عامان على اتفاقيات إبراهيم.. ثمار السلام في سلة المنطقة
عامان على توقيع اتفاقيات إبراهيم للسلام التي حققت تقدما مذهلا رغم التحديات المتعددة، وبشرت بتعاون مثمر لمنطقة واعدة بإمكانات هائلة.
ويتفق المسؤولون والخبراء على أن ما كان يبدو حلما صعب التحقيق قبل توقيع هذه الاتفاقيات في 15 سبتمبر/أيلول 2020، أصبح حقيقة بعد توقيعها بالبيت الأبيض بعد شهر من إعلان فاجأ العالم أجمع.
- بينيت: اتفاقية إبراهيم للسلام أسست بنية جديدة للعلاقات في المنطقة
- رئيس إسرائيل: اتفاقيات إبراهيم خلقت فرص السلام
وبات بالإمكان رؤية ثمار هذه الاتفاقيات في أنحاء المنطقة، مع استمرار المساعي لتوسيع نطاق الاتفاقيات لتشمل دولاً عربية وإسلامية أخرى.
ثمار السلام تزدهر
وأثمرت هذه الاتفاقيات بالعلاقات الاقتصادية الواسعة وتبادل الزيارات على مستوى رفيع بالتزامن مع افتتاح سفارات في عواصم عربية وإسرائيل وتدشين خطوط جوية بين الدول.
المعلم الأبرز لهذه الاتفاقيات هو منع ضم إسرائيل مساحات واسعة من الضفة الغربية، ما كان ينذر بإنهاء فرص حل الدولتين، فلسطين وإسرائيل، إلى الأبد.
ويقر المسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون منذ عامين بأنه كان من شأن التوصل إلى هذه الاتفاقيات وقف خطط الحكومة الإسرائيلية ضم ما يزيد عن 33% من مساحة الضفة الغربية بما يشمل غور الأردن.
كما يقرون بأن إبرام هذه الاتفاقيات حال دون تصعيد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية وقلص الاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق ومهندس اتفاقيات إبراهيم من الجانب الإسرائيلي مئير بن شابات: "على الرغم من التقلبات والصراعات السياسية، لا تزال اتفاقيات إبراهيم موضع إجماع. وهذا ليس بسبب الفوائد في مجالات الأمن، والاقتصاد، والتكنولوجيا فقط، بل أيضا لأنها تحمل رؤية وتعبر عن الأمل بسلام حقيقي ومستقبل أفضل".
"قطار السلام" مستمر
وأضاف مئير بن شابات في ورقة موقف مع دافيد أهرنسون، نائب مدير معهد اتفاقيات إبراهيم للسلام، تلقتها "العين الإخبارية": "ما جرى كان بمثابة حلم: خلال 4 أشهر تم توقيع اتفاقيات سياسية بين إسرائيل و4 دول. كان هذا شعاع ضوء، برز من وراء الغيمة السوداء التي طغت بسبب انتشار وباء كورونا. شعاع أمل، وتفاؤل، وتجديد".
وقالا: "خلال العامين الماضيين، تم فتح ممثليات دبلوماسية إسرائيلية في كل واحدة من الدول التي وقّعت اتفاقيات إبراهيم: الإمارات، البحرين، السودان والمغرب. كما تم فتح خطوط جوية مباشرة بين تل أبيب وأبوظبي، ودبي، والمنامة، والدار البيضاء ومراكش".
وتابعا: "بالإضافة إلى قيام وزراء ومسؤولين من هذه الدول جميعاً بزيارات متبادلة، وتوقيع اتفاقيات تعاون في عدة مجالات. كما بادرت مجموعات من رجال الأعمال إلى دراسة الفرص المتاحة، وتبادل نماذج العمل، وكذلك الأمر بالنسبة إلى هيئات المجتمع المدني، إذ تم رصد عشرات المبادرات".
تعاون متعدد المجالات
ولفتا إلى أن "التعاون التجاري والاتفاقيات الاقتصادية أدى إلى ارتفاع دراماتيكي في أرقام التجارة بين الدول الموقّعة على (اتفاقيات أبراهام)، ومن ضمنها الاستثمار المباشر بين الدول".
وأشارا الاثنان إلى أنه "في المقابل، فإن اتفاق الإعفاء من تأشيرة الدخول بين إسرائيل والإمارات، والتأشيرة الإلكترونية للإسرائيليين الراغبين في السفر إلى البحرين والمغرب، جعل سفر الإسرائيليين إلى هذه الدول أسهل بكثير من السفر إلى نيويورك أو واشنطن".
وقالا: "إذا، التقدّم مستمر وسريع، والصورة العامة إيجابية وواعدة. وعلى الرغم من ذلك، فإن التحديات كثيرة، والإمكانات الكامنة في اتفاقيات إبراهيم واعدة جدا".
واعتبرا في هذا الصدد أن من المجالات المدنية الكثيرة التي يمكن تحقيقها "إقامة مشاريع إقليمية بمشاركة مصر وإسرائيل ودول الخليج والتي من شأنها أن تساعد على حل جزء من المشكلات الأساسية في قطاع غزة بمجال البنى التحتية والاقتصاد، دون زيادة المخاطر الأمنية الموجهة ضد إسرائيل".
كما قالا: "يمكن إيجاد بدائل للقمح في دول أفريقيا، ومن بينها السودان، من خلال استغلال المعرفة والتكنولوجيا الإسرائيلية والإماراتية والمغربية".
وقد أطلقت اتفاقيات إبراهيم، منذ إبرامها، فرصا هائلة متعددة الأطراف تعكس بثمارها على المنطقة والعالم أجمع.
ضمان للسلام
روبرت جرينواي وآشر فريدمان قالا في "ورقة موقف" تلقتها "العين الإخبارية": "بعد ما يقرب من عامين من توقيعها، يمكن لاتفاقيات إبراهيم أن تساعد في توفير الحلول لأكثر التحديات إلحاحا التي تواجه المجتمع الدولي، مع ضمان السلام والاستقرار للأسواق الأمريكية والأوروبية والآسيوية الموجودة على مفترق طرق".
ومن المتوقع أن تزداد فوائد الاتفاقات على الاستقرار العالمي بشكل كبير مع انضمام المزيد من الدول، من أفريقيا إلى الخليج إلى جنوب آسيا. وبالتالي، فإن من مصلحة جميع أصحاب المصلحة الأمريكيين والدوليين لعب دور فعال في توسيع وتعميق الاتفاقات، بحسب ما جاء في "ورقة الموقف".
وروبرت جرينواي، هو الرئيس والمدير التنفيذي لمعهد اتفاقات إبراهيم للسلام، وكان أحد مهندسي اتفاقيات إبراهيم، أما آشر فريدمان فهو مدير معهد اتفاقات إبراهيم للسلام في إسرائيل.
روبرت جرينواي وآشر فريدمان أشارا إلى أنه: "كان النمو في العلاقات الثنائية، بلا شك، مثيرًا للإعجاب، حيث من المتوقع أن تصل التجارة الإماراتية الإسرائيلية إلى 4 مليارات دولار في عام 2022".
وقالا: "ومع ذلك، فإن الإمكانات التحويلية الحقيقية للاتفاقيات تكمن في المبادرات الاستراتيجية متعددة الأطراف التي تربط أعضاء اتفاقيات إبراهيم ودول الشرق الأوسط الأخرى مع أسواق الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا التي تقع على مفترق طرق".
حل "معضلة الطاقة"
ولفتا في هذا السياق إلى أن "أحد المجالات التي يمكن أن يكون لهذه الإمكانات التحويلية فيها تأثير بعيد المدى لتلبية الاحتياجات الملحة هو مجال الطاقة".
وقالا: "في يونيو/حزيران 2022، وافق الاتحاد الأوروبي ومصر وإسرائيل على زيادة صادرات الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا بشكل كبير عبر مصر، مما يوفر للاتحاد الأوروبي بديلا موثوقا به للغاز الروسي، مع تعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر وإسرائيل".
وأضافا: "هذه الاتفاقية هي بشرى للتعاون في المستقبل في مجال الطاقة من خلال أطر مثل منتدى غاز شرق المتوسط. وفي الواقع، وفقًا للمسح الجيولوجي الأمريكي، تقدر احتياطيات الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط بحوالي 345 تريليون قدم مكعب، وهو أكثر من كافٍ لتلبية الاحتياجات المحلية والتصدير إلى أوروبا، واستبدال فقد الغاز الروسي بعد عمليتهم العسكرية بأوكرانيا".
روبرت جرينواي وآشر فريدمان أشارا إلى أنه "يشمل هذا التعاون مجال الطاقة المتجددة أيضًا، حيث تشهد المنطقة مبادرات جديدة بمشاركة دولية. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2021 وقعت الأردن وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة مذكرة، تحت إشراف الولايات المتحدة، لتطوير مشروع الازدهار الأخضر/الأزرق، والذي سيشهد قيام الأردن بالاستفادة من مساحته الصحراوية لتوفير الطاقة الشمسية لإسرائيل، بينما تزود إسرائيل الأردن بما يصل 200 مليون متر مكعب من المياه المحلاة".
وقالا: "بالنظر إلى المستقبل، مع تحسين تقنيات الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، يمكن أن يصبح الشرق الأوسط مصدرًا موثوقا لاحتياجات أوروبا من الطاقة المتجددة".
تعاون تجاري زراعي
واعتبرا أنه "يمكن لمشاريع اتفاقيات إبراهيم المشتركة بالاستفادة من نقاط القوة النسبية لكل دولة، أن تعزز المشاريع الزراعية الناجحة في دول الاتفاقات مثل السودان، فضلاً عن الاقتصادات النامية الأخرى".
في الوقت نفسه، يمكن أن يؤدي توسيع الطريق التجاري البري بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي، والذي يربط أوروبا بآسيا، إلى تقليل وقت وتكلفة شحن المواد سريعة التلف في جميع أنحاء المنطقة، وبالتالي تعزيز الأمن الغذائي، بحسب الخبيرين.
وفي الواقع، يمكن أن يؤدي التعاون الابتكاري لاتفاقيات إبراهيم، في قطاعات مثل الطاقة والمياه والزراعة والخدمات اللوجستية، إلى اختراقات من شأنها تحسين حياة ليس فقط سكان المنطقة، ولكن أيضا أكثر من ملياري شخص من سكان المناطق القاحلة وشبه قاحلة المناخ، كما قالا روبرت جرينواي وآشر فريدمان.
واعتبرا أن "مدينة مصدر في دولة الإمارات فرصة للعمل معا على نماذج جديدة للحياة المستدامة".
وبحسب الخبيرين فإنه "يمكن أن يوفر مؤتمر COP27 المرتقب في مصر وCOP 28 في دولة الإمارات مرحلة ممتازة لإظهار فوائد التعاون المناخي في الشرق الأوسط على كوكب الأرض".
aXA6IDMuMTIuMTQ4LjE4MCA=
جزيرة ام اند امز