الإمارات والاتجار بالبشر.. حزم في التجريم وتأهيل للضحايا
رسالة الإمارات في هذا الملف تنسجم مع الأطر الأخلاقية والإنسانية التي ارتبطت بها، خصوصاً التسامح والمساواة في الحقوق وسيادة القانون.
اتّخذت دولة الإمارات كثيراً من الإجراءات والمبادرات لمواجهة جرائم الاتجار بالبشر، وتخطّت تلك التدابير الجانب التشريعي، لتصل إلى مرحلة الرعاية والاحتضان وضمان التخلص من الآثار السلبية الناجمة عن تلك الجرائم.
وتنسجم رسالة الإمارات في هذا الملف مع الأطر الأخلاقية والإنسانية التي ارتبطت بها، خصوصاً المتعلقة بالتسامح والمساواة في الحقوق وسيادة القانون؛ ما ساهم في رفعتها وزيادة جاذبيتها، إذ تحارب الدولة بحزم محاولات النيل من حقوق البشر على أرضها مهما اختلفت أديانهم وأعراقهم ولغاتهم.
من جهتها، دعت الأمم المتحدة، بمناسبة اليوم الدولي للاتجار بالبشر، الذي يصادف 30 يوليو/تموز سنوياً، إلى مشاركةٍ أكثر فاعلية للمجتمعات في التصدي للجرائم المدرجة تحت الاتجار بالبشر، مؤكدة أن امتلاك أغلب الدول في العالم تشريعات تحارب هذه الجرائم لم يكن كافياً لمنع وقوعها، وهو ما يبرز أهمية تكاملية المساهمات المجتمعية بمختلف مستوياتها في محاربة ما اعتبرته "تحدياً عالمياً".
وأدركت الإمارات أهمية الجوانب المحيطة بملف الاتجار؛ فاتخذت العديد من الإجراءات والمبادرات التي سعت لمعالجة الملف بطريقة متكاملة تبدأ بالجزم في تطبيق التشريعات سواء تلك المرتبطة بالاتفاقيات والتفاهمات الدولية أو القوانين المحلية، مروراً بإنشاء المراكز المجتمعية المعنية بمعالجة تأثير الجرائم واحتوائها، وتمهيداً لإعادة الضحايا إلى حياتهم الطبيعية ودمجهم في المجتمع، بما يحقق الاستقرار الأسري والمجتمعي.
وتعمل جهات عدة على تقديم الرعاية والتأهيل لضحايا الاتجار بالبشر في الإمارات، منها مراكز إيواء ضحايا الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي، حيث تقدّم لهم المأوى المؤقت والرعاية الضرورية قبل عودتهم إلى بلدانهم.
وتطرح مراكز الدعم الاجتماعي، تحت إشراف القيادة العامة لشرطة أبوظبي، رعايةً متكاملةً للضحايا، بالتنسيق والتعاون مع مختلف المؤسسات ذات الصلة.
وينطبق ذلك على الإدارة العامة لحقوق الإنسان تحت إشراف شرطة دبي، إذ توفّر الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني للنساء والأطفال، من ضحايا الاتجار بالبشر.
وتقدّم مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال "DFWAC"، منذ عام 2007، خدمات رعاية لضحايا العنف الأسري وسوء المعاملة من الصغار والاتجار، تشمل المأوى الآمن وإدارة القضايا والرعاية الطبية والدعم النفسي، فضلاً عن الإرشاد والمساعدة القنصلية والهجرة القانونية.
وفي السياق ذاته، يطرح مركز حماية المرأة في الشارقة، التابع لدائرة الخدمات الاجتماعية، خطاً مجانياً 800800700 لتقديم الاستشارات الاجتماعية والنفسية والقانونية، وإيجاد الحلول للمشكلات الأسرية المتعلقة بالمرأة، على أيدي مختصين قانونيين واجتماعيين ونفسيين بغية ضمان وحفظ حقوقها.
ويقدّم المركز خدمات الإيواء والتأهيل والمساندة النفسية والاجتماعية والقانونية للنساء ضحايا العنف؛ بهدف تمكينهن من العودة إلى حياتهن الطبيعية ودمجهنّ في المجتمع، بما يحقق الاستقرار الأسري والمجتمعي.
وبدأت دولة الإمارات عام 2006 حملة رسمية لمحاربة الاتجار بالبشر، بعد إصدارها القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006 المُعدّل بالقانون الاتحادي رقم 1 لسنة 2015، حول مكافحة الاتجار بالبشر، وذلك لمحاربة الظاهرة محلياً ودولياً.
ويتناول المشرّع الإماراتي قضية الاتجار في قوانين أخرى كالقانون الاتحادي رقم 15 لعام 1993، الذي يتعامل مع زرع الأعضاء ويهدف إلى منع الاتجار بالبشر، فضلاً عن القرار الوزاري رقم 44 لسنة 2011 بشأن اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم 18 لسنة 2009 حول تنظيم قيد المواليد والوفيات.
ومؤسساتياً، تُعنى اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر بالملف، وفق قرار مجلس الوزراء رقم 15 لعام 2007، حيث تتولى اللجنة حسب القرار تطوير الأطر اللازمة لتطبيق قانون مكافحة الاتجار بالبشر، والتنسيق بين الوزارات والدوائر الحكومية المعنية بالتصدي لهذه الجرائم في جميع أنحاء إمارات، وتضمّ اللجنة 18 ممثلاً من مختلف المؤسسات الاتحادية والمحلية.
وتقوم بتوفير الموارد اللازمة من أجل نشر الوعي بجوانب الاتجار بالبشر كافة، وتطوير برامج التدريب والتأهيل للجهات والهيئات والعناصر المعنية بالتعامل مع الضحايا، كما تمثّل اللجنة رسمياً دولة الإمارات في المحافل الدولية المتعلقة بقضايا الاتجار بالبشر.
وتساهم نشاطات اللجنة في تحفيز العمل على تطبيق القوانين السارية حالياً في جميع أرجاء دولة الإمارات، مع إصدار مزيد من التشريعات الصارمة بغرض ضمان التزام المعايير الدولية.
من جهتها، تتبنى وزارة الداخلية آليات لحماية حقوق الإنسان والتصدي لأشكال الاتجار بالبشر، تبدأ بالتوعية وتعزيز ثقافة المكافحة، والتعاون مع الإنتربول الدولي من خلال تبادل المعلومات حول جرائم الاتجار بالبشر، إضافةً إلى رصد ومراقبة المتورطين أو المشتبه في تورطهم في بمثل هذه الجرائم.
وتشمل الآليات فرض مزيد من الضوابط الصارمة عند منافذ الدخول إلى الإمارات، واستخدام أنظمة مُوَّحدة للعدالة الجنائية والإنتربول، للتحقّق من هوية الأفراد عند المنافذ.
وتتأثر كل بلدان العالم بظاهرة الاتجار بالبشر سواء أكانت من بلدان المنشأ أو نقاط العبور أو جهات المقصد، وتسعى الأمم المتحدة إلى تثقيف عامة الناس حول القضية وتعبئة الموارد والإرادة السياسية؛ لمعالجة المشكلة، والاحتفال بالإنجازات وتعزيزها.
aXA6IDE4LjIyNy40OC4xMzEg جزيرة ام اند امز