أحدثها جامع «النوري».. كيف أعادت الإمارات الحياة لصروح التاريخ؟

لم تكن الحجارة وحدها هي ما أعادت الإمارات إحياءه، بل أرواح المدن التي حاول الإرهاب محوها من ذاكرة التاريخ.
من الموصل إلى القدس، ومن بيت لحم إلى القاهرة وباريس والمنامة، حملت مبادرات الإمارات رسالة إنسانية تتجاوز حدود الجغرافيا، لترمم ما تهدّم وتعيد الاعتبار لرموز ثقافية ودينية كادت تندثر.
هذه المشاريع ليست مجرد ترميمات معمارية، بل إعلان واضح أن الهوية الإنسانية لا تسقط بالقنابل ولا تنطفئ تحت الركام. وفي زمنٍ تتسارع فيه التحديات، جاء الدور الإماراتي ليؤكد أن التراث هو جسر للتسامح بين الشعوب، وأن الحفاظ على الذاكرة الجماعية للإنسانية جزء من بناء المستقبل. لذلك، أصبح كل صرح أعادته الإمارات إلى الحياة ليس فقط رمزًا لماضيه، بل وعدًا بمستقبلٍ تُصان فيه القيم الثقافية والدينية، ويُترك للأجيال القادمة ميراثًا يليق بعظمة التاريخ.
جامع النوري ومنارته الحدباء
في قلب الموصل العراقية، يقف جامع النوري الكبير ومنارته الحدباء شاهدين على أكثر من ثمانية قرون من التاريخ. شُيّد الجامع عام 1172 على يد نور الدين زنكي، وظل مركزًا روحيًا وسياسيًا بارزًا عبر العصور. المئذنة الحدباء التي يبلغ ارتفاعها 45 مترًا اشتهرت بميلانها الفريد، فأصبحت علامة فارقة للمدينة ورمزًا لهويتها. لكن في يونيو 2017، أقدم تنظيم داعش الإرهابي على تفجير الجامع ومنارته في محاولة لمحو ذاكرة الموصل، بعد أن استخدمه زعيمه لإعلان خلافته المزعومة عام 2014.
ومع هزيمة التنظيم، بادرت الإمارات عبر شراكة مع اليونسكو والعراق لإطلاق مشروع "إحياء روح الموصل" عام 2018، متكفلة بتمويل إعادة بناء الجامع ومنارته باستخدام المواد الأصلية نفسها. ورغم التحديات من ألغام ومخاطر إنشائية، أصرّت فرق الترميم على إعادة المئذنة بميولها التاريخي كما كانت. وفي الأول من سبتمبر 2025، بعد ثماني سنوات من تدميره، يُفتتح الجامع من جديد ليُعيد الأذان صداه في سماء الموصل، معلنًا انتصار الإرادة الإنسانية على قوى الظلام.
مدارس وأسواق الموصل القديمة
إلى جانب جامع النوري ومنارته، أولت الإمارات اهتمامًا خاصًا بمدارس الموصل القديمة التي تعود إلى العصور الأيوبية والعباسية، وكانت مراكز إشعاع علمي خرّجت علماء في الفقه واللغة والفلسفة. من أبرزها المدرسة العمرية والمدرسة اليونسية، اللتان تميزتا بطراز معماري فريد يجمع بين الزخارف الحجرية والخطوط الكوفية. دُمّرت هذه المدارس خلال اجتياح داعش للمدينة، وفقدت الموصل جزءًا مهمًا من هويتها العلمية. لكن عبر مبادرة "إحياء روح الموصل"، موّلت الإمارات عمليات ترميم دقيقة استعادت الأبواب الخشبية المزخرفة، والأفنية الداخلية التي كانت مساحات للحوار والتعلم، ليعود للمدينة دورها كحاضنة للمعرفة.
أما أسواق الموصل التراثية، فقد مثّلت القلب التجاري والاجتماعي منذ قرون، وعلى رأسها سوق السرجخانة وسوق الصفّارين وسوق باب الطوب. هذه الأسواق لم تكن مجرد مراكز بيع، بل أرشيفًا حيًا لذاكرة المدينة، تحفظ ملامحها الشعبية من المهن التقليدية كصناعة النحاس والجلود إلى تجارة الكتب والأنسجة. دُمّرت أجزاء واسعة منها بفعل الحرب، لكن الإمارات تكفّلت بترميم بنيتها الحجرية وإعادة فتح محالها، مع الحفاظ على طابعها التاريخي. واليوم، حين تتنفس الأسواق من جديد ويعود الباعة والمتسوقون إلى أزقتها الضيقة، تُثبت الموصل أن المدن الحقيقية لا تموت، وأن إعادة الإعمار هي إعادة للحياة نفسها.
كنيسة الطاهرة
تُعد كنيسة الطاهرة واحدة من أقدم الكنائس في الموصل، إذ يعود تاريخ بنائها إلى نحو 800 عام. مثّلت الكنيسة رمزًا مسيحيًا عريقًا في مدينة عُرفت بتنوعها الديني والثقافي. لكن في عام 2014، ومع اجتياح تنظيم داعش الإرهابي للمدينة، تعرضت الكنيسة للتدمير والتخريب، شأنها شأن عشرات المواقع الدينية الأخرى التي حاول الإرهاب طمسها. لم تقتصر الخسارة على مبنى أثري، بل امتدت إلى الذاكرة الروحية لمسيحيي الموصل الذين وجدوا في الكنيسة مأوى للإيمان على مرّ القرون. هنا جاء التدخل الإماراتي ليعيد الحياة إلى هذه الكنيسة العتيقة.
فقد التزمت الإمارات بتمويل مشروع إعادة إعمارها ضمن مبادرة "إحياء روح الموصل" بالشراكة مع اليونسكو وهيئة الآثار العراقية، حيث خضع المبنى لأعمال ترميم دقيقة تحافظ على طابعه التاريخي. إعادة بناء كنيسة الطاهرة لم تكن خطوة هندسية فحسب، بل كانت إعلانًا أن التعايش بين الأديان في الموصل لا يمكن أن يُمحى. واليوم، مع عودة الكنيسة إلى سابق عهدها، يستعيد المجتمع الموصلي أحد أهم رموزه الروحية، وتعود الأجراس لتقرع من جديد، إيذانًا بفصل جديد من تاريخ المدينة، تؤكد فيه الإمارات أن حماية التنوع الديني هي ركيزة أساسية لبناء مجتمعات متماسكة.
كنيسة الساعة
بُنيت كنيسة الساعة في أواخر القرن التاسع عشر، وتحديدًا عام 1870، وأصبحت منذ ذلك الحين أحد أبرز معالم الموصل ورمزًا للتعايش الديني في المدينة. اشتهرت الكنيسة ببرجها الكبير الذي أهداه نابليون الثالث ملك فرنسا إلى رهبان الدومينيكان، وهو برج يضم ساعة تاريخية أعطت الكنيسة اسمها المتعارف عليه. لم تكن الكنيسة مجرد مكان للعبادة، بل مثلت مؤسسة تعليمية خرّجت أجيالاً من أبناء الموصل بمختلف انتماءاتهم.
لكن خلال سنوات سيطرة تنظيم داعش، تعرّضت الكنيسة للتدمير والتخريب، في محاولة لمحو أي رمز للتنوع والاعتدال. الإمارات، ومن خلال شراكتها مع اليونسكو، تكفلت بتمويل عملية إعادة إعمار الكنيسة، مع التركيز على إعادة بناء البرج التاريخي وصيانته ليعود إلى ما كان عليه. اليوم، تُقرع أجراس كنيسة الساعة من جديد، في مشهد رمزي عميق حيث يلتقي صوت الأجراس مع صوت الأذان من جامع النوري، في دلالة على وحدة نسيج الموصل وتاريخها العريق. لقد جسدت الإمارات من خلال هذا المشروع أن دعمها للتراث ليس مقتصرًا على هوية دينية بعينها، بل هو التزام شامل بحماية ذاكرة الإنسانية بمختلف أبعادها.
قبة الصخرة
تعتبر قبة الصخرة في القدس الشريف واحدة من أعظم التحف المعمارية الإسلامية في العالم، بُنيت عام 691م على يد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وظلت عبر القرون رمزًا دينيًا وتاريخيًا للمسلمين كافة. في عام 2004، تعرض سقف القبة لأضرار جسيمة إثر زلزال ضرب القدس، إضافة إلى عوامل الزمن التي أضعفت بنيتها. عندها تدخل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات، وتكفل شخصيًا بتمويل أعمال الترميم والصيانة الكاملة لسقف القبة.
جرى الترميم باستخدام أفضل المواد وبإشراف خبراء آثار لضمان الحفاظ على الطابع المعماري الفريد لهذا المعلم التاريخي. أهمية هذا المشروع لا تكمن فقط في إنقاذ أحد أروع الصروح الإسلامية، بل في رسالة التضامن مع الشعب الفلسطيني، والتأكيد على دور الإمارات في حماية المقدسات الإسلامية في القدس. اليوم، تقف قبة الصخرة بذهبها المتلألئ فوق الحرم القدسي، شاهدًا على أن الجهود الإماراتية لم تقتصر على حدودها الجغرافية، بل امتدت لحماية الرموز الإسلامية الأهم في العالم.
كنيسة المهد
تقع كنيسة المهد في مدينة بيت لحم الفلسطينية، وتُعتبر من أقدس المواقع المسيحية في العالم، إذ يُعتقد أنها بُنيت فوق المغارة التي وُلد فيها السيد المسيح. تعود أصول الكنيسة إلى القرن الرابع الميلادي، لكنها تعرضت عبر التاريخ لاعتداءات وحرائق وأعمال تخريب متكررة. في عام 2002، تعرضت أجزاء من الكنيسة لأضرار نتيجة الأحداث العسكرية، كما أصيب تمثال السيدة مريم العائد إلى أكثر من ألف عام بأعيرة نارية.
هنا برز الدور الإماراتي، حيث تكفل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بتمويل أعمال الترميم بالتنسيق مع اليونسكو، ليُعاد للكنيسة رونقها التاريخي. شمل المشروع إصلاح الأجزاء المتضررة وإعادة ترميم اللوحات والزخارف، مع المحافظة على قيمتها الدينية والإنسانية. هذه الخطوة حملت دلالات عميقة، إذ أظهرت التزام الإمارات بحماية التراث المسيحي إلى جانب الإسلامي، وأكدت أن رسالة الإمارات حضارية إنسانية تتجاوز أي حدود دينية أو سياسية. واليوم، لا تزال كنيسة المهد قائمة لتشهد على لحظة ميلاد المسيحية، وقد أعادت الإمارات إليها الحياة لتبقى رمزًا خالدًا للأمل والسلام.
مسجد عمر بن الخطاب
يقع مسجد عمر بن الخطاب في قلب مدينة بيت لحم، بجوار كنيسة المهد مباشرة، في موقعٍ ارتبط بلحظة تاريخية فارقة حين زار الخليفة عمر بن الخطاب المدينة عام 637م. يُقال إن الخليفة صلى في هذا المكان، احترامًا لقدسية الكنيسة وعدمًا لرغبته في تحويلها إلى مسجد، فظل الموقع رمزًا للتعايش الإسلامي–المسيحي. المسجد الحالي شُيّد عام 1860م على أرض تبرعت بها الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية، ليبقى شاهدًا على علاقة استثنائية بين أتباع الديانتين. خلال السنوات الماضية، تعرّض المسجد لبعض الأضرار نتيجة عوامل الزمن والظروف السياسية، وكان مهددًا بفقدان رونقه التاريخي.
هنا جاءت مبادرة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي تكفل بأعمال الترميم للحفاظ على أصالة المسجد ومعناه الرمزي. شملت أعمال الترميم إصلاح البنية الإنشائية وتجديد مرافق المسجد مع الحفاظ على طابعه العثماني، ليبقى وجهًا حضاريًا يجسد قيم التسامح والعيش المشترك. هذه المبادرة لم تكن مجرد إعادة إعمار لمكان عبادة، بل تأكيدًا على التزام الإمارات بدعم النسيج الاجتماعي المتنوع في فلسطين، حيث يلتقي صوت الأذان من المسجد مع أجراس الكنيسة المجاورة في لوحة إنسانية نادرة.
مسرح فونتينبلو الإمبراطوري
في قلب قصر فونتينبلو التاريخي بباريس، أحد أهم القصور الملكية في فرنسا والمدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو، يقع المسرح الإمبراطوري الذي بُني في القرن التاسع عشر بأمر من نابليون الثالث. هذا المسرح ظل مغلقًا أكثر من مئة عام، وتعرضت مكوناته للتقادم والاندثار. في مبادرة ثقافية فريدة، موّلت الإمارات أعمال الترميم الشاملة لهذا الصرح العريق عبر دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي.
استمرت الأعمال لسنوات طويلة شملت إعادة تصميم الديكورات التاريخية، ترميم المقاعد الخشبية المزخرفة، وصيانة المسرح بما يحافظ على قيمته المعمارية. في يونيو 2019، أعيد افتتاح المسرح بعد اكتمال الترميم، وأطلقت الحكومة الفرنسية عليه اسم "مسرح الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان" تكريمًا لدور الإمارات في إنقاذه. هذه الخطوة لم تكن مجرد دعم مالي، بل مساهمة في الحفاظ على التراث العالمي وتعزيز التبادل الثقافي بين الشرق والغرب. اليوم، يشكل المسرح منصةً للفنون العالمية ونافذة على التاريخ الفرنسي، ويقف شاهدًا على رؤية الإمارات في دعم الثقافة كجسر للتواصل الحضاري الإنساني.
مكتبة ماكميلان
في العاصمة الكينية نيروبي، تقع مكتبة ماكميلان التاريخية التي تأسست عام 1931 لتكون واحدة من أعرق المكتبات العامة في إفريقيا. حملت المكتبة على مدار عقود كنوزًا معرفية شملت آلاف الكتب والمخطوطات، لكنها تعرضت للإهمال والتقادم حتى باتت مهددة بفقدان دورها الثقافي. بدعم من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، تكفلت الإمارات بترميم وتجديد المكتبة بالكامل، في مبادرة تستهدف الحفاظ على التراث المعرفي الإفريقي.
شملت أعمال الترميم تحديث البنية التحتية للمبنى العريق، وإعادة تنظيم الأرشيف والمقتنيات النادرة، مع إدخال تقنيات رقمية حديثة لتسهيل وصول القراء إلى محتواها. لم يقتصر المشروع على إنقاذ المبنى فقط، بل أعاد المكتبة إلى دورها كمركز للبحث والثقافة في قلب نيروبي. هذا الدعم يعكس رؤية الإمارات الثقافية العالمية التي ترى في الكتاب والمكتبة وسيلةً لمقاومة الجهل والفقر، ورسالة حضارية تلتقي مع دورها الرائد في دعم التعليم والمعرفة في مختلف القارات. وهكذا استعادت مكتبة ماكميلان مكانتها كمنارة فكرية تضيء إفريقيا، بفضل الرعاية الإماراتية.
متحف الفن الإسلامي
يُعتبر متحف الفن الإسلامي في القاهرة أكبر متحف من نوعه في العالم، إذ يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تمثل مختلف العصور الإسلامية من الأندلس وحتى الصين. منذ افتتاحه عام 1903، شكّل المتحف كنزًا عالميًا يوثق إبداعات الحضارة الإسلامية في العمارة والزخرفة والخط. لكن في يناير 2014، تعرض المتحف لأضرار جسيمة جراء تفجير إرهابي استهدف مبنى مديرية الأمن المجاورة، مما أدى إلى تحطيم واجهته وتدمير مئات القطع الأثرية.
أمام هذا المشهد، تكفلت الإمارات بنفقات الترميم والصيانة لإعادة المتحف إلى سابق عهده. شملت الأعمال إصلاح الواجهة التاريخية، ترميم المخطوطات النادرة والقطع المحطمة، وتطوير أنظمة العرض الحديثة للحفاظ على المقتنيات. إعادة افتتاح المتحف بعد الترميم لم يكن حدثًا ثقافيًا فقط، بل رسالة بأن الإرهاب لا يستطيع إسكات التاريخ. بفضل الدعم الإماراتي، عاد المتحف ليؤدي دوره كمؤسسة ثقافية وتعليمية، وكمقصد رئيسي للسياحة في مصر والعالم. وهكذا ساهمت الإمارات في إنقاذ ذاكرة حضارة كاملة من الضياع، مؤكدة أن حماية التراث مسؤولية إنسانية مشتركة.
نُزُل السلام
في مدينة المحرّق البحرينية، يقع "نُزُل السلام" الذي يمثل مشروعًا تراثيًا مميزًا بدعم إماراتي–بحريني مشترك. هذا النزل التاريخي كان في الأصل بيت "فتح الله" الذي شُيّد عام 1947، لكنه تدهور مع مرور الزمن حتى كاد يختفي من ذاكرة المدينة. عبر شراكة بين دولة الإمارات ومركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث، جرى ترميم البيت بالكامل وإعادة تصميمه ليصبح "نُزُل السلام"، ضمن مبادرة لإحياء المباني التراثية في المحرّق.
لم تقتصر الجهود على إعادة بناء الجدران، بل شملت إعادة تأهيل البيت ليكون محطة سياحية وثقافية على طريق اللؤلؤ المدرج في قائمة التراث العالمي لليونسكو. كما أضيف "الركن الأخضر" كمشروع مرافق للنزل، ليعكس التوازن بين التراث والاستدامة. بفضل هذا المشروع، عاد البيت ليكون مكان استراحة للزوار والسياح، ونافذة على العمارة البحرينية الأصيلة. هذه المبادرة تجسد رؤية الإمارات في الحفاظ على الإرث المشترك لدول الخليج، وتؤكد أن حماية التراث المحلي جزء من مسؤولية جماعية تعزز الهوية وتربط الأجيال بجذورها.
من جامع النوري ومنارته الحدباء، إلى كنائس الطاهرة والساعة، مرورًا بالمدارس التاريخية والأسواق العتيقة، وصروح أخرى أعادت الإمارات إليها الحياة؛ يتضح أن مشروع الإعمار لم يكن انتقائيًا بل شاملًا، احتضن كل مكونات الذاكرة الموصليّة بمساجدها وكنائسها، بفضاءاتها العلمية والتجارية، وحتى بمقابرها وأحيائها التي تمثل وجدان الناس.
كل فقرة من هذا المشهد الكبير تحكي قصة مكان عاش قرونًا، ثم انطفأ، ليعود اليوم أكثر إشراقًا بفضل جهود جمعت بين الدقة الهندسية والرؤية الثقافية والبعد الإنساني. لقد كان الإعمار هنا فعل إنقاذ للتاريخ، وإعادة تعريف للحاضر، وبناءً لجسر يمتد نحو المستقبل. وهكذا يكتمل المشهد: صروح مختلفة، لكن روح واحدة تُؤكد أن المدن تُبعث من جديد حين تُصان ذاكرتها وتُحيا معالمها.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOSA= جزيرة ام اند امز