الإمارات وسلطنة عمان.. تكامل نحو رخاء شعوب المنطقة والعالم
على مسار الخير ليس فقط لدولتي الإمارات وسلطنة عمان بل لمختلف دول العالم، يترقب الجميع الفرص الواعدة وسط التحديات المتشعبة الراهنة.
وسيبدأ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، الثلاثاء المقبل "زيارة دولة" لسلطنة عمان، تتوج العلاقات المتنامية بين البلدين.
وستحتضن سلطنة عمان قمة تاريخية ستعقد خلال الزيارة التي ستستمر على مدى يومين "27 – 28" سبتمبر/أيلول 2022، ستجمع بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات والسلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد سلطان عمان.
وقال محمد الحمادي رئيس جمعية الصحفيين الإماراتية؛ إن الإمارات هي شريك استراتيجي مهم لسلطنة عمان، فهي الأولى عالميًا كأكبر شريك تجاري لسلطنة عمان، فيما تعد سلطنة عُمان ثاني أكبر شريك تجاري خليجي لدولة الإمارات.
وأضاف خلال خلال مساحة نقاش لـ"العين الإخبارية" بعنوان "الإمارات وعمان.. شراكة تدعم التنمية والاستقرار بالمنطقة" على تويتر، أن الزوار القادمين من دولة الإمارات لعمان هو الأكبر بالمنطقة.
وتمثل الإمارات أهم الأسواق المصدرة للسياحة إلى السلطنة نظراً لسرعة الوصول عبر شبكات طيران مميزة، فضلاً عن السفر البري السريع إلى عُمان من المدن الإماراتية عبر العديد من المنافذ الحدودية التي تشهد عبور ملايين الزوار القادمين في كلا الاتجاهين.
وتابع الحمادي، "من يعرف دولة الإمارات وسلطنة عمان يعرف أن الإنسان هو محور اهتمام القيادة في البلدين، والأساسي لبناء هاتين الدولتين واستدامة نهضتهم.. فمن ينظر إلى الدولتين اليوم مقارنة بـ50 عامًا سابقة، يجد مدى التغيير والتطور الكبير الناجم عن الاستثمار في الإنسان".
"الشعب الإماراتي والشعب العماني شعب واحد.. واليوم القيادة الرشيدة في البلدين عازمتين على تعزيز التعاون والتصدي لمختلف التحديات على الصعيد الاقتصادي والأمني والاستراتيجي"؛ وهذا ما أكده رئيس جمعية الصحفيين الإماراتية، حيث قال إن القمة التي ستستمر على مدى يومين، تعكس مستقبل مختلف ومرحلة جديدة للبلدين تستشرف آفاق أرحب لتعزيز وتوطيد العلاقات.
وشدد محمد الحمادي، على ان مسألة التكامل هامة للغاية اليوم في العلاقات بين البلدين في مختلف القطاعات ولا تقل أهمية عن ركيزة التعاون الاقتصادي، فالبناء على الزيارة أولوية قصوى لضمان تنمية مستدامة شاملة. واليوم، قيادة البلدين لديهما رغبة ورؤية للبناء على ما تم إنجازه في المرحلة المقبلة، وخصوصًا بعد القمة التاريخية التي ستحتضنها سلطنة عمان.
وفيما يتعلق بأزمة الطاقة بأوروبا، أشار الحمادي إلى زيارة المستشار الألماني أولاف شولتس إلى دولة الإمارات، والتحرك الإيجابي الكبير لدعم ألمانيا في إيجاد حلول لأزمة الطاقة التي تعاني منها جراء تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية.
هناك تخوفات ليس على من تفاقم أزمة الطاقة فحسب، بل من تكريس أزمة غذاء ومياه مترامية الأطراف. لذلك؛ الدول الصغيرة جغرافيًا بحاجة للعمل المشترك لمواجهة التحديات المستقبلية واستشراف حلول مرنة داعمة للعالم بمواجهة التحديات الراهنة.
الحمادي قال إن الزيارة ستجعلنا مطمئنين من أن القيادتين لديهما قراءة ورؤية وطريقة واضحة للتعامل مع مثل تلك التحديات، فدولة الإمارات شريك إيجابي ورئيسي للمجتمع الدولي في أوقات الأزمات والرخاء.
وتابع، "الكثير سيتابع ما سيتمخض عنه اللقاء.. وبلا شك سيكون في صالح البلدين ودول العالم.. وسيعكس أن دول الخليج تعمل كتلة واحدة والعلاقات ستجسد وتوظف العمل الإيجابي لمصالح اقتصادات وشعوب الخليج والمنطقة والعالم".
وأكد أن هناك الكثير من الفرص في مختلف المجالات وعندما تعمل دولة الإمارات وسلطنة عمان مع بعضهما البعض ستشكلان قوة مؤثرة ليس في الإقليم بحسب بل في المنطقة والعالم.
وبدوره، قال الدكتور أحمد الهوتي رئيس اللجنة الاقتصادية في غرفة تجارة وصناعة عمان، خلال مساحة نقاش لـ"العين الإخبارية" بعنوان "الإمارات وعمان.. شراكة تدعم التنمية والاستقرار بالمنطقة"؛ إن استراتيجيات التطوير والتنمية كثيرة ومتعددة بعضها فُعّل وبعضها في طريق التفعيل في سلطنة عمان، ويعود سبب تعطل كثير المنجزات التي كانت في طور العمل والبناء إلى تداعيات جائحة كورونا.
وأشار إلى أن هناك جملة من المشروعات في طريق التطوير بولايات جنوب وشمال الباطنة من خلال إعادة بناء وتعمير المساحات الواقعة على الخط الساحلي، بالإضافة إلى تطوير سوق مطرح. فيما تم العمل على إحياء المدن القديمة في بهوي وإسكي.
وأكد "الهوتي" أن النجاحات التنموية التي تحققت في سلطنة عمان ستساعد في التخطيط لبناء مدن حديثة. كما يمكن الاستفادة من التجربة الإماراتية في النهضة العمرانية المتطورة، فمستوى التطوير العمراني الحاصل اليوم في دولة الإمارات لا يضاهي، وهناك تطلع مشترك لتعزيز التعاون في البناء والعمران.
ليست دبي وحدها، أو الفجيرة أيضًا التي شهدت طفرة عقارية تنافسية، لكن كذلك تشهد "العين" تطورًا غير مسبوق في النهضة العمرانية.
ويرى رئيس اللجنة الاقتصادية في غرفة تجارة وصناعة عمان، إن من الضروري اليوم في سلطنة عمان الاستفادة من الاستراتيجيات التنموية لاستكمال بناء وتعزيز النهضة والمستقبل المشترك بين البلدين.
في ظل الأزمات العالمية الحالية، أشار أحمد الهوتي، إلى أن الحكومة العمانية تعمل على إعادة التخطيط العمراني في مختلف ولايات السلطنة.
كما تخطط لإتاحة المجال أمام الإماراتيين وكذلك أمام الجميع بدول مجلس التعاون الخليجي لتملك العقارات في مناطق ومدن محددة بالسلطنة. وخلال المرحلة المقبلة سيكون هناك تخطيط مختلف، وستعتمد الحكومة والمطورين العمانيين في ذلك على الاستفادة من النموذج التنموي في دبي.
وقال الهوتي، إن انطلاقة عمان الاقتصادية مرتبطة بتطوير القطاع العقاري، لضمان تنافسية اقتصادية واسعة وجذب العديد من المستثمرين من مختلف دول العالم. الأمر الذي يعني أن تطوير قطاع العمران بما ينسجم مع تطلعات المواطن العماني والمستثمرين كذلك بات ضرورة ملحة، ففي صلالة والجبل الأخضر اليوم العديد من الفرص الواعدة.
وعلى مسار قضية التغير المناخي التي تؤرق شعوب وحكومات العالم، أكد رئيس اللجنة الاقتصادية في غرفة تجارة وصناعة عمان، أن دولة الإمارات قطعت شوطًا كبيرًا في مجال الطاقة النظيفة، وأصبح من الضروري تعلم الجميع من التجربة الإماراتية والاستفادة منها وكيفية استكشاف الفرص في طاقة الرياح والشمس والهيدروجين للحد من التغيرات المناخية.
فيما أشار إلى أنه خلال السنوات الأخيرة حدث تغيرًا مناخيًا للأفضل في سلطنة عمان ودولة الإمارات، وأصبحت مواسم الأمطار منتظمة ووفيرة.
وأضاف، "علينا تطوير الأدوات والإمكانيات لمساعدة العالم في الخروج من مأزق التغير المناخي، حتى لا يتكرر ما شهدناه خلال العام الجاري في أوروبا من درجات حرارة قاسية وحرائق واسعة". لذلك؛ على الدول الاستفادة من قمة كوب 27 وكذلك كوب 28 لتخفيف تداعيات أزمة التغير المناخي.
وفيما يتعلق بقضية تعطل سلاسل التوريد، أفاد "أحمد الهوتي"، بأن دولة الإمارات وسلطنة عمان تلعبان دورًا مهمًا في تكملة هذه سلاسل الإمداد التي انقطعت في مناطق مختلفة بالعالم وخاصة في أوروبا وما ترتيب عليها من تأجيج لظاهرة التضخم الراهنة وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.
وأكد قائلًا، إن "وجود الدولتين في منطقة جغرافية مهمة سيساعد في توفير سلاسل الإمداد فيما يتعلق بالنفط والغاز، وكذلك ربط دول آسيا بأوروبا".
اليوم، أصبح العديد من الدول المحيطة بحاجة لجهود السلطنة ودولة الإمارات في نقل وتخزين وتوفير البضائع والمواد الأساسية خلال الفترة المقبلة.
وتابع، "إنها مسألة مهمة.. والإمارات والسلطنة سيواصلان واجبهما عالميًا وسط تحديات الأزمة الأوكرانية وأزمة بحر الصين الجنوبي وتهديدات بحر العرب.. هناك إشكالات كثيرة ولا بد من رسم قيادة البلدين لخطة أخرى بديلة للحيلولة دون تفاقم إشكالات سلاسل التوريد بالعالم".
وأكد أحمد الهوتي أنه عبر الموانئ والمطارات الأفضل على مستوى العالم في دولة الإمارات وسلطنة عمان ستُسخر لتطويع الإمكانات لتطوير سلاسل الإمداد، فالبواخر تأتي من بحر عُمان وتحصل على كامل اللوجستيات من الفجيرة، وفي صحار نفس الأمر، وذلك لتسهيل استكمال سلاسل الإمداد ونفاذها إلى العالم.
أما الشيخة عائشة بنت سالم البلوشي، عضو المجلس البلدي وممثلة محافظة الظاهرة في سلطنة عمان، قالت إن سلطنة عمان ودولة الإمارات تعيشان نفس الظروف ويطمحان لهدف تعزيز العلاقات بشكل كبير.
وأضافت أنه أصبح هناك استفادة كبيرة من خلال التعاون الاقتصادي بين الدولتين، في التطور العمراني المتسارع في سلطنة عمان، مشيرة إلى أن أرقام التعاون الاقتصادي تتعدى الملموس في الوقت الراهن.
وتوقعت أن يحدث تعاون أكبر في المرحلة المقبلة، فدولة الإمارات وسلطنة عمان لهما تاريخ مشترك، واتفاقيات عميقة، والجميع يأمل أن ترسم هذه الزيارة خطوط أعمق بكافة المجالات.
فيما قال خلفان الطوقي، الكاتب والمحلل العماني بالشأن الاقتصادي، إن هناك مرجعيات لسلطنة عمان في التعامل مع قضية التغير المناخي مثل رؤية 2040، فهي تحرص على بلوغ أهداف الأمم المتحدة للمناخ.
وعلى مسار التنمية العمرانية، سلط الطوقي الضوء على مناطق بكر بسلطنة عمان مثل جزيرة مصيرة والتي من المأمول أن يكون لها مستقبل كبير للمستثمر الإماراتي ومن المتوقع تواجده بقوة.
وأفاد بأن شركات التطوير العقاري العمانية والخليجية والمتقدمة المعروفة الموجودة في الإمارات مدعوة لتقديم حلول مبتكرة، وسيكون لها نصيب من الاستثمار الخارجي في تطوير متجمعات عمرانية وسياحية متكاملة.
وأشار الكاتب خلفان الطوقي إلى أن من أفضل شركات الاستثمارات الإمارات التي ضخت مشروعات في السلطنة؛ هي شركة الفطيم عبر تعاونها المثمر الرائج مع جهاز الاستثمار العماني في تطوير وبناء مشروع الموج الناجح والذي يعد بين الأفضل من نوعه على مستوى العالم.
وأشار إلى أن إحدى المرجعيات هي أهداف الأمم المتحدة والاستفادة من أفضل الممارسات الموجودة بدولة الإمارات في قطاع البيئة.
ويترقب مسؤولي عُمان قمتي المناخ كوب 27 و28 اللتان ستعقدان في مصر والإمارات على الترتيب؛ حيث ستكون السلطنة حاضرة بقوة بملفاتها وإنجازاتها في ملف التغير لمناخي.
وأكد الطوقي أن وجود قمة المناخ العالمية كوب 28 على أرض دولة مهمة وجارة، يضع مسؤولية كبيرة على العمانيين لتعزيز التعاون في مجال البيئة.
وعلى مسار الموقع الجغرافي الاستراتيجي بالقرب من دولة الإمارات، فالدولتين اليوم أمام فرص فريدة لتعظيم فرص الاستفادة اقتصاديًا وبيئيا وعمرانيًا.
قدمت دولة الإمارات وسلطنة عُمان نموذجاً، لما ينبغي أن تكون عليه علاقات حسن الجوار، لاسيما التعاون والتكامل الاقتصادي بين بلدين شقيقين ففي يوليو من العام المقبل، سيكون البلدان قد أكملا نصف قرن كامل من التآخي والتعاضد بين الإمارات والسلطنة.
وسطر البلدان الشقيقان بالفعل نحو نصف قرن من العلاقات الثنائية المميزة، حيث يؤرّخ لبدء العلاقات رسمياً في 15 يوليو 1973، عندما افتتحت الإمارات سفارتها في العاصمة العُمانية مسقط، ومنذ ذلك الحين، يتمتع البلدان بعلاقات ودية شكّلت نموذجاً للعلاقات الأخوية، سواءً على الصعيد الثنائي، أو في إطار مجلس التعاون الخليجي.
وانطلاقاً من العلاقات الأخوية بين البلدين، والرغبة في تطوير التعاون فيما بينهما، تأسست اللجنة العليا المشتركة بين البلدين في مايو 1991.
ووقَع البلدان أكثر من 20 اتفاقية ومذكرة تفاهم في عدة مجالات، ومنها الخدمات الجوية، وأيضاً هناك اتفاقية النقل البري الدولي للركاب والبضائع، والاتفاقية الثنائية للربط الكهربائي.
فيما بلغ إجمالي التجارة غير النفطية بين دولة الإمارات وسلطنة عمان خلال الفترة من 2012-2021، أكثر من 362 مليار درهم (97.74 مليار دولار).
وبحسب بيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، سجل إجمالي التجارة غير النفطية بين دولة الإمارات وسلطنة عمان معدل نمو بلغ 98.9% ليصل إلى 46.5 مليار درهم في نهاية 2021، مقابل 23.4 مليار درهم في نهاية عام 2012، وفقاً لوكالة الأنباء الإماراتية "وام".
واستحوذت الصادرات غير النفطية على نسبة 33% من إجمالي التجارة غير النفطية خلال السنوات العشر الماضية، مسجلة ما قيمته 120 مليار درهم، بينما بلغت حصة إعادة التصدير 45.5%، بقيمة 165 مليار درهم.
وحازت الواردات نسبة 21.5% من إجمالي التجارة غير النفطية بين البلدين خلال الفترة نفسها، مسجلة ما يقارب 77 مليار درهم.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال النصف الأول من العام الجاري 24.2 مليار درهم، توزعت بين 8.8 مليار درهم، قيمة إعادة التصدير، و9.9 مليار درهم، قيمة الصادرات غير النفطية، و5.4 مليار درهم قيمة الواردات.
وبحسب بيانات تقرير حجم التجارة الخارجية بين البلدين، سجل عام 2013 ارتفاعاً في التبادل التجاري غير النفطي بنسبة 23% ليصل إلى 28.8 مليار درهم، مقارنة بحجم التجارة في 2012.
وسجل عام 2019 أعلى معدل تبادل تجاري بين دولة الإمارات وسلطنة عمان خلال العقد الماضي بقيمة 48 مليار درهم، بينما سجل عام 2021 نمواً بلغ 10% ليصل إلى 46.5 مليار درهم، مقابل 42.3 مليار درهم في نهاية عام 2020.