تشارك دولة الإمارات شقيقتها عُمان احتفالها بالعيد الوطني الـ53، الذي يحل السبت، في وقت تتوثق فيها الأخوة التاريخية ويزداد التعاون بين البلدين.
تعاون إماراتي عماني بناء لتعزيز التضامن الخليجي والعربي ودعم ازدهار ورخاء البلدين ونشر السلام والاستقرار في المنطقة والعالم ومواجهة التحديات المشتركة.
تتوثق عرى هذا التعاون يوما بعد يوم، لا سيما في ظل القمم والمباحثات المتواصلة بين قادة البلدين، والزيارات المتبادلة بين مسؤوليهما، واتفاقيات التعاون والشراكة التي تربط البلدين.
وشهدت علاقات البلدين نقلة نوعية بعد الزيارة التاريخية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات للسلطنة سبتمبر/أيلول 2022، والذي أجرى خلالها مباحثات مع سلطان عمان هيثم بن طارق.
وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بمناسبة اليوم الوطني لسلطنة عمان الشقيقة: "أعبر عن خالص الأمنيات لأخي السلطان هيثم بن طارق والشعب العماني بدوام التقدم في مختلف المجالات. العلاقات الإماراتية - العمانية تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، ويرتبط الشعبان بأواصر أخوية عميقة".
وأضاف في تغريدة عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا): "من خلال التعاون والتفاهم والإرادة المشتركة نمضي نحو مزيد من العمل لمصلحة التنمية والازدهار في البلدين".
تعزيز التعاون الثنائي
ويأتي العيد الوطني الـ53 للسلطنة، الذي يحل في 18 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، في وقت يتزايد فيه التعاون الثنائي بين البلدين على مختلف الأصعدة.
فقبل شهرين استقبل السُّلطان هيثم بن طارق، الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة حاكم إمارة الشارقة خلال زيارة للسلطنة 26 سبتمبر/أيلول الماضي، جاءت بعد 3 شهور من زيارة مماثلة للشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة حاكم إمارة رأس الخيمة في 13 يونيو/حزيران الماضي.
جرى خلال اللقاءين استعراض مسيرة العلاقات الأخوية المتينة بين البلدين الشقيقين في ظلّ ما يربطهما من أواصر تاريخية مشتركة، إضافة لبحث أوجه التعاون الثنائي المشترك في كل المجالات التي تخدم المصالح المتبادلة للشعبين العُماني والإماراتي الشقيقين، بالإضافة لبحث عدد من الأمور ذات اهتمام الجانبين.
زيارتان استبقهما وأعقبهما زيارات متبادلة عدة لمسؤولي البلدين لتعزيز التعاون بينهما في مختلف المجالات.
زيارات ومباحثات ترسم خارطة طريق مستقبلية لعلاقات أخوية متنامية ومستدامة تسهم في رخاء وازدهار البلدين والمنطقة ، ترجمة لرؤى قيادتي البلدين التي جسدتها زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى سلطنة عمان شهر سبتمبر/أيلول الماضي، و التي توجت بتوقيع 16 اتفاقية لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
من أبرز الاتفاقيات التي تم توقيعها اتفاقية تعاون بشأن مشروع ربط السكك الحديدية بين البلدين.
وتتضمن الاتفاقية تأسيس شركة "عُمان والاتحاد للقطارات" المملوكة بالمناصفة بين الجانبين بهدف تصميم وتطوير وتشغيل شبكة سكك حديدية تربط ميناء صحار بشبكة السكك الحديدية الوطنية في دولة الإمارات، باستثمارات إجمالية للمشروع بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي.
وضمن أحدث الخطوات على طريق تنفيذ الاتفاقية، ووقعت شركة "عُمان والاتحاد للقطارات"، وشركة مبادلة للاستثمار "مبادلة"، شركة الاستثمار السيادي في أبوظبي، في فبراير/ شباط الماضي اتفاقية تعاون لتطوير شبكة السكك الحديدية التي تربط بين عُمان والإمارات والتي تمتد على مسافة 303 كم.
أيضا، على صعيد التعاون العسكري، شهد الشهر نفسه (فبراير/شباط الماضي)، تنظيم التمرين العسكري المشترك "تعاون 3" الذي أقيم على أرض دولة الإمارات بين القوات المسلحة الإماراتية وقوات السلطان المسلحة في سلطنة عمان، وذلك في إطار التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات ورفع الجاهزية القتالية للجانبين.
إغاثة غزة
وجنبا إلى جنب مع التعاون الثنائي، يتعاون البلدان في دعم أمن واستقرار المنطقة، وحل أزماتها.
وتحل العيد الوطني للسلطنة، فيما تبذل الدولتان جهودا مشتركة لإغاثة غزة، ودعم جهود وقف إطلاق النار، والدفع بحل مستدام للقضية الفلسطينية عبر حل الدولتين.
وستقتصر احتفالات السلطنة هذا العام بعيدها الوطني على العرض العسكري تحت رعاية السُّلطان هيثم بن طارق، ورفع أعلام سلطنة عُمان؛ تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، في ضوء ما يشهده قطاع غزة من حرب إسرائيلية متواصلة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وشارك الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، في الاجتماع الوزاري الخليجي الاستثنائي الذي عقد في مسقط، 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة، وتم خلالها الإعلان عن رصد 100 مليون دولار لإغاثة أهالي قطاع غزة.
وعلى هامش أعمال الاجتماع، استقبل السلطان هيثم بن طارق، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ووزراء الخارجية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وجرى خلال اللقاء استعراض تطورات الأحداث الجارية في المنطقة، وأكد السلطان هيثم بن طارق أهمية تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لوقف التصعيد والعنف وتوفير الحماية للمدنيين.
كما تطرق اللقاء إلى مسيرة العمل الخليجي المشترك والتعاون والتنسيق المثمر بين دوله وسبل تعزيزه بما يعود بالخير على شعوب دول مجلس التعاون الخليجي.
تعزيز التضامن الخليجي والعربي
ويحل العيد الوطني للسلطنة، فيما تترأس عُمان حاليًّا الدورة الـ43 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتقوم بجهود بارزة بتعاون مع دولة الإمارات لتعزيز التضامن الخليجي.
وضمن جهودهما المشتركة لتحقيق هذا الهدف، شارك السلطان هيثم بن طارق في اللقاء الأخوي التشاوري الذي استضافه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، 18 يناير/كانون الثاني الماضي، وحضره أيضا كل من عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وبحث القادة خلال لقائهم العلاقات الأخوية بين دولهم ومختلف مسارات التعاون والتنسيق المشترك في جميع المجالات التي تخدم تطلعات شعوبهم إلى مستقبل تنعم فيه بمزيدٍ من التنمية والتقدم والرخاء.
وأكد القادة رؤيتهم المشتركة لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة وإيمانهم الراسخ بأهمية التواصل لأجل البناء والتنمية والازدهار، مشددين على أهمية الالتزام بقواعد حسن الجوار واحترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
ويعد اللقاء الذي جمع بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وسلطان عمان هيثم بن طارق هو الثالث خلال 7 أشهر بعد اللقاء الذي جمعهما في سبتمبر/أيلول 2022، ولقائهما زيارة سلطان عمان إلى دولة الإمارات مايو/أيار من نفس العام، لتقديم التعازي في وفاة رئيس دولة الإمارات الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
تغير المناخ
أيضا يحل العيد الوطني لعمان، فيما تستعد دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في دورته الثامنة والعشرين COP28، في مدينة إكسبو دبي خلال الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/كانون الأول 2023، فيما يتعاون البلدان في مواجهة تغير المناخ، الذي يعد أكبر تحد يواجه البشرية في الوقت الراهن.
وسبق أن وجه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رسالة خطية إلى أخيه السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، تتضمن دعوة للمشاركة في مؤتمر COP28.
ووقّعت سلطنة عُمان ممثلةً بهيئة البيئة ودولة الإمارات العربية المتحدة ممثلة بوزارة التغيُّر المناخي والبيئة في مارس/آذار الماضي على مذكرة تفاهم تُمثل أحد المرتكزات الرئيسة لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز وتطوير التعاون المشترك في مختلف مجالات البيئة.
يأتي توقيع المذكرة في إطار الاهتمام الكبير الذي توليه الدولتان بالبيئة والحفاظ عليها وخفض الانبعاثات والوصول إلى الحياد الصفري الكربوني.
علاقات تاريخية
وبالتوازي مع الجهود الرسمية لتعزيز علاقات البلدين، وتعاونهما لمواجهة مختلف التحديات، تتحول المناسبات الوطنية في البلدين إلى احتفالية مشتركة تجسد أواصر الأخوة والمحبة والمصير المشترك الذي يجمع بين البلدين، والعلاقات الأخوية والروابط التاريخية التي تتوثق وتزداد تلاحما وقوة عاما تلو الآخر.
وتحتفل سلطنة عمان بعيدها الوطني يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، فيما تحتفل دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر/كانون الأول كل عام باليوم الوطني.
ويجسد احتفاء البلدين، قيادة وشعبا، باليوم الوطني في كل منهما عمق العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين والمصير المشترك الذي يجمعهما.
وفي كل مناسبة وطنية يستذكر شعبا البلدين جهود القادة المؤسسين في إرساء علاقات أخوية قوية بين البلدين.
علاقات أخوية تزداد نموا وترسخا في ظل القيادة الحكيمة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، والسلطان هيثم بن طارق.
تلك العلاقات القوية عبر عنها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في تصريح سابق له وصف فيه السلطنة بأنها "بلد عزيز يحظى بمكانة خاصة في قلوب الإماراتيين قيادة وشعباً".
ومرت العلاقات الثنائية بين البلدين خلال العقود الماضية بالعديد من المحطات البارزة التي أسهمت بصورة مباشرة في المضي بها قدماً، وكان المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والسلطان قابوس بن سعيد قد عقدا لقاءً تاريخياً في العام 1968.
وعقب تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر/كانون الأول عام 1971، حرص المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على التأسيس لعلاقات قوية وراسخة مع سلطنة عُمان الشقيقة، وكان لدى المغفور له السلطان قابوس بن سعيد، الرغبة نفسها في أن تكون العلاقات الإماراتية - العُمانية نموذجاً يُحتذى به على الصعيدين الخليجي والعربي، بل والدولي أيضاً.
وقد شكلت الزيارة التاريخية للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى سلطنة عمان في عام 1991 منعطفاً مهماً في مسيرة التعاون بين البلدين، والتي تم على أثرها تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين كان من أبرز إنجازاتها اتخاذ قرار بتنقل المواطنين بين البلدين باستخدام البطاقة الشخصية "الهوية" بدلاً من جوازات السفر، وتشكيل لجنة اقتصادية عليا أجرت العديد من الدراسات لإقامة مجموعة من المشاريع المشتركة.
وجاءت زيارة الدولة التي قام بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى سلطنة عمان الشقيقة في 27 سبتمبر /أيلول 2022، لتشكل حقبة جديدة في تاريخ العلاقات المشتركة بين البلدين في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتنموية.