"إرث الاوّلين" عرّف الرأي العالم العالمي أن هذه البقعة من جغرافية العالم كان فيها مجموعة غنية من الثقافات الإنسانية
سلط الاحتفال الرئيسي لليوم الوطني الـ48 لدولة الإمارات، أمس في استاد مدينة زايد الرياضية، والذي حمل عنوان: "إرث الأولين" وحضره أصحاب السمو حكام الإمارات، الضوء على قيم هوية أمة عاشت على هذه الأرض منذ قدم التاريخ، وكان لها موروثها الثقافي الأصيل، كما أبرزت فقرات الحفل فلسفة شعب آمن بأن أحلامه قابلة للتحقيق، وأن يتحول كفاحه إلى قصص نجاح إذا ما صاحبتها عزيمة صادقة ووقفت وراءها قيادة ذي رؤية شديدة الوعي في استيعاب دروس التاريخ وعبره، وتعاملت بواقعية مع تغيرات الحاضر بما يتوافق ومتطلبات استمرار إنجازاتها، ولم تنس، في الوقت نفسه، أن تستشرف المستقبل.
"إرث الاوّلين" عرف الرأي العالم العالمي أن هذه البقعة من جغرافية العالم كان فيها مجموعة غنية من الثقافات الإنسانية ولها تواصل مع الآخر بفعل التبادل التجاري والثقافي وأن أبناءها اختلطوا مع الأجناس الأخرى وكونوا معها معنى مشتركاً للعيش رغم الاختلافات
لقد كانت هذه هي صفات الإماراتيين الأوّلين الذين صنعوا بها تاريخاً جديداً للمنطقة وألهموا بها أبناءهم والعالم بقصص نجاح لا تنقطع ولا تعترف بالمستحيل طالما أن هناك إرادة.
بشكل عام فإن الإرث الإنساني الذي يتركه الأوّلون هو الهوية الحقيقية لأي أمة وشعب يأتي بعدهم، ومع اعترافنا أن هناك بعض الفروقات نتيجة لتوالي الأجيال واختلافات المؤثرات الاجتماعية نتيجة للتفاعل الإنساني مع باقي الثقافات، إلا أن التشابه في القيم العامة أو القيم الإنسانية الكبيرة تبقى محافظة عليها كما قيمة حب الوطن والدفاع عنه، فهي تكاد تكون موجودة مع كل إنسان طبيعي بل وترتبط مع صيرورته في الحياة، وقد ظهرت دولة الإمارات بوضوح من خلال الأحداث الكبيرة حيث قدموا أرواحهم فداء للوطن.
هنا أشياء تكون صعبة التفسير بالأدوات الحسية أو المادية منها علاقة الإنسان بالأرض والدفاع عنها، وإن كان تفسيرها بأسباب عقائدية هو الأقرب والأكثر إقناعاً، كما أن بعض الشعوب كما الشعوب الآسيوية ترجعها لتفسيرات خرافية وأساطير وفق ما تؤمن به.
وما فعله العرض المسرحي لـ"إرث الأوّلين" أمس أنه قدم عرضاً تاريخياً أمام أكثر من (200) جنسية تعيش على أرضها عن أمة عاشت مئات السنين في هذه الأرض، وكان لها تفاعلها مع باقي حضارات العالم الإنسانية أثبتتها حفريات جزيرة دلما ومنطقة الهيلي في مدينة العين، كما أسهم هذا العرض "الملحمة" في ترسيخ مشاعر الوطنية والفخر بإرث الوطن من خلال القيم الخالدة لأبناء هذه المنطقة المتمثلة في الصبر والحكمة والمروءة والشجاعة.
إن الثاني من ديسمبر عام 1971 يوم لا يمكن أن ينساه أي مواطن إماراتي لأنه يمثل "لولؤة" أو جوهر تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة واللبنة الأساسية التي بنيت عليها أسس دولة بالمفاهيم السياسية الحديثة وتحققت على أرضها أنجح اتحاد، إلا أنه من الصعب اختصار مسيرة وجود الإنسان في هذه البقعة وارتباطه بالأرض والعيش فيها الذي يعود إلى ما قبل 123 عاماً والحديث عن مجالات النجاح والقصص الملهمة في (50) دقيقة هي المدة الزمنية المخصصة لعرض ملحمة "إرث الأوّلين" التي تعد مصدر إلهام ليس فقط للأجيال الجديدة، وإنما للعديد من شعوب دول العالم "المنبهرة" بما تحفل به هذه الدولة من دروس في الاهتمام بالإنسان والعمل على إسعاده وهو ما تعتبره القيادة أساس كل قصص النجاح التي يمكن أن تحققها في أي مكان في العالم.
الذي لم يعش تجربة إنجازات مسيرة التنمية في دولة الإمارات يتشكك في تصديق ما يحدث فيها، خاصة عندما يقوم بمقارنتها مع تجارب الآخرين بل قد يصل به الأمر إلى الحديث مع نفسه أن ما يسمعه ويراه أنه نوع من الخيال أو هو "السحر" نفسه؛ لأن حالة الانتقال بالدولة من وضع إلى آخر في فترة زمنية لم تتجاوز الـ50 عاماً ليس بالأمر السهل لاسيما عندما يأخذ دائماً منحى تصاعديا ويزداد تأثيره على باقي المجتمعات في العالم، ولكن سريعاً ما يزول ذلك الشك إذا ما أدركت أن "السر" يكمن في وجود قيادة سياسية هي من تقف وراء هذا الفعل المتوارث لديهم.
"إرث الاوّلين" عرف الرأي العالم العالمي أن هذه البقعة من جغرافية العالم كان فيها مجموعة غنية من الثقافات الإنسانية ولها تواصل مع الآخر بفعل التبادل التجاري والثقافي وأن أبناءها اختلطوا مع الأجناس الأخرى وكونوا معها معنى مشتركاً للعيش رغم الاختلافات الدينية والثقافية، وأن القيم الإنسانية هو المحفز على التفاعل معهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة