حزيران 2022، ارتفاعا من 0 في يونيو/حزيران 2021، وفي النصف الأول من عام 2022 وصلت التجارة الثنائية بين البلدين إلى 5 ملايين دولار ارتفاعا من 0 في النصف الأول من عام 2021".
aXA6IDMuMTUuMjM5LjUwIA== جزيرة ام اند امز