الإمارات وعمان.. علاقات ثقافية واجتماعية تعزز روابط الأخوة
تجمع دولة الإمارات وسلطنة عمان علاقات اجتماعية وثقافية تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، وحافظ على زخمها حرص قادة البلدين على تطويرها.
وتعكس أي زيارة متبادلة بين قادة ومسؤولي البلدين حجم التوافق الكبير في منظومة القيم المجتمعية والثقافية بين شعبي الدولتين.
تلك القيم المجتمعية والثقافية، بما تتسم بها من خصوصية مستمدة من التاريخ والجغرافيا (الجوار بالحدود الطويلة المشتركة) وروابط النسب والجذور الواحدة للقبائل والعائلات، شكلت في مجملها مرتكزات قوية للعلاقات بين الدولتين تدفع في اتجاه تطويرها باستمرار.
تعاون ثقافي متنامٍ
التوافق بين الدولتين في منظومة القيم المجتمعية والثقافية شكل دافعا قويا لتعزيز التعاون بينهما في الجانب الثقافي.
وخلال شهر سبتمبر/أيلول الجاري شارك عدد من الفنانين التشكيليين العُمانيين في أعمال رواق الفن، بجامعة نيويورك في العاصمة الإماراتية أبوظبي، ضمن معرض "خريف 2022"، الذي جاء هذا العام بعنوان "حداثة خليجية ـ رواد ومجموعات فنية في شبه الجزيرة العربية".
وشارك في المعرض من سلطنة عُمان الفنان أنور سونيا، والفنانة بدور الريامية، والفنان حسن مير، والفنان موسى عمر، والفنان رشيد عبدالرحمن البلوشي.
وعكست المساحات الفنية العامة والخاصة في المعرض نمو مشاعر الانتماء الوطني، بالتزامن مع التطور الذي شهدته البنية التحتية، والمشهد السياسي في المنطقة، وظهرت هذه التحولات بشكل خاص من خلال حركات فنية معينة في المرحلة الحالية.
تبادل الخبرات
ويحرص البلدان على المضي بتلك الروابط والعلاقات قدما إلى آفاق أرحب، عبر تعزيز التعاون، وتبادل الخبرات والاطلاع على التجارب الناجحة في البلدين لتعميم الاستفادة.
ضمن هذا الإطار، قام وفد عماني برئاسة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في سلطنة عمان ورئيس المكتب الفني لمشروع مجمع عُمان الثقافي بزيارة إلى دولة الإمارات في 16 أغسطس/ آب الماضي، أطلع خلالها على الخدمات التجربة الفريدة لـ "بيت الحكمة" في الشارقة وما يقدمه من خدمات مميزة في مجال المكتبات وما يضمه من جوانب تقنية وفنية تخدم الجمهور بأسلوب مبتكر يدمج بين مفهومي المكتبة والملتقى الاجتماعي والثقافي.
أيضا قام الوفد العماني في الشهر نفسه بزيارة إلى مكتبة محمد بن راشد، للاطلاع على تجربة المكتبة الرائدة في مجال المكتبات والتوثيق وإدارة الوثائق إلى جانب البنية التقنية والجوانب الفنية في مبنى المكتبة، فضلا عن بحث سبل تعزيز التعاون المستقبلي في مجالات العمل المختلفة.
وأشاد الوفد بدور مكتبة محمد بن راشد الرائد، في حفظ الوثائق والتي تعد شواهد حية لمسار التاريخ، ونتاج الفكر الإنساني في مجالات العلم والمعرفة بمختلف فنونها وفروعها، مؤكدا أهمية تعزيز التعاون المستقبلي وتبادل الخبرات في الأرشفة والتوثيق وأنظمة المكتبات بما يدعم الحفاظ على التراث والموروث الثقافي وفق أعلى المعايير والممارسات العالمية.
معارض الكتاب
زيارات تأتي بعد نحو 3 شهور من مشاركة سلطنة عُمان في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2022م ممثلة في وزارتي الثقافة والرياضة والشباب والإعلام، إلى جانب عدد من دور النشر العُمانية، في مايو/أيار الماضي.
المشاركة العمانية، جاءت بعد نحو شهرين من مشاركة إماراتية بارزة في النسخة الـ26 من معرض مسقط الدولي للكتاب" خلال الفترة من 24 فبراير/شباط إلى 5 مارس/آذار الماضي. تأتي هذه المشاركات في إطار العلاقات الثقافية القائمة بين البلدين الشقيقين، والتي تتميز بعمقها ومتانتها.
إكسبو.. تعزيز التضامن
شاركت سلطنة عمان في معرض إكسبو 2020 دبي الذي استضافته الإمارات على مدار 6 شهور، واختتم نهاية مارس/ آذار الماضي، الذي يعد أول إكسبو دولي يقام في العالم العربي، وأكبر حدث ثقافي في العالم.
واستمرارا لسعيها الدؤوب في تعزيز التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، وظفت الإمارات إكسبو 2020 دبي"، لتعزيز هذا النهج، من خلال حرص قادة ومسؤولي الإمارات على زيارة جناح سلطنة عمان، ونقل رسائل تعزز الترابط والأخوة، وعقد مباحثات تعزز التعاون الثنائي.
وزار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان جناح السلطنة في معرض "إكسبو 2020 دبي" في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأعرب عن سعادته بزيارته، مؤكدا أن كل مشاركة في معرض إكسبو تشكل إضافة نوعية قيمة تثري فعالياته وضيوفه.
كما قام الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بزيارة جناح سلطنة عمان، حيث أبدى إعجابه بتصميم الجناح الذي جاء مستوحى من أصالة التراث العماني العريق وارتباطه بمكونات البيئة العمانية ومن أهمها شجرة اللبان التي تم استلهام تصميم الجناح منها.
وأطلع خلال الزيارة على المحتوى الذي يقدمه الجناح ويعكس في ملامحه إنجازات السلطنة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعلمية، وبما يجسد رؤية "عمان 2040".
وأثنى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على إبداع العرض الذي قدمت من خلاله سلطنة عمان الشقيقة سردا إبداعيا يروي قصة النهضة الشاملة التي تشهدها السلطنة بقيادة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد، متمنيا كل التوفيق والسداد للسلطنة قيادة وشعبا للوصول إلى مستويات التميز في مختلف المجالات.
حماية اللغة العربية
وفي إطار سعيهما المشترك لحماية اللغة العربية، جرت في 15 فبراير / شباط الماضي، مباحثات ثقافية بين المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة ومركز الترجمة والتعريب والاهتمام باللغة العربية - بسلطنة عمان تناولت بحث آلية وكيفية التعاون في تطوير مناهج اللغة العربية والاهتمام بها وسبل التنسيق المتبادل حول أي مشاريع أو أنشطة أو فعاليات أو دورات تدريبية، وإمكانية المشاركة فيها.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، شارك وفد اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات في أعمال المنتدى الثقافي الخليجي الأول الذي عقد في مسقط.
ويهدف المنتدى إلى الإسهام بفعل إيجابي يعزز دور المثقف، ويرفد الكتّاب، ويطوّر قدرات الإنجاز الإبداعي، من خلال تقديم الخدمات والمحفّزات والممكّنات، وإتاحة التلاقي بين المشتغلين في إنجاز الثقافة على الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية، إضافة إلى إتاحة اللقاء بين أدباء مجلس التعاون لدول الخليج العربية في شتى المجالات والتثاقف بينهم.
المناسبات الوطنية
أيضا تتحول المناسبات الوطنية في البلدين إلى احتفالية مشتركة تجسد أواصر الأخوة والمحبة والمصير المشترك الذي يجمع بين البلدين، والعلاقات الأخوية والروابط التاريخية التي تتوثق وتزداد تلاحما وقوة عاما تلو الآخر.
وتحتفل سلطنة عمان بعيدها الوطني يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، فيما تحتفل الإمارات في الثاني من ديسمبر/كانون الأول كل عام باليوم الوطني. ويجسد احتفاء البلدين، قيادة وشعبا، باليوم الوطني في كل منهما عمق العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين والمصير المشترك الذي يجمعهما.
ويتقاسم البلدان موروثا ثقافيا مشتركا من فنون وآداب شكلت هوية ثقافية متجانسة لشعبيهما ولجميع شعوب منطقة الخليج العربي، فيما تنعكس العادات والتقاليد المشتركة بين الشعبين على الكثير من المفردات في الشعر والنثر والقصة والموروث الشفهي والأمثال والمرويات الشعبية، إلى جانب ما يتصل بأساليب وطرائق الحياة بصفة عامة.
وتزداد الروابط الثقافية والاجتماعية بين الإمارات وسلطنة عُمان تداخلا وعمقا بدرجات كبيرة، تصل إلى مستوى العلاقات الأسرية والعائلية وتقاسم العادات والأزياء والفنون، نتيجة للتاريخ المشترك والتلامس الجغرافي.