الإمارات وأمريكا.. تحالف مناخي قوي للتعافي الأخضر
يعتمد النجاح الدبلوماسي على مستقبل أسواق النفط في عالم ما بعد الوباء، واستعداد الدول لتسريع الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة.
من هنا تعهدت الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية في أوائل أبريل/نيسان الجاري على التعاون في مجال تمويل جهود إزالة الكربون في جميع أنحاء دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عبر ضخ استثمارات في التقنيات النظيفة أو التكنولوجيا غير الملوثة للبيئة.
- الإمارات وأمريكا تؤكدان التزامهما بالتعاون في مواجهة تحديات التغير المناخي
- الحوار الإقليمي للتغير المناخي في الإمارات.. ختام ناجح لقمة تاريخية
هذا التعاون يعد علامة على دبلوماسية المناخ المتجدد، والتي سيتوقف نجاحها على وضع الاقتصادات المعتمدة على الوقود الأحفوري هذه التعهدات والسياسات حيز التنفيذ.
وجاء هذا الإعلان في هيئة بيان مشترك، عقب زيارة جون كيري المبعوث الأمريكي للمناخ إلى أبوظبي في 4 أبريل/نيسان، للمشاركة في حوار المناخ الإقليمي الذي عقدته الإمارات، وضم تسع دول أخرى في الشرق الأوسط.
وخلال الحوار، ناقش المسؤولون حزمة قضايا مُلحة تتعلق بالمناخ، تشمل كيفية تسريع نشر الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين بالمنطقة، وتقليل الانبعاثات الناجمة عن الوقود الهيدروكربوني، إلى جانب تحفيز الاستثمارات في الحلول المبتكرة مثل التقاط الكربون وتخزينه.
وفي بيان منفصل حظي بتوقيع جميع الدول المشاركة، أكدوا خلاله "التزامهم بتسريع العمل المناخي"، مع التشديد على الربط بين الاستثمارات في حلول خفض الكربون وخلق فرص العمل.
وسلط جون كيري في مقابلة مع صحيفة "ذا ناشيونال" الضوء على أهمية دور الإمارات كدولة منتجة للنفط والغاز، في حشد مجموعة من الدول قد يعتقد كثير من الناس أنها ربما لا تلتزم بالتعامل مع قضية أزمة المناخ.
هذا مع العلم أن المملكة العربية السعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم والقائد الفعلي لمجموعة أوبك، لم تكن حاضرة على طاولة الحوار.
زيارة كيري إلى الإمارات، أعقبتها رحلة إلى الهند لمناقشة جدول أعمال تترأسه قضية المناخ، وهي جزء من الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لإعادة تأكيد وجودها على المسرح الدولي للمناخ، ومساعي قطع التزامات دولية أعمق لخفض الانبعاثات، وذلك قبل أسابيع قليلة من عقد قمة المناخ في 22 أبريل الجاري، بدعوة من الرئيس الأمريكي جو بايدن.
ومن المقرر أن تجمع القمة 40 من قادة العالم قبل قمة "COP 26" المزمع انعقادها في نوفمبر المقبل.
ومن المتوقع أن يكون الطريق غير سهل لتحقيق هذه الأهداف، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لكون الغاز والنفط يعدان من المصادر الأساسية لإمدادات الطاقة، وهو ما ألمح إليه البيان المشترك الذي تم صياغته بعناية من الولايات المتحدة والإمارات.
وقال البلدان "يعتزمان اتخاذ خطوات نحو إزالة الكربون من اقتصاداتنا بما يتماشى مع ظروفنا الوطنية وخطط التنمية الاقتصادية" – وقد تكون هذه الظروف صعبة.
وتعد أبوظبي موطنا لمجمع نور للطاقة الشمسية بقدرة إنتاجية تبلغ 1.2 جيجاواط، وهو أكبر مشروع للطاقة الشمسية موجود في موقع واحد حيث يتكون من 3.2 مليون لوح شمسي ويغطي مساحة 8 كيلومترات.
وتعمل الإمارات الآن على بناء أكبر وأرخص محطة طاقة شمسية في العالم وهي محطة الظفرة بقدرة إنتاجية تصل إلى 2 جيجا وات، ومن المتوقع أن تكون قادرة على إمداد الطاقة لعدد 160 ألف منزل بحلول عام 2022، مستفيدة من أسعار الطاقة الشمسية المنخفضة بسبب ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة.
وتعكف دول المنطقة على تنفيذ خطط ومبادرات مناخية مهمة، إذ أعلنت الإمارات مطلع هذا العام عن سلسلة مبادرات لتطوير وقود الهيدروجين الخالي من الكربون لاستخدامات النقل والطيران.
كما كشفت سلطنة عُمان خلال اجتماع أبوظبي عن خططها لتعزيز الطاقة النظيفة خاصة الشمسية والرياح، فضلاً عن إعلان كل من البحرين والمغرب الشهر الماضي عن رغبتهما في التعاون بمجال الطاقة المتجددة.
ونقلت "عرب نيوز" عن الدكتور سلطان الجابر، المبعوث الخاص لدولة الإمارات لشؤون التغير المناخي قوله: "تتمتع منطقتنا بقدرات كبيرة ومتميزة تسمح لها بالمساهمة في مواجهة التحدي العالمي المشترك لتغير المناخ".
ومع ذلك، تعد الإمارات سابع أكبر مُنتج للبترول في العالم، حيث شكلت صادراتها من الوقود الأحفوري 25% من إجمالي عائدات التصدير في عام 2019 ، وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
كما تخطط البلاد لزيادة إنتاجها من النفط والغاز خلال السنوات المقبلة، وتعبر أيضا كل من العراق والكويت من بين أكبر 10 دول منتجة ومصدرة للنفط في العالم.
فيما تنخرط بلدان أخرى شاركت في حوار المناخ في ملفات تعريفية مماثلة عندما يتعلق الأمر بالوقود الأحفوري، وكذلك عند مناقشة إمكانيات الطاقة المتجددة الواعدة.
وقد يلعب اختيار مدى عمق وحجم الاستفادة من إمكانات الطاقة الخضراء، دورا في إعادة صياغة شكل المجتمع في مرحلة ما بعد وباء كورونا.
فحسبما ذكر تقرير الوقود الصادر عن وكالة الطاقة الدولية في مارس/أذار الماضي، فإنه في الوقت الذي يتعافى فيه الاقتصاد العالمي وأسواق النفط من الانهيار التاريخي العام الماضي، فإنه "قد لا تكون هناك عودة إلى الوضع الطبيعي لسوق النفط في حقبة ما بعد كورونا".
وأكدت الوكالة الدولية للطاقة أن الجهود العالمية المبذولة لتسريع وتيرة تحول الطاقة "خلقت درجة عالية من عدم اليقين والتي وضعت صناعة الطاقة محل اختبار، وتفرض قرارات صعبة على البلدان والشركات المنتجة للنفط".
وإلى جانب البيانات المشتركة ودبلوماسية المناخ، فإن تلك القرارات الصعبة المشار إليها هي التي ستحدد مدى السرعة التي ستعمل بها بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على إزالة الكربون.