تحولت الإمارات إلى مركز ربط اقتصادي وتجاري بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، وإلى بوابة الدخول الأهم لمنطقة الشرق الأوسط.
هذا بما يدعم طبعا استمرارية المحيط الهندي كطريق ذي أهمية عالية للتجارة الحرة والملاحة وفي التعاون الإقليمي لمواجهة تداعيات التغير المناخي والعمل على خفض تأثيراته والتكيف مع الحالات المناخية البحرية.
والإمارات من أوائل الدول، التي عملت على نشر استخدام حلول الطاقة المتجددة محلياً وعالمياً، باعتبارها دولة ساحلية تدرك جيداً أهمية الموارد البحرية للتنمية الاقتصادية وخدمات النظم الإيكولوجية، التي توفرها، وتؤمن بشدة بمفهوم "الاقتصاد الأزرق".
يعتبر المحيط الهندي حجر الزاوية في إعادة توازن القوى، فضلاً عن أنه ثالث أكبر محيط في العالم يثير مسائل عدة.. فهذه المنطقة البحرية تمثل نقطة العبور نحو آسيا وأوروبا وأفريقيا، وهي مركز سوق النفط العالمي وموطن أكبر طريق تجاري سريع، كما تحد سواحلها العديد من الدول التي تثير صراعاتها مخاوف المجتمع الإقليمي أولاً، ثم مخاوف المجتمع الدولي ثانياً.
ويتمتع المحيط الهندي بأهمية بالغة في الجغرافيا السياسية العالمية، وذلك لكشف وجهات النظر المختلفة وردود فعل أصحاب المصلحة، في حال كان التسابق لفرض السيطرة على المحيط الهندي يعتبر غاية الجميع، فالصين هي الدولة الأقرب إلى تحقيق ذلك، وفي خطوة ثانية، سنرى أن نموذجاً جديداً يبدو كأنه يتكون تدريجياً، في حين يكشف تنامي الهند أن الهيمنة من قبل كيان واحد تبدو مستبعدة.
ولأهمية استراتيجية المحيط الهندي سبق أن ترأست دولة الإمارات مؤتمر منظمة الدول المطلة على المحيط الهندي بدءاً من عام 2019م.، انطلاقاً من حرصها على المشاركة في المؤتمر ومن توجهاتها لتوطيد علاقاتها في المجالات البحرية كافة، وبالأخص الاقتصادية مع دول العالم بشكل عام، ومنطقة الاقتصادات الآسيوية على وجه الخصوص، في ظل التوقعات العالمية بارتفاع معدل نمو حجم صادرات هذه الاقتصادات من 17% في 2010 إلى 28% عام 2030، ما يؤكد مدى أهمية منطقة دول المحيط الهندي عالمياً.
وتشكل متابعات منظمة الدول المطلة على المحيط الهندي فرصة لاستعراض العديد من ثوابت السياسة الخضراء، التي بدأت دولة الإمارات انتهاجها خلال الأعوام الماضية، ومن أهمها بناء قطاع اقتصادي يتمحور حول الابتكار والتكنولوجيا الحديثة لمعالجة العديد من التحديات البيئية المتعلقة بالمياه البحرية والمحيطات، وسعيها نحو تحقيق الريادة في تغيير المفاهيم عبر تبني مبادرات الاستدامة البيئية على المستوى العالمي، وتعزيز دورها في وضع حلول للتحديات الرئيسية في المنطقة بشأن مستويات الملوحة العالية ونضوب الأسماك وغيرها من التحديات البيئية المشتركة.
وباعتبار أن حماية البيئة البحرية، سواء في الخليج العربي أو خليج عمان أو في المحيط الهندي بشكل عام، هي مسؤولية مشتركة بين دوله، فقد كانت دولة الإمارات شديدة الحرص على المشاركة في الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى حماية البيئة البحرية في البحار والمحيطات، وسبق أن شاركت في تأسيس المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية، ROPME، عام 1978م.، وانضمت إلى الاتفاقيات والبروتوكولات التي صدرت عنها.
وتأتي الإمارات في المرتبة الأولى عالمياً من حيث مساحة المحميات البحرية، بالإضافة إلى إعداد سياسة بيئية واضحة وتبسيط التشريعات وآليات الرقابة وتوحيدها وإدخال مفاهيم الابتكار والذكاء الاصطناعي، واستشراف المستقبل في إدارة البيئة، كما تسعى الإمارات إلى خلق نموذج جديد للمنطقة والعالم بُغية تحقيق التوازن الاقتصادي والبيئي والاجتماعي المطلوب، والعمل على تبادل الخبرات من أجل أهداف التنمية العالمية المستدامة وللحفاظ على صحة البيئة البحرية، وتحسين جودتها لحماية إرثها البحري وضمان الاستخدام المستدام لمواردها البحرية للأجيال القادمة.
وتهتم دولة الإمارات بهذا الشأن انطلاقاً من دورها الرائد عالمياً في مجال الحفاظ على البيئة البحرية، واتخاذها قرارات تضمنت مزيدا من الضوابط والإجراءات الرامية إلى حماية الموارد والثروات البحرية، وهناك شروط دقيقة وعديدة، منها ما يتعين على السفن والناقلات الالتزام بها عند تفريغ الزيت أو المزيج الزيتي أو تصريف مياه الصرف الصحي.
وتظل رؤية القيادة الإماراتية واسعة وذات بصيرة نحو مستقبل واعد في مجالات التنمية المستدامة، والتي تأتي من تاريخ حافل بمشاريع بيئية رائدة، فأثمرت جهودها المبذولة على مستوى عالٍ مبادرات رائدة وإنجازات عالمية عديدة.
وقد أضحت الحاجة ملحة إلى اتخاذ إجراءات وجهود مشتركة في منطقة الشرق الأوسط لمعالجة العديد من التحديات البيئية والمناخية المشتركة والمتعلقة بالمياه البحرية والمحيطات، حفاظا على الأنواع البحرية التي تأويها، ووضع حد لوقف تدهور المحيطات والبحار والأنهار، ما ينعكس إيجاباً على البشر وكوكب الأرض ويعزز من مستوى رفاهية الشعوب.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة