خبراء لـ"العين الإخبارية": شراكة الإمارات والصين تنعش التجارة العالمية
تربط دولة الإمارات والصين، مجموعة كبيرة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم شملت قطاعات مهمة، ما يعزز الشراكة الاقتصادية بينهما.
اتفق خبراء في حديثهم لـ"العين الإخبارية" على أن العلاقات الاقتصادية بين دولة الإمارات والصين نموذج فريد للتعاون على خريطة العلاقات الاقتصادية الدولية، ما يعزز دورهما في إنعاش التجارة العالمية وسلاسل الإمداد.
وتربط بين البلدين أواصر صداقة قوية وعلاقات متينة ومتميزة أثمرت تعاوناً استراتيجياً في مختلف المجالات، كما يجمع بين البلدين العديد من الأهداف المشتركة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة والنمو والازدهار لشعبيهما.
وتمثل التبادلات التجارية بين دولة الإمارات والصين محورا نشطا يضيف الكثير من الزخم للقطاع في ظل كون البلدين عنصرا أساسيا في سلاسل الإمداد.
الدور البارز للبلدين كمراكز إقليمية ودولية للتجارة العالمية، ظهر بشكل واضح في عام 2022 الذي شهد ارتفاعا في حجم التبادل التجاري بينهما بنسبة 37% رغم ما يمر به العالم من اختناقات في سلاسل الإمداد.
وكشف تشانغ يى مينغ، سفير الصين لدى دولة الإمارات مينغ في تغريدة عبر حسابه على "تويتر"، أن التبادل التجاري بين الصين ودولة الإمارات في عام 2022 سجل 99.27 مليار دولار مقابل 72.36 مليار دولار في 2021.
ويأتي ذلك، بينما تشهد العلاقات الاقتصادية بين دولتي الإمارات والصين تطورا كبيرا منذ نحو 40 عاما، زاد خلالها التعاون بين البلدين بشكل غير مسبوق.
تجارة قياسية
وفق"مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية"، بلغت صادرات الإمارات إلى الصين في 2022 نحو 45.41 مليار دولار بارتفاع سنوي نسبته 58.9%، فيما بلغت واردات الإمارات من الصين 53.86 مليار دولار بزيادة نسبتها 23.3%.
ويبرز دور دولة الإمارات كمركز رئيسي لمبادرة الصين "الحزام والطريق" وكمركز إقليمي للطيران والنقل والخدمات المالية، وهو ما يمثل بوابة مهمة للشركات الصينية إلى العالم.
ودولة الإمارات من أول البلدان التي انضمت إلى مبادرة "الحزام والطريق"، حيث وقّع الجانبان العديد من مذكرات التفاهم وأقاما شراكات جديدة في مختلف المجالات.
ووفقا لوكالة الأنباء الإماراتية "وام"، تربط الإمارات والصين قرابة 40 عاما من الصداقة والتعاون، كما أصبحت علاقتهما نموذجا ناجحا للعلاقات الدولية وخلال السنوات الأخيرة، ازداد التعاون على مستوى رفيع بين البلدين.
شراكة ضخمة
تعد الصين حاليا أكبر شريك تجاري للإمارات، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية بين البلدين 234 مليار دولار على مدى خمس سنوات مضت وبين عامي 2018 و2021، وارتفعت التجارة الثنائية في المنتجات غير النفطية من 43 مليار دولار إلى أكثر من 60 مليار دولار أمريكي، بزيادة نسبتها 40%، بينما تمارس أكثر من 6000 شركة صينية أعمالها في الإمارات حاليا.
وحققت الدولتان ترابطا غير مسبوق، من خلال بناء مشروعات رئيسية مثل المرحلة الثانية من محطة حاويات ميناء خليفة والمنطقة النموذجية الصينية الإماراتية للتعاون في الطاقة الإنتاجية.
وتتطلع الإمارات كمركز إقليمي للطيران والنقل والمالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى تعزيز إنشاء البنى الأساسية في إطار مبادرة "الحزام والطريق".
ويستمر نطاق الشراكة بين البلدين في التوسع والتنوع، مع إضافة مجالات جديدة للتعاون، بما في ذلك التخفيف من آثار تغير المناخ والابتكار والتكنولوجيا والأمن الغذائي وأمن الطاقة والخدمات المالية والتعليم والمساعدة الإنسانية الدولية، إضافة إلى الجهود المشتركة التي بذلتها الدولتان خلال السنوات الأخيرة لمكافحة جائحة كوفيد-19.
تحالف واسع
يقول الخبير في الاقتصاد الدولي محمد سلامة، إن أرقام التجارة الخارجية بين الإمارات والصين، تعكس التحالف الآخذ بالتوسع بين البلدين.
وذكر سلامة في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن وجود دولة الإمارات على أحد أهم نقاط طريق الحرير الرابط بين الصين والغرب، جعلها بوابة متطورة في عبور السلع الصينية نحو الغرب.
وتملك الإمارات العربية المتحدة، توليفة من طرق التجارة والملاحة البرية والبحرية والجوية المتطورة، إلى جانب امتلاكها أحد أكبر الموانئ التجارية في المنطقة والعالم، وأكثرها زخما.
وبحسب سلامة "بدأت عجلة استعادة حجم التجارة الصينية نحو العالم في العودة إلى وضعها الطبيعي خلال العام الماضي، بعد عامين شكلا تحديات على تجارتها الخارجية".
وتابع: "عاد الطلب على السلع الصينية من جانب أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط.. دولة الإمارات بطبيعة الحال هي البوابة الرئيسية لهذه التجارة، لذا لا نستغرب أن يكسر عام 2023 أرقام العام الماضي، مع إلغاء الصين لكافة قيود كورونا".
وتأتي دولة الإمارات في المرتبة الأولى عربياً في استقبال الصادرات الصينية بحسب بيانات الجمارك الصينية، وتحتل المرتبة الثانية عربياً ضمن قائمة الدول المصدرة للصين خلال عام 2021.
ولدولة الإمارات استثمارات في أكثر من 650 مشروعاً في الصين تتركز أغلبها في مجالات الطاقة والمصارف والشحن البحري ومناطق التجارة الحرة، كما أن دولة الإمارات هي أول دولة في الشرق الأوسط تحل ضيف شرف ضمن معرض بكين الدولي لتجارة الخدمات 2022.
مستوى قياسي
المحلل الاقتصادي الإماراتي، نايل الجوابرة، قال إن التبادل التجاري بين البلدين قفز لمستوى قياسي في عام 2022.
الجوابرة يضيف في حديث لــ"العين الإخبارية" أن التبادل التجاري عام 2022 هو الأعلى بالتاريخ، مشيرا إلى أن عدد الشركات الصينية في الإمارات وصل إلى أكثر من 6 آلاف شركة وعدد الجالية الصينية في عام 2019 بالبلاد وصل إلى 200 ألف وارتفع إلى 400 ألف الآن ما يؤكد قوة التبادل الاقتصادي بين البلدين وتطوره.
وأكمل أن السبب يعود للعلاقات القوية بين البلدين سواء على المستوى الاقتصادي والسياسي والشعبي، متوقعا زيادة كبيرة في حجم التبادل التجاري بعد تخلي بكين عن صفر كوفيد وفتح الاقتصاد هناك.
علاقات ثنائية
يقول الكاتب الصحفي والإعلامي الصيني، نادر رونغ هوان، إن التعاون الاقتصادي الصيني الإماراتي ارتفع بدرجة كبيرة العام الماضي بسبب تطور العلاقات بين البلدين.
ويضيف رونغ هوان في حديث لــ" العين الإخبارية" أن العام الماضي شهد أيضا زيادة في حجم مشاريع المقاولات التي تقوم بها بلاده في دبي بقيمة 10.4 مليار دولار أمريكي، لافتا إلى أن دبي تعد محطة كبرى لنشر البضائع الصينية بأفريقيا.
وعن مستقبل التعاون في العام الجديد، يرى أنه سيشهد زيادة كبيرة في التبادل التجاري والذي يصادف الذكرى العاشرة لطرح بكين مبادرة "الحزام والطريق"، لافتا إلى أنه سيشهد تطورا كبيرا ومنافع كبرى للأطراف المتعددة خاصة بعد رفع التعاون لمستوى أعلى بالاقتصاد الرقمي والطيران والفضاء.
وأكد المحلل والكاتب الصيني أنه بعد انعقاد الناجح للدورة الصينية العربية والصينية الخليجية سوف يدخل عهد جديد من التطور والتزايد في التبادل التجاري العربي الصيني والإماراتي وبكين بشكل خاص، موضحا أن التعاون بين البلدين يعد قدوة للعلاقات الثنائية والتجارية لبلاد الشرق الأوسط.
وبين أن ذلك سوف يعود بشكل كبير على كافة الدول العربية وانتعاش التبادل التجاري، مشيرا إلى أن ذلك سوف يزداد بكثافة كبرى بعد تحسين الصين إجراءات الوقاية من كورونا مما ينعش الاقتصاد الصيني والدفع بتطور العلاقات الاقتصادية والتجارية الإماراتية الصينية إلى آفاق أرحب.
شريك تجاري
من جانبه يشير المستشار الإعلامي السابق بالسفارة المصرية لدى الصين والخبير بالشأن الصيني، أحمد سلام، إلى أن الصين تعد الشريك التجاري الأكبر للدول العربية، حيث بلغ حجم التجارة بين الجانبين خلال عام 2022 قرابة الـ٣٢٠ مليار دولار، ما يزيد عن معدل التبادل التجاري الذي تم تحقيقه خلال عام 2021، والذي بلغ حوالي 300 مليار دولار.
وأوضح سلام في حديث لــ"العين الإخبارية" أن هناك تعاونا كبيرا بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي وعلى وجه الخصوص بين بكين وأبوظبي، حيث بدأت العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الصين الشعبية، في ديسمبر/كانون الأول من عام1971.
وقال: أدركت الإمارات أهمية الصين الاقتصادية والتجارية والسياسية مبكرا فقامت بافتتاح سفارتها بالعاصمة الصينية بكين وثلاث قنصليات في هونغ كونغ و شنغهاي وغوانغو. وقد تم رفع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة عام 2018 خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للإمارات العربية المتحدة.
وأكمل: تعد الصين الشريك التجاري الأول لدولة الإمارات العربية المتحدة في قطاعات التجارة غير النفطية، وتسعى بكين والإمارات للوصول إلى حجم تبادل تجاري بقيمة ٢٠٠ مليار دولار بحلول عام 2030.
وحول آفاق التعاون المستقبلي بين البلدين، قال: هناك تعاون كبير بين الصين والدول العربية في جميع المجالات التكنولوجية والعلمية ومجال علوم الفضاء والبنية التحتية.
aXA6IDMuMTQzLjIzNy4xNDAg جزيرة ام اند امز