الاستكبار والصلف اللذان دفعا الحوثي للاعتداء الإرهابي على الإمارات ظنا منه أنه سيخلط أوراق الحرب في اليمن، ارتدا عليه جحيما لا يمكن أن يخرج منه.
لقد تلقى الحوثيون سلسلة هزائم أمام ألوية العمالقة خلال هذا الشهر، حيث إن "معركة شبوة قامت بتغيير معادلة الصراع في اليمن"، وكذلك فإن دخول قوات العمالقة أثار خوف وقلق الحوثيين بشدة.
بمجرد وقوع تلك الاعتداءات وحتى ساعة كتابة هذا المقال كانت قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بقيادة المملكة العربية السعودية، تشن قصفا مكثفا على مواقع حوثية، وبعضها استهدف المشرفين على الطائرات المسيرة عند الحوثيين.
على الجانب السياسي طلبت دولة الإمارات من الولايات المتحدة إعادة إدراج جماعة الحوثي على قائمة الإرهاب، والحق أنه وعلى مدى تاريخ مجلس التعاون الخليجي، سعت دول الخليج العربي لينعم اليمن وشعبه بالأمن والاستقرار والتنمية، إلا أن المليشيات الحوثية بإرهابها المتكرر اختارت الإرهاب والدمار، واستخدمت أبناء اليمن كحطب يخدم أجندة النظام الإيراني، لكن غاب عن بال تلك المليشيا أن استمرار دعم إيران لها بالأسلحة والمعدات وتدفقها عبر البحر، وتحويل المواني والمطارات تحت سيطرتهم إلى مراكز تهديد لأمن الدول المجاورة والممرات البحرية الدولية، يمثل خرقاً لقرارات الأمم المتحدة والقوانين والأعراف الدولية، ويستدعي جهداً دولياً للتصدي له، وبالتالي فلا بد أن يتحرك مجلس الأمن تحت الفصل السابع لدرء أخطار تلك المليشيا ومن يقف خلفها.. خصوصا أننا نشهد تقدماً عسكريا في جميع المحاور في اليمن.
الوعود الأمريكية التي قالت إن "إدارة بايدن عاقبت، وستواصل معاقبة، قادة قوات الحوثيين في اليمن الذين يشاركون في الهجمات العسكرية، التي تفاقم الأزمة الإنسانية وتشكل تهديدا خطرا على المدنيين، وتسهم في عدم الاستقرار الأوسع في اليمن وفي أماكن أخرى في المنطقة"، ليست كافية من وجهة نظري للقضاء على هذه المجموعة الإرهابية، ويلاحظ هنا أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أدرجت الحوثيين على قائمة الإرهاب في كانون الثاني/يناير 2021.. ثم قامت إدارة جو بايدن بإلغاء ذلك.. لكن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أكد خلال مؤتمر صحفي بمناسبة مرور عام على توليه رئاسة الولايات المتحدة، أن طلب إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية "قيد النظر".. وسفارة الإمارات في واشنطن رحبت بحديث "بايدن" قائلة: "القضية واضحة، إطلاق صواريخ باليستية وصواريخ كروز على أهداف مدنية، واستمرار العدوان، وتحويل مسار المساعدات عن الشعب اليمني".
إن ما قامت به تلك المجموعة الإرهابية من استهداف لمنشآت مدنية ليس فقط عدوانا، بل هو عمل إرهابي مكتمل التفاصيل، وهي المنظمة التي تريد أن تذهب باليمن بعيداً عن عمقه العربي، لتحوله إلى بلد يعاني الفقر والتخلف، واليوم تريد تحويله إلى بؤرة إرهاب في قلب منطقة تطالب بالسلام والأمن والاستقرار.
في خلاصة، يمكننا القول إن الدروس المستفادة من هذا العدوان يمكن عرضها في النقاط التالية:
أولا: أن هذا العدوان يعد مخالفة لميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي وحقوق الإنسان. ويأتي هذا الاستهداف للدور الإنساني ودور الأمن والسلام الذي تقوم وما زالت تقوم به الإمارات، إذ تقف مع الشرعية اليمنية، ومع الحل السلمي والوصول إلى تسوية، تعيد لليمن وحدته وشرعيته. وما قامت به الإمارات منذ بداية الانقلاب الحوثي في اليمن لم يخرج عن الالتزام بالشرعية الدولية، والعمل من خلال التحالف العربي.
ثانيا: على مجلس الأمن أن يدرك أن مليشيا الحوثي تقف وراءها حركات وجماعات إرهابية، تساندها لزرع عدم الاستقرار في أهم منطقة من مناطق العالم.
ثالثا: الاعتداء الحوثي الآثم لن يُثني دولة الإمارات عن المضي في رسالتها من أجل البناء والتنمية والسلام والتسامح، وستنجح الإمارات في إقناع المجتمع الدولي بالقضاء على هذه الفئة المارقة وإعادة السلام إلى اليمن.
هذا وقد ندد أعضاء مجلس الأمن الدولي بأشد العبارات بالاعتداءات الإرهابية الشائنة، التي شنتها مليشيات الحوثي على دولة الإمارات، في بيان صدر بالإجماع، وتمت الموافقة على البيان الذي أعدته الإمارات، والذي يؤكد أن هذه الاعتداءات الإرهابية على مدنيين ارتكبها وتبناها الحوثيون، وهو انتصار جديد للدبلوماسية الإماراتية وفي انتظار أن يعلن العالم تصنيف الحوثي عدوا للسلام العالمي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة