القيادات المصرية والإماراتية أدركتا خطر التنظيمات المتطرفة بجميع تقسيماتها وتربص هذه التنظيمات بكل الدول العربية لهدمها.
تستند العلاقات بين الدول العربية عدا كونها محكومة بالقواعد الدبلوماسية والبروتوكولات السياسية، على مبدأ الأخوّة المرتبطة بالمصير المشترك. وفي ظل الأوضاع الراهنة التي تعصف بالواقع العربي وخروج دول عدة عن خط المشروع العربي لانشغالها بأوضاعها الداخلية كسوريا واليمن وليبيا والعراق، تحول ضغط وعبء الحفاظ على تماسك الكيان العربي ونفوذه إلى الدول العربية المستقرة، وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة التي قرأت جيداً ما يفتك بالبلاد العربية لا سيما في مصر، فاتخذت مواقف ثابتة تجاه شقيقتها مصر حتى أصبحت العلاقات المصرية الإماراتية تتجه إلى الانسجام بل والتمكين والتكامل وذلك لأسباب سياسية واقتصادية وهي:
قضية تنظيم الإخوان المسلمين، وهي من أكبر القضايا السياسية العالقة في مصر التي طالما كان طموحها هو الوصول إلى سدة حكم مصر بشتى الطرق بدءاً باغتيال الرئيس المصري الأسبق "محمد أنور السادات" عام 1981، وحتى تنفيذ العمليات المسلحة واستغلال النشاط السياسي وتسلّق الانتفاضات الشعبية لتعويم نفسها، وهو ما رفضه المزاج العام المصري لما تحمله من سلوك قائم على الإقصاء والاستيلاء على السلطة وتحويل البلاد إلى دولة متطرفة مرتبطة بالخارج.
ومن أشد المتنبهين لهذا السلوك -الذي يرمي إلى اجتياح البلاد العربية وتحويلها إلى دويلات محكومة بأوهام المرشد وتحويل المشروع العربي عن مساره القومي- هي دولة الإمارات التي دعمت بقوة مشروع مصر الوطني العروبي إدراكا منها بأهمية مصر ليس على صعيد العلاقات المصرية الإماراتية فحسب، بل على الصعيد الإقليمي في الوقت الذي تتعرض فيه الدول العربية لأشرس هجمة إقليمية تركية إيرانية منذ تقسيم هذه الدول بين مشرقية ومغربية.
أدركت القيادات المصرية والإماراتية خطر التنظيمات المتطرفة بجميع تقسيماتها وتربص هذه التنظيمات بكل الدول العربية لهدمها وبناء ممالك الدم وسلطنة التبعيات الخارجية بدلاً منها، لذلك عملتا على تدعيم ركائز العلاقة بين الدولتين التي رسخ معالمها باني الإمارات ومؤسس نهضتها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان
أما من الناحية الاقتصادية، فتعد "مصر" من أكثر الدولة تصديراً للعمالة للدول العربية لكثرة القوى العاملة فيها وخبرتها من جهة، ولأنها ذات اقتصادٍ قليل الموارد مقارنة باحتياجاتها من جهة أخرى، وتعد دول الخليج العربي المستقبل الأكبر لتلك العمالة وعلى رأسها الإمارات نظراً لقوة اقتصادها وانفتاحها على أسواق العالم حتى غدت قِبلة لرؤوس الأموال والمشاريع الاقتصادية الضخمة.
ولكن بعد فشل المشروع الإخواني في مصر المدعوم قطرياً وتركياً في آن واحد بدأت القاهرة بسحب يدها من الدوحة التي لم تعد لها مصلحة في مصر، فبدأت هي الأخرى بسحب المال القطري والمشاريع الاقتصادية من مصر، لتدرك الإمارات خطورة ذلك على الدولة المصرية التي تعافت للتو من التسلط الإخواني على الحكم، فاضطلعت أبوظبي بدورها الذي يمليه عليها واجب الأخوة العربية بمدها يد العون الاقتصادية لمصر من خلال المشاريع الضخمة لإغلاق الطريق أمام المال السياسي الدنيء ومنعه من التدفق إلى مصر سواء من قطر أم من غيرها، ولإنماء السوق المصرية الواسعة الذي تُرجم بزيادة الاستثمار الإماراتي في مصر والذي بلغ أكثر من 5.8 مليار دولار.
كما بلغ عدد الشركات الإماراتية العاملة في مصر أكثر من 700 شركة، وبلغت الصادرات المصرية إلى الإمارات 25% من جملة الصادرات المصرية؛ ما يبشر بنماء اقتصادي واستثمار ناجح للطرفين بإنماء مصر واستثمار موارد الإمارات.
مصر هي فسطاط العرب وحصنهم المنيع الذي إن سقط ستتهاوى الدول العربية تباعاً؛ لذلك لا بدّ من أن تكون هذه البلاد آمنة مستقرة لينعم العرب جميعا بالأمن والاستقرار بشكل تدريجي، ومن هنا أدركت القيادات المصرية والإماراتية خطر التنظيمات المتطرفة بجميع تقسيماتها وتربص هذه التنظيمات بكل الدول العربية لهدمها وبناء ممالك الدم وسلطنة التبعيات الخارجية بدلاً منها؛ لذلك عملتا على تدعيم ركائز العلاقة بين الدولتين التي رسخ معالمها باني الإمارات ومؤسس نهضتها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لتتعمق العلاقات إلى أبعد من الجانب الدبلوماسي والوحدة في مشروع سياسي وتكامل اقتصادي وأقل بقليل من أن يكون اتحاداً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة