الإمارات والسعودية.. المناسبات الوطنية تعزز الأخوة الأبدية
بتهنئة خاصة وزيارة أخوية، حرص ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز على مشاركة دولة الإمارات، الاحتفال بعيد الاتحاد الـ53.
لفتة أخوية تبرز العلاقات القوية والشراكة الاستراتيجية بين البلدين التي أضحت معها المناسبات الوطنية فيهما احتفالية مشتركة، تجمع قلوب الشعبين وتجسد العلاقات التاريخية التي تتوثق وتزداد تلاحما وقوة عاما بعد آخر، ومناسبة تلو أخرى بتوجيهات من قيادتي البلدين.
لفتة أخوية
ووصل الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس وزراء المملكة العربية السعودية إلى دولة الإمارات مساء الأحد، في زيارة أخوية تشكل دفعة جديدة إلى العلاقات الاستراتيجية الراسخة التي تجمع البلدين الشقيقين وشعبيهما.
وتزامنت الزيارة مع احتفالات عيد الاتحاد الـ53، بما تحمله من دلالات عميقة تجسد خصوصية الروابط التاريخية المتميزة التي تشكل نموذجاً فريداً يحتذى به للأخوة الراسخة المبنية على المحبة والمشاركة عبر مسيرة مُظفرة حافلة بالعطاء والعمل المشترك.
واستقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، أمس الأحد، أخاه الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس وزراء المملكة العربية السعودية لدى وصوله الإمارات.
وهنأ ولي العهد السعودي -خلال اللقاء الذي جرى في قصر الروضة في مدينة العين ــ رئيس دولة الإمارات بمناسبة عيد الاتحاد الـ 53 لدولة الإمارات، معرباً عن تمنياته للإمارات وشعبها مزيداً من التقدم والرفعة.
وتحتفل دولة الإمارات، اليوم الإثنين، بعيد الاتحاد الـ53، الذي يصادف تأسيس الاتحاد في 2 ديسمبر/كانون الأول عام 1971 بجهود المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بالتعاون مع إخوانه حكام الإمارات.
وتحتفي دولة الإمارات بتلك المناسبة المهمة، في وقت تتواصل فيه الزيارات المتبادلة وتتزايد المباحثات المتواصلة بين قادة ومسؤولي البلدين لدعم العلاقات وتنسيق الجهود وزيادة التعاون بينهما.
مباحثات هامة
وتعد زيارة ولي العهد السعودي خطوة مهمة نحو تعزيز العمل المشترك ودفع علاقات التعاون نحو مزيد من التنسيق حيال مختلف القضايا التي تشهدها المنطقة في وقت يشهد تحديات إقليمية ودولية متصاعدة، انعكست على المباحثات التي جرت بين القيادتين.
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز خلال لقائهما العلاقات الأخوية الراسخة ومسارات التعاون الثنائي والفرص الواعدة لتنميته في ضوء الشراكة الإستراتيجية الخاصة التي تجمع بين البلدين الشقيقين.
وتطرق الجانبان إلى أهمية دفع العمل الخليجي المشترك، مؤكدين في هذا السياق حرص البلدين على دعم كل ما يعزز منظومة العمل ويسهم في ترسيخ ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة.
كما شددا على أهمية تعزيز العمل العربي المشترك سواء على المستوى الثنائي أو الجماعي وذلك في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها المنطقة.
واستعرض الجانبان خلال اللقاء المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية وفي مقدمتها الأوضاع التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، مؤكدين أهمية تضافر الجهود للحفاظ على الاستقرار الإقليمي وتجنيب المنطقة تبعات أزمات جديدة تهدد أمنها واستقرارها إضافة إلى العمل على إيجاد مسار للسلام العادل والشامل والدائم الذي يقوم على أساس "حل الدولتين" ويضمن تحقيق الاستقرار والأمن للجميع.
وأقام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مأدبة عشاء تكريماً لأخيه الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز.
ويعد هذا اللقاء الثاني الذي يجمع الزعيمين خلال 6 شهور، بعد اللقاء الذي جمعهما، بقصر العزيزية بالمنطقة الشرقية في السعودية 17 مايو/أيار الماضي.
زيارات متبادلة
وإضافة إلى لقاءات القادة، لا تتوقف الزيارات المتبادلة لوفود ومسؤولين ورجال أعمال من البلدين لتعزيز التعاون، الذي شهد نقلة نوعية بعد تأسيس مجلس التنسيق السعودي الإماراتي عام 2016.
وضمن أحدث مبادرات مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، عقدت دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية الدورة الأولى للجنة القنصلية المشتركة بينهما في أبوظبي 26 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في إطار تعزيز العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين الشقيقين، وتأكيدا على الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين، التي تقوم على أسس تاريخية متينة ورؤية مشتركة لتحقيق المصالح الوطنية والتنموية.
وناقش الجانبان خلال الاجتماع سبل تعزيز التعاون القنصلي، مع التركيز على تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين في ظل الزيادة الملحوظة في أعداد المقيمين والزائرين السعوديين في دولة الإمارات، حيث سجلت نسبة المقيمين السعوديين نموا بلغ 20% بين عامي 2022 و2023، إضافة إلى زيادة أعداد الزائرين السعوديين إلى الإمارات بنسبة 6%، وارتفاع عدد الطلبة السعوديين الدارسين في دولة الإمارات بنسبة 16% خلال الفترة نفسها.
وتعكس هذه الأرقام عمق الروابط التي تجمع بين الشعبين، وتؤكد أهمية التعاون القنصلي في تلبية التطلعات المشتركة.
كما تناول الاجتماع سبل تحسين آليات تقديم الخدمات القنصلية، بما في ذلك تسهيل إجراءات السفر والتنقل، وتعزيز التعاون في مجال الخدمات القنصلية الرقمية، وتطوير حلول مبتكرة تضمن سرعة وكفاءة الاستجابة لاحتياجات المواطنين.
وأكد الجانبان التزامهما بتعزيز التنسيق المشترك والعمل على مواجهة أي تحديات قد تواجه مواطني البلدين في الخارج.
يأتي هذا الاجتماع بعد نحو شهر، من اجتماع جمع عبد الله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، رئيس مجلس الإمارات للإعلام، وسلمان الدوسري، وزير الإعلام السعودي في الرياض 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في إطار الحرص المتبادل على تعزيز أواصر التعاون الإعلامي بين البلدين الشقيقين والمساهمة الفاعلة في تطوير صناعة الإعلام بما يحقق الأهداف التنموية المشتركة.
وجرى خلال اللقاء بحث تعزيز التعاون الإعلامي القائم بين دولة الإمارات والسعودية والارتقاء به، وتنسيق الجهود والشراكات الفاعلة لتحقيق التطلعات والأهداف الإعلامية المشتركة، وبما يتناسب مع العلاقات الأخوية المتميزة.
وقبيل 3 أيام من هذا الاجتماع، عقدت بمقر اتحاد الغرف التجارية السعودية بالرياض، أعمال الاجتماع الثاني لمجلس الأعمال الإماراتي السعودي الذي يبحث فيه القطاع الخاص من الجانبين سبل زيادة التجارة البينية واستقطاب الاستثمارات في الاتجاهين.
لقاء يأتي ثمرة لجهود ودعم قيادتي البلدين لدفع العلاقات الاقتصادية والتجارية قدماً، وفتح قنوات جديدة لإبرام شراكات فاعلة بين الشركات الإماراتية والسعودية، تحقيقاً لآمال وتطلعات البلدين الشقيقين.
وعلى الصعيد التعاون المتنامي بين البلدين أيضا، وقّعت هيئة كهرباء ومياه وغاز الشارقة في 4 سبتمبر/ أيلول الماضي اتفاقية تعاون مع “أكوا باور” الشركة السعودية المتخصصة في مجال تحوّل الطاقة، لإنشاء أول محطة مستقلّة لتحلية المياه في منطقة الحمرية بالشارقة تلبيةً لسد احتياجات الإمارة من المياه.
اتفاقية جاءت بعد عدة شهور، من زيارة وفد من هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية في المملكة العربية السعودية إلى دولة الإمارات مايو/أيار الماضي للاطلاع على أبرز ممارسات وزارة الطاقة والبنية التحتية في مجال السياسات العامة والتشريعات لتنظيم قطاع الطاقة والبنية التحتية، والسُبل المتبعة لضمان جودة البنية التحتية وفق معايير الريادة والتنافسية العالمية.
أيضا أعلنت مجموعة موانئ دبي العالمية “دي بي ورلد”، والهيئة العامة للموانئ السعودية (موانئ)، في 26 من الشهر نفسه، إطلاق مشروع لبناء المنطقة اللوجستية التابعة لمجموعة موانئ دبي العالمية في ميناء جدّة الإسلامي بقيمة تصل إلى 900 مليون ريال سعودي (250 مليون دولار).
وسيوفر المشروع أحدث مرافق التخزين والتوزيع، إضافة إلى مساهمته في تعزيز قدرات تدفق التجارة في المملكة العربية السعودية والمنطقة على نطاق أوسع.
وستكون المنشأة الجديدة أكبر المناطق اللوجستية المتكاملة في المملكة، على مساحة تصل إلى 415 ألف متر مربع؛ وتضمّ ساحات واسعة مخصّصة للمخازن متعدّدة الأغراض تصل مساحتها إلى 185 ألف متر مربع، إلى جانب 390 ألف منصّة تخزين، لتضمن التدفق السلس لبضائع المتعاملين من جدّة وإليها.
وتأسّس المشروع في عام 2022 في إطار عقد امتياز مدته 30 عاماً، وسيتم تطويره على مرحلتين؛ حيث من المقرر افتتاحه في الربع الثاني من 2025.
على صعيد التعاون البرلماني، شهد الشهر نفسه لقاء جمع الدكتور طارق حميد الطاير النائب الأول لرئيس المجلس الوطني الاتحادي مع الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ رئيس مجلس الشورى السعودي، في الجزائر العاصمة وذلك على هامش المشاركة في المؤتمر السادس والثلاثين للاتحاد البرلماني العربي.
وأكد الجانبان خلال اللقاء متانة العلاقات الأخوية والتاريخية التي تربط البلدين الشقيقين وبحثا سبل تعزيز علاقات التعاون البرلمانية بين المجلسين، والتنسيق والتشاور في المشاركات البرلمانية حيال مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يجسد رؤية قيادتي البلدين ويواكب المصالح المشتركة والمتنامية بين البلدين والشعبين الشقيقين علاوة على القضايا المطروحة على جدول أعمال المؤتمر وأهمية توحيد الجهود البرلمانية العربية المشتركة.
علاقات تاريخية
وتعد العلاقات الأخوية التي تربط دولة الإمارات والمملكة، نموذجا فريدا، بالنظر إلى عمقها وتكامليتها، وما تتضمنه من تاريخ حافل بالتعاون على مختلف الأصعدة التي شملت المجالات كافة.
وانطلاقًا من الرؤى الصائبة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وأخيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، تشهد العلاقات بين الدولتين الشقيقتين تطوراً هائلاً وتقدماً كبيراً في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية استناداً إلى أسس تاريخية صلبة تعززها روابط المصير المشترك وتحكمها وحدة الرؤى والأهداف.
وانعكست العلاقات المثمرة بين الدولتين بشكل إيجابي، على واقع التنمية الشاملة والمستدامة في دولة الإمارات والسعودية، بمختلف المجالات، بما في ذلك التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي والاستثمار المشترك، والتنسيق والتشاور.
وشكلت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دولة الإمارات والمملكة، نموذجا استثنائيا وثريا، للتعاون والتكاتف، حيث شهد التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين خلال السنوات الماضية قفزات كبيرة، إذ ارتفع خلال 10 سنوات بنحو 69% ليصل حوالي 135 مليار درهم خلال 2023، مقارنة بمستواه عند 79.9 مليار درهم خلال 2013، وفقا لبيانات وزارة الاقتصاد الإماراتية.
ووفقا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، بلغ حجم التبادل التجاري بين دولة الإمارات والسعودية، خلال النصف الأول من العام الجاري 17.53 مليار دولار، بنسبة نمو وصلت إلى 22.50% مقارنة بـ 14.31 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2023.
وتجسد العلاقات الثقافية بين البلدين، مستوى الترابط الجغرافي والاجتماعي بين شعبيهما، وتعززت هذه العلاقات عبر قنوات متعددة، أبرزها قطاع التعليم الذي شهد في البدايات التحاق طلاب دولة الإمارات إلى السعودية، بمدارس مكة المكرمة والإحساء والرياض، في حين تستقبل الجامعات والمعاهد الإماراتية اليوم عددا كبيرا من الطلاب السعوديين.
وتمثلت العلاقات الثقافية بين البلدين في مستويات عدة، سواء من خلال إقامة العديد من الاتفاقيات والبرامج المشتركة، أو على مستوى التداخل الثقافي بين المؤسسات الجامعة، التي تعمل في هذا السبيل، والمبدعين والمثقفين في البلدين، وذلك ضمن رؤية ترتكز إلى أن العلاقة بين البلدين الشقيقين، تعززها علاقة شعبين لهما امتداد وتاريخ وموروث ثقافي واجتماعي وجغرافي واقتصادي.