الإمارات والبحرين.. أعياد وطنية تعزز علاقات أخوية
تشارك الإمارات شقيقتها البحرين احتفالاتها بأعيادها الوطنية، في وقت تشهد فيه العلاقات التاريخية بين البلدين نقلة نوعية.
نقلة نوعية كان أبرز ملامحها توقيع البلدين قبل شهر نحو 14 مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بينهما في مجالات عدة، واتفاقهما على وضع "إطار لترسيخ وتطوير التعاون الثنائي" بما يمكنهما من تعزيز تعاونهما في المجالات ذات الاهتمام المشترك.
مذكرات واتفاقات تدعم علاقات تاريخية تعززت بمسار سلام عكس رؤية ثاقبة وسياسة رصينة للبلدين، تستهدف استقرارا إقليميا يتصدى للفوضى.
وتحتفل البحرين بأعيادها الوطنية يومي 16 و17 ديسمبر/كانون الأول من كل عام، إحياء لذكرى قيام الدولة البحرينية الحديثة في عهد المؤسس أحمد الفاتح؛ دولة عربية مسلمة عام 1783، والذكرى الـ50 لانضمامها للأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية، والذكرى الـ22 لتسلم عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم.
ويأتي احتفال الإمارات بالأعياد الوطنية بمملكة البحرين، بعد أيام من مشاركة المملكة للإمارات احتفالها بعيد الاتحاد الخمسين 2 ديسمبر الجاري، في تأكيد أن ما يجمع البلدين أكبر بكثير من الجغرافيا والعلاقات الرسمية بين الدول، لتتجاوزها إلى روابط الدين والدم والتاريخ ووشائج النسب والقربى والمصير الواحد، وهو ما يفرض تناظرا في الأفراح والأتراح بالنسبة لشعوب البلدين.
ولا يمكن أن تمر مناسبة وطنية مثل احتفال مملكة البحرين بأعيادها الوطنية دون أن تحظى بأهمية خاصة من قيادة وشعب دولة الإمارات العربية المتحدة؛ حيث يرتبط شعبا البلدين الشقيقين بوحدة المصير ووحدة التاريخ ويواجهان التحديات نفسها ويتطلعان إلى تحقيق الآمال ذاتها.
احتفالات تأتي في وقت يجني فيه البلدان ثمار قراراتهما الشجاعة بشأن تعزيز السلام وتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بعد توقيع اتفاق سلام تاريخي مع إسرائيل.
زيارات متبادلة
تتجاوز العلاقات الإماراتية البحرينية الأطر الرسمية إلى العلاقات الاجتماعية الراسخة والممتدة، وذلك لكونها تستمد قوتها من الروابط الأسرية والتبادل الثقافي وعلاقات المصالح الاقتصادية، فيما تزداد اليوم تماسكا ورسوخا في ظل القيادة الحكيمة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، وعاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وتعكس الزيارات المتبادلة والمباحثات المتواصلة بين قادة البلدين متانة العلاقات الثنائية، وحجم الحرص المتبادل بين الجانبين على التباحث وتبادل الرؤى وتنسيق الجهود.
وكانت أحدث الزيارات التي أجراها عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى الإمارات في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مباحثات مع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وخلال المباحثات، أعرب الجانبان عن اعتزازهما بأواصر الأخوة الوثيقة التي تجمع بين البلدين والتي تزداد رسوخا وقوة وما وصل إليه التعاون والتنسيق الثنائي من مستوى متقدم على جميع المسارات بما يخدم مصالحهما المتبادلة ويلبي تطلعات شعبيهما الشقيقين.
وأكد الجانبان متانة الروابط الأخوية المشتركة بين البلدين وشعبيهما الشقيقين، معربين عن اعتزازهما بما يجمعهما من أواصر القربى والأخوة والتعاون على جميع المستويات.
وجاءت الزيارة بعد شهرين من قيام ولي عهد أبوظبي بزيارة للبحرين في 3 أغسطس/آب الماضي، أكد خلالها الحرص المتبادل على مواصلة التنسيق والتشاور الأخوي مع البحرين لما فيه الخير لشعبيهما وشعوب المنطقة.
وإضافة للزيارات الرسمية، أجرى عاهل البحرين زيارة خاصة للإمارات في 15 فبراير/شباط الماضي، أكدت أن العلاقات بين البلدين تتجاوز الأطر الرسمية إلى العلاقات الاجتماعية الراسخة والممتدة.
وظهر ذلك جليا أيضا في الزيارات التي قام بها الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في مملكة البحرين.
وفي 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري، شهد ولي عهد البحرين إلى جانب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة منافسات "جائزة الاتحاد للطيران الكبرى للفورمولا 1 الجولة الختامية لبطولة العالم في موسم 2021" التي أقيمت على حلبة مرسى ياس في العاصمة أبوظبي.
زيارة جاءت بعد نحو أسبوعين من زيارته للإمارات في 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث شهد الاحتفال باليوم الوطني لبلاده في إكسبو 2020 دبي.
تطوير التعاون
واستبق تلك الزيارة بأخرى في 9 من الشهر نفسه، أجرى خلالها ولي العهد البحريني مباحثات مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وتم خلالها توقيع نحو 14 مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بين البلدين بما يحقق تطلعاتهما إلى مزيد من التنمية والازدهار في البلدين.
كما صدر بيان مشترك في أعقاب تلك الزيارة تم خلاله الاتفاق على وضع إطار لترسيخ وتطوير التعاون الثنائي مما سيمكن الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين من تعزيز تعاونهما في المجالات ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر مجالات التعاون السياسي والدبلوماسي والأمني والاقتصاد والتجارة والسياحة والشراكة بين الأعمال التجارية والتكنولوجيا المتقدمة والطاقة والنقل والمواصلات والتعليم، وفي مجالات العمل وتمنية الموارد البشرية، وأيضا بشأن التغير المناخي والصحة.
واتفق كلا البلدين على أن تعزيز التعاون الثنائي في المجالات المذكورة من شأنه أن يحقق منافع متبادلة للمصالح والأهداف المشتركة للبلدين، وسيعمل كل طرف على تشجيع الوزارات والهيئات الحكومية على التواصل فيما بينهم لتطوير أهداف التعاون وبرمجته في مشاريع مشتركة.
أيضا في ظل انتشار جائحة فيروس كورونا، أكد البلدان التزامهما بتعزيز التعاون الدولي لمواجهة الجائحة من خلال تبادل أفضل الممارسات، بالإضافة إلى التعاون العلمي وتوفير المستلزمات الطبية الطارئة.
مباحثات متتالية وزيارات متبادلة ترجمت تطابق الرؤى بين البلدين، وحرص قادتهما على المضي بها إلى آفاق أرحب.
وكانت العلاقات الإماراتية البحرينية قد بدأت تتخذ أبعاداً جديدة وآفاقاً رحبة على كافة المستويات، وذلك مع تشكيل اللجنة العليا المشتركة بينهما عام 2000.
وشكلت اللجنة حافزا نحو إطلاق مشاريع ومبادرات في جميع المجالات الحيوية؛ حيث وقع البلدان خلال الاجتماع الأخير للجنة بدروته التاسعة في 7 مارس/آذار الماضي، على 3 مذكرات تفاهم بين البلدين لتعزيز التعاون في مجالات عدة، إضافة إلى برنامجين تنفيذيين بين البلدين وهما البرنامج التنفيذي في مجال الكهرباء والماء "2021-2023" والبرنامج التنفيذي في مجال حماية البيئة والشؤون المناخية 2021-2023".
وقال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي في كلمته خلال الاجتماع إن "علاقاتنا الثنائية الاستثنائية راسخة وذات جذور عميقة تمتد لفترة طويلة قبل قيام العلاقات الدبلوماسية عام 1971 وقد حظيت هذه العلاقة برعاية المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأخيه الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة "رحمهما الله" وهي اليوم محط رعاية واهتمام القيادتين الإماراتية والبحرينية وتحظى بدعم من السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات والملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين".
وأكد أن العمل التراكمي يشكل أساسا للنهوض بالعلاقات الثنائية بين الأشقاء والشركاء وهو ما كرسته اللجنة المشتركة بين البلدين على امتداد دوراتها التسع كمنصة داعمة للتعاون في جميع المجالات.
شركاء السلام
تطابق في الرؤى تجلى من خلال دعم مسيرة السلام في المنطقة، بعد توقيع البلدين اتفاقيات سلام تاريخية مع إسرائيل.
وبعد أن ترجمت أبوظبي إعلانها التاريخي على أرض الواقع بتوقيع معاهدة سلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول من العام الماضي، وقعت المنامة في اليوم نفسه إعلان تأييد سلام مع تل أبيب، قبل أن تمضي قدما لتوقيع بيان تاريخي مشترك في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2020 بشأن "إقامة علاقات دبلوماسية، إيذانا ببداية عهد جديد وواعد في العلاقات بين البلدين.
وفي أحدث محطات التعاون ضمن مظلة السلام، اختتم في 15 نوفمبر الماضي، تدريب جرى على مدى 5 أيام بالبحر الأحمر بمشاركة أمريكا والإمارات والبحرين وإسرائيل.
وتأتي التدريبات لتعبر عن تعزيز الشراكة لسلاح البحرية مع الأسطول الخامس، والتي تعتبر ركيزة مهمة في الحفاظ على الأمن وحرية الملاحة في الشرق الأوسط.
أيضا، قام وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، في 30 سبتمبر/أيلول الماضي بزيارة تاريخية هي الأولى له إلى البحرين، تم خلالها افتتاح سفارة بلاده في العاصمة المنامة.
كما شهدت الزيارة توقيع مذكرات تفاهم للتعاون بين البلدين في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق الازدهار والرخاء لشعبي البلدين، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وتكتسب العلاقات الإماراتية البحرينية أهمية كبيرة في ظل تمتع البلدين بثقل سياسي وموقع جغرافي واستراتيجي مميز على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
كما يتبنيان سياسة حكيمة ومعتدلة تدعم الأمن والسلم الإقليمي والدولي، والتعايش السلمي بين الأديان والثقافات والحضارات، والحرص المشترك على أمن الخليج العربي وتقدمه وتعزيز التضامن العربي والإسلامي، ونشر رسالة التسامح والسلام في المنطقة والعالم، ووقوفهما صفا واحدا إلى جانب المملكة العربية السعودية في قيادتها للتحالف العربي في مكافحة الإرهاب، ودعم الشرعية وإعادة الأمل في اليمن.
مواقف سياسية للبلدين تتطابق دائما مع القضايا الإقليمية والدولية؛ حيث يحرص البلدان على دعم ونصرة القضايا الخليجية والعربية والإسلامية، استنادا إلى عضويتيهما ودورهما الفاعل في مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومنظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات.