الإمارات وفرنسا.. شراكة استراتيجية تضيء عقودا من العلاقات
عقود من العلاقات الرابطة بين دولة الإمارات وفرنسا أثمرت شراكة استراتيجية تعتبر نموذجاً يحتذى به في كافة المجالات.
روابط متينة تجسدها الزيارات المتبادلة لمسؤولي البلدين، أحدثها الزيارة المرتقبة، غدا الأربعاء، للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، إلى فرنسا.
ووفق وكالة الأنباء الإماراتية (وام)، فمن المقرر أن يبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال زيارته، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "علاقات الصداقة والتعاون الاستراتيجي بين البلدين، وعددا من القضايا والمستجدات في المنطقة".
زيارة مرتقبة تسلط الضوء مجددا على علاقات إماراتية تأسست منذ عقود، على مودة ومبادئ القانون الدولي، بتكريس احترام كافة الأعراف والاتفاقات الدولية الثنائية والجماعية التي تجمعها مع الدول الأخرى، ما جعل علاقاتها متوازنة وراسخة عبر الزمن.
سياسة خارجية رصينة وعلاقات عززت مكانة الإمارات كدولة تحظى بالتقدير والاحترام إقليميا ودوليا، ومع إنجازاتها الكبيرة التي حققتها بفضل قيادتها الرشيدة على مدى عقود مضت، باتت بمصاف الدول الرائدة بفائض يسجله رصيد علاقاتها بمختلف المجالات.
تنسيق ورؤى متطابقة
تعتبر العلاقات السياسية الإماراتية- الفرنسية على مستوى عال من التنسيق والتعاون المتجسد في الاتصالات الدائمة بين قيادة البلدين، والزيارات المتبادلة بين المسؤولين فيهما.
وكانت أول زيارة للرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون إلى الشرق الأوسط بعد انتخابه إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، في نهج لا يعتبر غريبا على رؤساء فرنسا، وخصوصا الراحل جاك شيراك الذي منح وصوله للحكم بالبلد الأوروبي دفعة قوية للعلاقات الثنائية.
وكان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، يعتبر شيراك صديقاً وحليفاً موثوقاً، فيما يقوم التنسيق من خلال سعيهما المشترك لإيجاد حلول بديلة وسلمية للأزمات والنزاعات في المنطقة.
ويعد الرئيس الفرنسي الراحل شيراك من أكثر الرؤساء شعبية في تاريخ فرنسا، ولاقت تسمية شارع باسمه في دولة الإمارات، وهو المؤدي إلى متحف اللوفر، أثرا طيبا لدى الرأي العام الفرنسي.
وحتى اليوم، تشمل مجالات التنسيق بين البلدين العديد من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية، ومجال مكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن والسلم في المنطقة، حيث تعد باريس الشريك الاستراتيجي الأول لدولة الإمارات في أوروبا.
وبالسنوات الأخيرة، تشهد العلاقات تطورا ملحوظا على الصعيد السياسي، تجسد في الحوار القائم بين الجانبين بشكل دائم، واللقاءات الوزارية والحكومية المتواترة، كما تعددت زيارات الوفود البرلمانية، والاتصالات على أعلى المستويات بين البلدين بشكل سريع وتلقائي وطبيعي مما يجسد الاهتمام الذي توليه فرنسا كما الإمارات لتطوير العلاقات الثنائية.
وأكثر ما منح العلاقات الزخم اللازم لدفعها، تطابق وجهات النظر حول المسائل الإقليمية، حيث تدعم فرنسا الانفتاح على العالم والتسامح بين الشعوب اقتناعا بأن التنوع بين شعوب وحضارات وثقافات العالم يشكل مصدر إثراء، وهذا ما ينطبق على رؤية دولة الإمارات القائمة على السعي بجدية لأجل التقارب بين البلدان والشعوب والثقافات، والحرص على تجنب الصراعات والمواجهات، ونبذ الإرهاب.
السلام.. رؤية راسخة
السلام والأمن؛ محوران يشكلان الخطوط العريضة للقضايا والملفات الكبرى في الشرق الأوسط، وتوليهما الإمارات أهمية فائقة، وهو ما تتقاسمه مع باريس، حيث يحرص البلدان على احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، والالتزام بعدم التدخل في شؤونها.
ويؤكد البلدان باستمرار تعزيز السعي المشترك في خدمة السلام والأمن الدوليين، وذلك ليس فقط من خلال الحوار بل أيضا بالعمل الملموس المشترك، ضمن احترام المعاهدات الدولية ومبادئ القانون الدولي، سعيا نحو التوصل إلى الهدف المشترك المتمثل بالمساهمة في السلام والأمن وبتفادي كافة أشكال سوء الفهم والمواجهات والصراعات بين الشرق والغرب.
وفي تصريح لافت، وصف وزير الخارجية الفرنسي الأسبق لوريان فابيوس العلاقات بين فرنسا والإمارات بأنها "جسر النجاح الاستراتيجي لفرنسا في منطقة الخليج".
خارطة طريق
حوار استراتيجي أطلقه البلدان لضمان المتابعة العملية للمشاريع الرئيسة التي ترتكز عليها العلاقة الثنائية بين البلدين، وفي إطاره، اعتمدا في 3 يونيو/ حزيران 2020 خارطة طريق جديدة لشراكتهما الاستراتيجية في السنوات العشر المقبلة أي لفترة 2020-2030.
وأنشئ الحوار الاستراتيجي بين الإمارات وفرنسا قبل سنوات، وهو حوار سنوي يهدف لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين لتصل إلى المستوى الاستراتيجي.
ويهدف الحوار إلى تحديد الفرص والشراكات القائمة والمستقبلية وتضمين استمرارية التعاون في مشاريع ومبادرات قائمة مثل الاقتصاد والتجارة والاستثمار والثقافة والنفط والغاز والطاقة النووية والطاقة المتجددة والتعليم والثقافية، والصحة والفضاء والأمن إضافة إلى قطاعات أخرى ذات الأولوية المشتركة.
وتحتضن دولة الإمارات أكبر جالية فرنسية مغتربة في بلدان الخليج العربي، وتضمّ أكثر من 25 ألف فرنسي مسجّلين في سجل الفرنسيين المقيمين في الخارج، فيما تخذ قنصلية فرنسا العامة من دبي مقرًا لها.
وستحظى فرنسا بجناح خاص بها بعنوان "الضوء والأنوار" في المعرض العالمي إكسبو دبي 2020، الذي أُرجئَ عاما بسبب فيروس كورونا، في حدث سيفتح أبوابه في أكتوبر/ تشرين أول المقبل، وسيمثّل الجناح، في المساحة المخصصة للتنقّل، واجهة الرؤية والمهارة الفرنسيتين على الصعيد الدولي، وفق الخارجية الفرنسية.
aXA6IDE4LjIyMS41OS4xMjEg
جزيرة ام اند امز