يوم البيئة الإماراتي 2025.. إرث ثري يؤسس لمستقبل مستدام
تحتفي الامارات، اليوم الثلاثاء، بيوم البيئة الوطني، الثامن والعشرين تحت شعار "جذورنا أساس مستقبلنا". يأتي الاحتفال بتلك المناسبة فيما تتواصل جهودها الرائدة للحفاظ على البيئة، التي تعد نموذجا ملهما لمختلف دول العالم.
وتمّ اعتماد الرابع من فبراير/شباط يوما للبيئة الوطني يتم الاحتفاء به في كل عام بهدف نشر التوعية البيئية بين أفراد المجتمع وإشراكهم في إيجاد الحلول المُناسبة للمشاكل البيئية، إضافة إلى العمل على حماية وصون الموارد الطبيعية بما يحفظ لبيئة الإمارات الطبيعية توازنها ويضمن حقوق أجيال المستقبل.
عام المجتمع
وتحمل احتفالية هذا العام أهمية خاصة لأكثر من سبب، أنها تتزامن مع إعلان عام 2025 "عام المجتمع"، الذي أطلقه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، تحت شعار "يدًا بيد"، بهدف بناء مجتمع متماسك ومزدهر.ومواكبة لعام المجتمع واستلهاما لمبادئه، أعلنت وزارة التغير المناخي والبيئة بالإمارات إطلاق "يوم البيئة الوطني" الثامن والعشرين تحت شعار "جذورنا أساس مستقبلنا" بهدف تسليط الضوء على أسمى قيم ومبادئ الحفاظ على البيئة وصون الطبيعة للمجتمع الإماراتي القديم، واتخاذها كأساس راسخ للبناء عليها ورفع وعي المجتمع تجاهها وتبنيها من أجل خلق مستقبل مستدام للأجيال القادمة.
ويمثل المجتمع المحرك الرئيسي لمنظومة التنمية في دولة الإمارات في كل المجالات، ويستطيع لعب دور كبير في تنمية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية من الهدر.
تلك الأهمية الخاصة لتلك المناسبة، أبرزها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، في تغريدة عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "إكس" قال فيها :"في "يوم البيئة الوطني" نستلهم إرثنا الثري والممتد في مجال الاستدامة ونواصل نهجنا الراسخ في حماية البيئة وصيانة مواردها ودعم تنوعها من أجل مستقبل مستدام للأجيال المقبلة".
وتابع:" ونؤكد أن الإمارات حريصة على الإسهام الفاعل في مسار العمل المناخي الدولي وتعزيز المسؤولية الجماعية تجاه التحديات البيئية."
بدوره قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عبر حسابه في موقع "إكس": "يوم البيئة الوطني مناسبة سنوية وطنية .. هدفها ترسيخ مبادئ الاستدامة والحفاظ على البيئة ورفع وعي الأجيال الجديدة.. وتعزيز السلوكيات العامة الصديقة للبيئة .. وابتكار ممارسات حكومية ومجتمعية تعزز إرثنا الوطني البيئي ".
وأضاف :"وندعو الجميع للقيام بدوره في الحفاظ على نمط حياة صديق للطبيعة .. وندعو الجميع للحفاظ على مكتسباتنا الوطنية في مجال الاستدامة".
وفي تصريح لها بتلك المناسبة، قالت الدكتورة آمنة بنت عبدالله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة بالإمارات: يلقي "يوم البيئة الوطني" هذا العام الضوء على ثقافة مجتمع دولة الإمارات المتأصلة في مجال حماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية وتنميتها، حيث تشكل البيئة في الإمارات ثروة طبيعية زاخرة بالتنوع في الإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية والسمكية، فضلاً عن ثرائها بالكائنات الحية وتنوعها البيولوجي الهائل، الذي يُشكل بدوره وجدان الثقافة الإماراتية ويحمل العديد من الرموز التراثية التي تميز مجتمع الإمارات.
وأضافت: ما كان يقوم به الأجداد قديماً من ممارسات صديقة للبيئة والطبيعة شكل وعي كبير وتراث حي نفخر به ونتوارثه جيل بعد جيل، ما جعل منه قوة تدفع جهودنا تجاه مستقبل مستدام لكل أبناء الإمارات ، ولابد أن يكون هذا الإرث هو الدافع لكل إماراتي من أجل تعزيز الاستدامة.
فعاليات ملهمة
وبتلك المناسبة، تقوم وزارة التغير المناخي والبيئة وكافة الجهات المعنية في الدولة، بإقامة فعاليات وأنشطة مجتمعية حتى 4 يونيو المقبل الموافق لـ"يوم البيئة العالمي"، من أجل إلقاء الضوء على أفضل العادات والسلوكيات المستدامة لمجتمع الإمارات، وتبنيها بمنظور معاصر لمواجهة كافة التحديات البيئية الراهنة.
وسيتم التركيز على العديد من المجالات خلال تلك الفعاليات، أهمها الزراعة المنزلية، والتنقل المستدام، والإدارة المستدامة للنفايات، والاستهلاك المسؤول للمنتجات والخدمات، وترشيد استهلاك الكهرباء والمياه والغذاء.
وتهدف تلك الفعاليات إلى ما يلي:
- إبراز الهوية الوطنية المحبة للبيئة والطبيعة والحفاظ على الموارد الطبيعية.
-تعزيز ثقافة الاستدامة.
- البناء على الإرث الوطني الصديق للبيئة للحفاظ عليها.
- زيادة التوعية بأهمية الحفاظ على البيئة.
محمد بن زايد سات
أيضا تحمل تلك المناسبة أهمية خاصة، كونها تأتي بعد نحو أسبوعين من إطلاق "محمد بن زايد سات"، القمر الاصطناعي الأكثر تطورًا في المنطقة، الذي سيعزز جهود الإمارات في مراقبة البيئة والإغاثة من الكوارث وإدارة البنية التحتية، الأمر الذي يساعد صناع القرار على اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة.
ويتميز القمر الاصطناعي "محمد بن زايد سات" بتكنولوجيا متطورة تتمثل في كاميرا عالية الدقة، هي إحدى أكثر الكاميرات تطوراً في المنطقة، ما يسمح له بالتقاط صور بدقة عالية لمساحات صغيرة تبلغ أقل من متر مربع، حيث إن تلك القدرات لا تلبي فقط الطلب المتزايد على صور الأقمار الاصطناعية عالية الدقة، بل تعزز أيضاً مكانة الإمارات كمركز لتطوير تكنولوجيا الفضاء المتقدمة.
وسوف يقدم القمر الاصطناعي "محمد بن زايد سات" خدمات متطورة للمستخدمين، بما في ذلك معالجة سريعة للبيانات على مدار الساعة، ومشاركتها بشكل فعال مع مختلف الجهات من كل أنحاء العالم، وذلك من خلال نظام متطور.
وتوفر هذه الخدمات مجموعة متنوعة من الاستخدامات، بما في ذلك إعداد الخرائط وتحليلها، ورصد التغيرات البيئية، والملاحة، والتخطيط العمراني، والمساعدة في جهود إدارة الكوارث، وغيرها.
الطاقة النظيفة
أيضا تحل المناسبة فيما ترسخ دولة الإمارات مكانتها العالمية كقوة دافعة للتحول نحو الطاقة النظيفة، عبر مشاريعها المتطورة التي تسهم في تعزيز أمن الطاقة، وتلهم العالم في الابتكار والاستدامة في رحلتها إلى مستقبل أكثر ازدهارا.
وقطعت الإمارات خطوات متسارعة في تطوير مشاريع الطاقة المتجددة والنظيفة، لتصبح نموذجاً يُحتذى به على المستوى العالمي في التحول نحو الطاقة المستدامة والمنصفة للجميع.
وشهدت الأسابيع الأولى من العام الجاري الإعلان عن إطلاق أكبر وأول مشروع من نوعه على مستوى العالم يجمع بين الطاقة الشمسية وبطاريات تخزين الطاقة، والذي سيوفر الطاقة المتجددة على مدار 24 ساعة ويسهم في توفير نحو "1 غيغاواط يومياً " من الحمل الأساسي من الطاقة المتجددة، ويضم محطة للطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 5 غيغاواط " تيار مستمر" وأنظمة بطاريات لتخزين الطاقة بقدرة 19 غيغاواط/ساعة.
أيضا تضطلع محطات براكة النووية، التي أنتجت حتى اليوم ما يقارب 88 ألف جيجاوات/ ساعة من الكهرباء الصديقة للبيئة، بدور حاسم في وضع الإمارات في مقدمة قيادة العمل المناخي؛ إذ أسهمت المحطات الأربع منذ تشغيلها حتى الآن في خفض انبعاثات كربونية تصل إلى أكثر من 43 ألف كيلوطن من الانبعاثات.
وحققت الإمارات إنجازا تاريخيا مع التشغيل التجاري للمحطة الرابعة ضمن محطات براكة للطاقة النووية 5 سبتمبر/أيلول الماضي، وبذلك تكون هذه هي المرة الأولى التي تعمل فيها المحطات الأربع بشكل كامل.
وتنتج محطات براكة الأربع، التي تعد أول مفاعل سلمي للطاقة النووية في العالم العربي، الآن 40 تيراواط في الساعة من الكهرباء سنوياً، وما يصل إلى 25% من احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء من دون انبعاثات كربونية، وهو ما يكفي احتياجات 16 مليون سيارة كهربائية، وبالتالي أصبحت المحطات أكبر مساهم في خفض البصمة الكربونية في الدولة والمنطقة، حيث تحد محطات براكة من 22.4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية كل عام وهو ما يعادل إزالة 4.6 مليون سيارة من الطرق سنوياً.
وتجسد مشاريع الطاقة المتجددة الطموحة التزام الدولة بتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050 من خلال تطوير محطات عملاقة.
وتتبنى دولة الإمارات مشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة كمنهجية لمكافحة التغيرات المناخية حيث توجهت في مراحل مبكرة نحو استخدام هذا النوع من الطاقة وعلى رأسها الطاقة الشمسية لتوفير معظم احتياجاتها في خطوة إستراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة.
تغير المناخ
وتواصل الإمارات جهودها الدولية في مكافحة تغير المناخ الذي يعد أكبر تحد يواجه البشرية.
ضمن أحدث تلك الجهود، شاركت الإمارات في مؤتمر الأطراف بأذربيجان COP29، الذي استضافته أذربيجان خلال الفترة من 11-22 من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وأطلقت الإمارات خلال القمة العديد من المبادرات الرائدة من بينها إطلاق مبادرة لتأسيس "التحالف العالمي لكفاءة الطاقة"، دعما لتحقيق أهداف المؤتمر، في مواجهة أبرز تحدٍ يواجه البشرية وهو تغير المناخ.
وتستهدف المبادرة تحسين معدلات كفاءة استهلاك الطاقة عالمياً ليصل إلى نسبة مضاعفة سنوياً بحلول عام 2030 وخفض الانبعاثات الكربونية وتقليل استهلاك الموارد الطبيعية من خلال التعاون بين الدول والمؤسسات والشركات تماشياً مع الالتزام العالمي الذي أرساه "اتفاق الإمارات" التاريخي في مؤتمر الأطراف COP28.