الإمارات وقمة العشرين.. العالم يعول على مشاركة "عاصمة الإنسانية"
أهمية خاصة تحملها مشاركة الإمارات في قمة مجموعة العشرين على صعيد تعزيز دبلوماسيتها الإنسانية.
وتشارك دولة الإمارات على مدار يومي السبت والأحد في فعاليات قمة مجموعة العشرين التي تستضيفها العاصمة الهندية نيودلهي تحت شعار "أرض واحدة، عائلة واحدة، مستقبل واحد".
وأمس السبت وصل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى العاصمة نيودلهي على رأس وفد بلاده المشارك في فعاليات القمة التي تنطلق في وقت لاحق اليوم.
وتتلاقى أولويات القمة مع أهداف دولة الإمارات التي تسعى على أكثر من صعيد لتعزيز الأخوة الإنسانية عبر حشد الجهود لمواجهة أكبر تحديات البشرية وعلى رأسها التغيرات المناخية، والسعي لتوظيف إنجازاتها لصالح خدمة البشرية، ومد يد العون والمساعدة لإغاثة جميع الشعوب التي تمر بظروف صعبة بعضها بسبب التغيرات المناخية.
وترتكز أولويات قمة العشرين، التي تعقد هذا العام على القضايا والملفات الأكثر إلحاحًا في الوقت الحالي، والتي تشمل التحديات العالمية الكبرى، والسلام والاستقرار، والتنمية الخضراء، والحفاظ على المناخ والكوكب، وتسريع التقدم في أهداف التنمية المستدامة، والتحول التكنولوجي والبنية التحتية الرقمية، ومكافحة الفقر، والأمن الغذائي، وتمويل المناخ.
وستركّز أجندة قمة العشرين على الاستجابات الضروريّة للحلول الرامية إلى مجابهة الأزمات العالمية، وفي مقدمتها التغيرات المناخية التي هددت بتفاقم الفقر والمجاعات والأزمات الإنسانية وحرائق الغابات التي أثرت سلبا على خطط التنمية المستدامة في عدد كبير من الدول وخاصة النامية، واضطراب سلاسل التوريد على المستوى العالمي.
مكافحة تغير المناخ
وتشكل دول مجموعة العشرين 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهي مسؤولة عن 80% من الانبعاثات العالمية التي تسبب التغيرات المناخية.
وتسعى الإمارات من خلال مشاركتها في قمة العشرين إلى حث دول المجموعة إلى القيام بدور ريادي وإيجابي لتحقيق تقدم ملموس وفعال في العمل المناخي.
وتأتي قمة العشرين بعد أيام من إطلاق دولة الإمارات، الثلاثاء، مبادرة تمويل جديدة بقيمة 16.5 مليار درهم (4.5 مليار دولار) لتعزيز قدرات أفريقيا في مجال الطاقة النظيفة.
تمويل مناخي إماراتي كبير للدول الأفريقية، بطابع إنساني وتنموي، للحد من اعتمادها على مصادر الطاقة التقليدية والتوجه نحو المشروعات الأكثر صداقة مع البيئة، دعما منها لتلك البلدان التي تمتلك عبئاً أكبر من الآثار السلبية لتغير المناخ بينما إمكانياتها لخفض الانبعاثات محدودة.
تمويل تقدم من خلاله الإمارات نموذجا يحتذى في دعم مشاريع الطاقة النظيفة في العالم، وترسل من خلاله رسالة مهمة للدول المتقدمة بأن عليها الوفاء بمسؤولياتها التاريخية والتزامها بتوفير 100 مليار دولار من التمويل المناخي الذي تعهدت به منذ أكثر من عقد.
وسبق أن أكد كل من الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي الرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف COP28؛ وسيمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، على ضرورة قيام دول مجموعة العشرين بدور ريادي ضمن جهود العمل المناخي.
جاء ذلك في بيان مشترك أصدره الجانبان 27 يوليو/ تموز الماضي على هامش الاجتماع الوزاري لمجموعة العشرين في مدينة تشيناي بالهند، شدد على ضرورة تكثيف العمل الجماعي المشترك واتخاذ الخطوات اللازمة لتسريع عملية الخفض الطبيعي والمتوقع لاستخدام الوقود التقليدي بشكل مسؤول وعملي ومدروس، والعمل على بناء منظومة طاقة خالية من الوقود الأحفوري بحلول منتصف القرن الحالي، وذلك بشكل متزامن مع ضمان أمن الطاقة وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
كما جدد الطرفان التأكيد على ضرورة زيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات، ومضاعفة كفاءة الطاقة عبر جميع القطاعات الاقتصادية بحلول عام 2030.
وتجسد استضافة دولة الإمارات لأهم مؤتمر دولي للمناخ جهودها في تعزيز مفهوم الأخوة الإنسانية على أرض الواقع.
ويحمل مؤتمر الأطراف COP28 أهمية خاصة كونه سيشهد أول تقييم للحصيلة العالمية للتقدم في تحقيق أهداف اتفاق باريس، مما يتيح محطة مهمة وحاسمة لتوحيد الآراء السياسية والاستجابة للتقارير العلمية التي تشير إلى ضرورة خفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030 للتقدم في تحقيق هدف الحد من ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض فوق عتبة الـ1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050.
وسيسهم إنجاز الحصيلة العالمية في تحقيق الزخم اللازم لمفاوضات هذا المؤتمر ومؤتمرات الأطراف المستقبلية، وستحرص دولة الإمارات على الوصول إلى مخرجات عالية الطموح استناداً إلى المفاوضات ونتائج الحصيلة العالمية.
نموذج يحتذى
وستركز أجندة قمة العشرين على مواجهة التغيرات المناخية التي هددت بتفاقم الفقر والمجاعات والأزمات الإنسانية وحرائق الغابات، في وقت شكلت فيه استجابة دولة الإمارات لإغاثة المتضررين من الأزمات الطارئة والكوارث الطبيعية حول العالم الناتجة عن التغيرات المناخية العنصر الثابت والدائم في مواجهة أغلب الأزمات التي شهدتها عدد من الدول.
وتعد الإمارات من أوائل الدول استجابة لنداءات الاستغاثة الإنسانية في عام 2023 وأسهمت المساعدات المادية والعينية التي قدمتها في هذا المجال في إنقاذ حياة الملايين من البشر والتخفيف من معاناتهم.
وبرز حضور المؤسسات الإنسانية والخيرية الإماراتية في عدد من الدول والمناطق التي تعرضت للأزمات والطوارئ خلال العام الجاري مثل سوريا وتركيا والسودان وموزمبيق وباكستان وغيرها من الدول وتميزت المساعدات والبرامج الإغاثية لتلك المؤسسات بالتنوع والجودة والوصول المبكر للمتأثرين.
مكافحة الجوع
أيضا تعقد قمة العشرين، فيما تقدم دولة الإمارات على أرض الواقع نموذجا يحتذى في مكافحة تغير المناخ والجوع والفقر، في رسالة تحفيز لأغنى وأقوى دول العالم الذين يشاركون في القمة.
وجنبا إلى جنب مع مساعدات دولة الإمارات الإنسانية والإغاثية والتنموية حول العالم، تواصل مبادرة "وقف المليار وجبة" استقبال المساهمات بعد إعلان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن استمرارها وبقاء باب الوقف مفتوحا طيلة العام.
حملة تستهدف تدشين أكبر صندوق وقفي لإطعام الطعام، يتفاعل معها الشعب الأكثر وقفاً لخدمة الإنسانية، بهدف المساهمة في مكافحة الجوع الذي يهدد حياة 828 مليون إنسان في العالم.
ويتواصل تفاعل المجتمع الإماراتي مع الحملة التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بالتزامن مع شهر رمضان الماضي، لتدشين أكبر صندوق وقفي لإطعام الطعام في رمضان بشكل مستدام، الأمر الذي أضحى نموذجا ملهما للعالم أجمع.
حملة تبرز المواقف الإنسانية النبيلة لدولة الإمارات، قيادة وشعباً، في التسابق لفعل الخير ومدّ يد العون لكل محتاج في العالم، بما يبرز ثقافة الكرم والأخوة الإنسانية، التي تشكل جزءاً من قيم ومبادئ المجتمع الإماراتي الذي عود العالم على عطاء لا ينضب.
وتشكل في شهر مايو/أيار الماضي مجلس أمناء "وقف المليار وجبة" تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بهدف إدارة وضمان إنماء أصول أكبر مشروع وقفي لإطعام الطعام، واستدامة الخير والعطاء وتحقيق أعلى عوائد دورية على أصوله.
جهود إنسانية تتواصل ضمن خارطة طريق رسمها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات لتعزيز ريادة بلاده في تقديم المساعدات التنموية والإنسانية والعمل الخيري سيراً على نهج المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في العطاء.
برز ذلك جليا عبر مساعدات ومبادرات تتوج إنجازات إنسانية امتدت على مدار 51 عاماً منذ تأسيس دولة الإمارات، نجحت في أن تصنع فارقا في مجال العمل الإنساني، الأمر الذي ترجم على أرض الواقع بتتويج دولة الإمارات عاصمة عالمية للإنسانية وعمل الخير.
وبلغة الأرقام، بلغ حجم المساعدات الإماراتية الخارجية منذ تأسيسها أكثر من 320 مليار درهم شملت 201 دولة.
التنمية المستدامة
أيضا تتلاقى أولويات قمة العشرين مع أهداف دولة الإمارات في تعزيز التنمية المستدامة.
وتأتي قمة هذا العام في عام الاستدامة في الإمارات، بعد أن أعلن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات 2023 "عام الاستدامة" في بلاده، في مبادرة ملهمة تتوج جهودا رائدة لتعزيز الاستدامة محليا ودوليا وترسم عبرها خارطة طريق لمستقبل أفضل للعالم.
ويعني مفهوم الاستدامة "تلبية حاجات الحاضر دون المساس بقدرات الأجيال المستقبلية على تلبية حاجاتها الخاصة".
بمعنى آخر هو العمل على تحقيق التنمية المستدامة التي تستهدف مواءمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية مع الأولويات البيئية، من أجل الحد من التدهور البيئي الحالي وتغير المناخ مع الحفاظ على الموارد الطبيعية قدر الإمكان بما لا يتعدى قدرتها على التجدد من أجل مستقبل الأجيال القادمة، والعمل على تحقيق تنمية طويلة الأمد.
وهو أمر يجسد الأخوة الإنسانية في أسمى معانيها من خلال حفظ حقوق أجيال المستقبل.
ويبرز هذا المفهوم جليا في شعار "عام الاستدامة" الذي انطلق تحت شعار "اليوم للغد"، والذي يهدف من خلال مبادراته وفعالياته وأنشطته المتنوعة، إلى تسليط الضوء على تراث دولة الإمارات الغني في مجال الممارسات المستدامة، منذ عهد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إضافة إلى نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية وتشجيع المشاركة المجتمعية في تحقيق استدامة التنمية ودعم الاستراتيجيات الوطنية في هذا المجال نحو بناء مستقبلٍ أكثر رخاءً وازدهاراً.
وتعد مشاركة دولة الإمارات في قمة العشرين فرصة لإبراز الجهود التي تقوم بها في تعزيز العمل الجماعي الدولي لمعالجة تحديات الاستدامة ودورها في البحث عن حلول مبتكرة يستفيد منها الجميع على الساحة الدولية وخاصة في مجالات الطاقة والتغير المناخي وغيرها.
التقدم العلمي وخدمة الإنسانية
أيضا تأتي القمة بعد أيام من وصول رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي من أول مهمة عربية طويلة الأمد على متن محطة الفضاء الدولية، استمرت 6 أشهر وشارك خلالها في إجراء أكثر من 200 تجربة علمية، ستسهم نتائجها في مسيرة التقدم العلمي للإنسانية، وخدمة البشرية.
وتزينت شوارع العاصمة الهندية نيودلهي بصور لرائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، وذلك بعد نجاح مهمته وعودته إلى الأرض، وتزامناً مع قرب انعقاد فعاليات قمة العشرين.
وجذبت اللوحة التي تظهر رائد الفضاء ببدلته الفضائية، انتباه سكان المدينة ووفود قمة مجموعة العشرين.
وتتشارك كل من دولة الإمارات والهند الاهتمام بالقطاع الفضائي، حيث يسعى البلدان الصديقان للاستثمار في القطاع الفضائي عبر عدة مشاريع تستهدف الاستكشاف الفضائي.
واختارت برجيل القابضة، الاحتفال بإنجازات سلطان النيادي من خلال هذه اللوحات في مواقع بارزة في قلب المدينة.
وسبق أن دعت دولة الإمارات في الاجتماعات الوزارية التمهيدية لقمة العشرين، المجتمع الدولي إلى تعزيز التعاون في مجال البحث العلمي والابتكار وتبادل المعارف والتجارب لدفع جهود إيجاد حلول ابتكارية للتحديات الدولية، بما ينعكس بشكل إيجابي على المجتمعات.
وأكدت سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة الدولة الإماراتية للتعليم العام والتكنولوجيا المتقدمة، رئيسة مجلس علماء الإمارات، في كلمة خلال اجتماع مبادرة البحث والابتكار "RIIG"، لمجموعة العمل الوزاري المعنية "بالبحث العلمي" بقمة مجموعة العشرين في يوليو/ تموز الماضي أن ضمان تحقيق التزامات المجموعة تجاه أهداف التنمية المستدامة، ومستهدفات اتفاق باريس للمناخ وإطار التنوع البيولوجي العالمي، يرتبط بضرورة تعزيز التعاون وتبادل المعارف بين المجتمعات البحثية عالمياً.
aXA6IDE4LjE5MC4xNjAuNiA= جزيرة ام اند امز