في الحوار بين الشرق والغرب، تذهب بعض الأفكار للمراهنة على أن هذا الحوار مستحيل، طالما بقيت العقلية الاستعمارية تستولي على الدول الغربية
في الحوار بين الشرق والغرب، تذهب بعض الأفكار للمراهنة على أن هذا الحوار مستحيل، طالما بقيت العقلية الاستعمارية تستولي على الدول الغربية الكبرى، وتدفعها لتقدم مصالحها الاستراتيجية على علاقات الصداقة والتعاون والشراكة.
خلال زيارتي الأسبوع الماضي إلى باريس، ولقاء عدد كبير من المسؤولين الديبلوماسيين والمعنيين بشؤون الثقافة والفن في وزارة الخارجية والثقافة، ومركز بومبيدو ومتحف اللوفر والمكتبة الوطنية الفرنسية والمعهد العربي في باريس، لمست إصرارا فرنسيا على تغيير تلك الأفكار وإبداء وإعلان وتجديد رغبة فرنسية قديمة تؤكد أن الحوار مهم وممكن.
ضمن إطار الصداقة والندية وليس في عبوات العقليات التي مضت لحالها في تاريخ هذا العالم.
الحوار الإماراتي الفرنسي في العام 2018 ليس وليد اللحظة، بل يأتي تتويجاً لاحتفال البلدين بعلاقات صداقة متينة وتعاون مشترك امتدت على مدار 40 عاماً، واستند على إرث من العلاقات التي بناها الوالد المؤسس، الشيخ زايد، طيب الله ثراه، مع قادة فرنسا خلال تلك الفترة، لبنة لبنة، واشتملت على النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية والإنسانية والفنية.
قيادة الإمارات الحكيمة تابعت بجد ومثابرة ما بناه الوالد المؤسس بيديه الكريمتين، فطورت العلاقات مع فرنسا إلى مدى الصداقة الحقيقية المتينة، ومنها اقتطاف اسم اللوفر العريق ورسمه على بوابة عاصمة الدولة، وجعله منارة ووجهة للفن والمعرفة والحوار، وافتتاح لوفر أبوظبي بمحتوى وتصميم لم يشهده متحف في الشرق كله.
يرى الفرنسيون أن الفن لغة لا تخطئ أهدافها ومفرداتها، وأن الثقافة والعلم هما رأس الحكمة، وقالوا إن الإمارات تتمتع بإرث فني عظيم جعل الحوار والصداقة معها سهلاً وممتعاً ومميزاً ومنيعاً، وأن الإمارات شريك حقيقي في المجالات كافة
تجتمع الإمارات وفرنسا في عدد كبير من العناصر التي تجعل ساحة الحوار بين البلدين مفتوحة ومشرعة، قال لي الفرنسيون إن فرنسا فكرة، وإنها أمة وليست عرقاً، وهذا هو الحال في الإمارات، أمة عظيمة توحدت كدرة في تاج الشرق، وقال الفرنسيون إن باريس رفيقة دبي المتألقة، والشارقة المثقفة توأم ليون الأضواء، وأنهم عشقوا أبوظبي لأنها تتمتع بحصانة الجمال والحكمة السياسية.
وأن مدن فرنسا العريقة تتناغم مع عجمان ورأس الخيمة وأم القيوين والفجيرة، وتجتمع معها جميعاً في حوار استثنائي في الفن والتراث والسياحة وغيرها.
يرى الفرنسيون أن الفن لغة لا تخطئ أهدافها ومفرداتها، وأن الثقافة والعلم هما رأس الحكمة، وقالوا إن الإمارات تتمتع بإرث فني عظيم جعل الحوار والصداقة معها سهلاً وممتعاً ومميزا ومنيعاً، وأن الإمارات شريك حقيقي في المجالات كافة.
وأن تدشين «مسرح الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان» - الاسم الجديد لمسرح نابليون الثالث - في قصر فونتينبلو في باريس، ليس أول تقدير للإمارات وقيادتها وشعبها، بل إن الوفاء الفرنسي للصداقة الفرنسية الإماراتية يضرب جذوره تاريخياً، ويمتد اليوم وغدا كشجرة تنمو وتمتد وتظلل كل الذين اختاروا ظلها في الشرق والغرب.
تشرفت خلال جولتي في باريس بلقاء السيد «جاك لانغ» رئيس معهد العالم العربي في باريس، الذي قال «إن الإمارات هي منارة للإشعاع الحضاري والتسامح» وأن «الحوار بين الإمارات وفرنسا سيساهم بلا شك بإنصاف تراث العالم».
وكذلك الناقد والروائي والأكاديمي معجب الزهراني، مدير عام المعهد الذي أبدى إعجابه بالجهود الإماراتية في تمتين عرى الصداقة، وتحدث عن أهمية الحوار بين فرنسا والإمارات، والشرق والغرب، وذكر أن أبواب المعهد مفتوحة لكل مشروع ومبادرة تدعم هذا الاتجاه.
الحوار الإماراتي الفرنسي بدأ ولن يتوقف، ولأننا نسير وفق توجيهات القيادة الحكيمة الرشيدة التي بذلت وتبذل جهوداً جبارة، وتعمل بلا كلل لأن تكون الإمارات شريكاً حقيقياً للعالم الذي يمد يده لصداقة حقيقية متينة تقدر وتثمن ما بلغته الإمارات من مكانة سياسية واقتصادية وإنسانية وفنية، ولأن فرنسا بادرت، وفتحت قلبها للإمارات كبوابة للحوار بين الشرق والغرب، ومدّت يدها، فهذي يد الإمارات تصافحكم أيها الفرنسيون، ليصافح الشرق والغرب نفسه ويصبح المستحيل ممكناً.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة