الإمارات هي موطن التلاقي والتجاور الإنساني ومهد التواصل الفكري والانفتاح، وسفارة تعكس أخلاقيات التعامل الإسلامي وقيم العرب الأصيلة.
الإمارات التي ننتمي إليها هي موطن التلاقي والتجاور الإنساني منذ فجر التاريخ، وهي مهد التواصل الفكري والانفتاح على الآخر واحترامه وتقديره والسفر إليه في تجارة، وسفارة تعكس أخلاقيات التعامل الإسلامي وقيم العرب الأصيلة.
والإمارات التي ننتمي إليها لم تكن بالصدفة ملتقى عالمياً للجنسيات والثقافات وأكثر من 200 هوية اجتمعت على أرضها بوئام وحب وتكاتف قلّ نظيره في أي مكان من العالم، بل لم تكن بالصدفة ميناءً تجارياً وسيطاً ومطاراً عالمياً على مسارات التجارة والسفر والترحال، وإنما كانت كذلك بإرادةٍ وتصميم عظيمين لدى قيادتها التاريخية المتمثلة في المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه الآباء المؤسسين أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات في مرحلة التأسيس، ثم في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، أطال الله بعمره، وإخوانه أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات الحاليين، حفظهم الله، في مرحلة التمكين، وأخويه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رعاه الله.
سعت الإمارات منذ تأسيسها وإعلان اتحادها في العام 1971 إلى أن تقدّم للعالم نموذجاً ريادياً في الاتحاد الطوعي الاختياري والتكامل بين إمارات سبع كان الطموح بأن تكون تسعاً وعشراً وأكثر، وكان هذا الاتحاد نجماً ساطعاً في ظلمة الانغلاق وعتمة التحجر، ففي حين كان طموح بعض المجتمعات إلغاء المكونات الأخرى والسيطرة عليها بل ونبذها وإقصائها من عملية بناء الوطن والمجتمع، كان للإمارات دور الريادة في الطموح لأن تكون منصة عالمية للثقافات، وملتقى كونياً لجميع أبناء الأرض أياً كانت طوائفهم ومذاهبهم ودياناتهم، وكان لقادتها التوجيه الرشيد بأن يكون لجاليات مقيمة دور عبادتها كما سوق تعاملاتها وتجارتها ومعيشتها، ترجمةً لإرث الوالد زايد المتمثل في قيم التسامح والانفتاح والحوار مع الآخر.
وكانت الإمارات سباقة إلى احتضان أتباع الديانات السماوية الأخرى، والدليل الناصع على ذلك آثار جزيرة صير بني ياس، حيث يقع الدير المسيحي الأثري الوحيد المكتشف حتى الآن في دولة الإمارات والذي يعود إلى القرن السابع الميلادي، بل وشهدت العاصمة أبوظبي بناء أقدم الكنائس في المنطقة عام 1965، حيث شيدت كنيسة سانت جوزيف الكاثوليكية، وأصبحت مقصداً لأوائل المسيحيين في الدولة، والتي يمارس المنتمون إليها عباداتهم وشعائرهم في مناخ يتميّز بحرية الفكر والعقيدة والدين.
ولقد فرحنا منتصف الشهر الماضي، أيّ فرح، بزيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، إلى الفاتيكان ولقائه البابا فرانسيس الأول بابا الكنيسة الكاثوليكية بابا الفاتيكان بمقر البابوية، ولقد شمخنا عالياً برؤوسنا دوماً اعتزازاً بدولتنا الحبيبة الإمارات وبقيادتنا الرشيدة عند رؤيتنا شيوخنا الكرام وهم يتسابقون إلى اللقاء بالآخر والانفتاح عليه، مؤكدين أهمية التنوير ضد التطرف والإنسانية ضد العدوانية، واللقاء والانفتاح ضد الانقطاع والانغلاق.
نعم، تعلمنا من المغفور له الشيخ زايد، ومن الوالد خليفة، ومن المحمدين الكريمين، صاحبي السمو الشيخ محمد بن راشد، والشيخ محمد بن زايد، أنّ الإمارات وطن السلام والتسامح، وأن شعب الإمارات لا يرضى ولن يرضى بغير العالم امتداداً طبيعياً له في الريادة والطموح وتحقيق المستحيل، وهل يهم المستحيل إذا تحقق ولم تتحقق له رؤية حكيمة تنظر إلى الإنسان كإنسان، بلا تفريق ولا عنصرية؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة