الإمارات في «طانطان».. مركز إشعاع ثقافي وحضاري
مشاركة إماراتية بارزة في "موسم طانطان" الثقافي بالمملكة المغربية، تفتح من خلالها "دار زايد" نافذة على تراثها الثقافي ورسالتها الحضارية.
تأتي تلك المشاركة بعد نحو شهرين من مشاركة “هيئة الشارقة للكتاب” في فعاليات الدورة الـ29 من "معرض الرباط الدولي للكتاب"، في مايو/أيار الماضي.
مشاركات متتالية تتوج العلاقات الأخوية التاريخية المتنامية بين البلدين على مختلف الأصعدة، ولاسيما على الصعيد الثقافي.
وتشارك هيئة أبوظبي للتراث بالتعاون مع عدد من المؤسسات المعنية بصون التراث، في فعاليات "موسم طانطان الثقافي"، الذي يقام في جنوب المملكة المغربية، برعاية الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية الشقيقة، خلال الفترة من 26 إلى 30 يونيو/حزيران الجاري، تحت شعار "20 عاماً من الصون والتنمية البشرية".
وتسعى هيئة أبوظبي للتراث عبر مشاركتها في الدورة الحالية إلى تسليط الضوء على عناصر التراث الإماراتي المعنوي، وتقديم تجربة فريدة لزوار جناح دولة الإمارات من خلال لوحات حية تحاكي التراث كما في الماضي، إلى جانب العديد من الفعاليات والمسابقات التراثية المتنوعة.
ويعقد الموسم بتنظيم مؤسسة "الموكار" المغربية، بهدف إحياء التقاليد الصحراوية وعادات الرُّحل وقبائل الصحراء في المغرب، ويتميز الموسم بتعدد أشكاله الثقافية، والمهارات المرتبطة بالممارسات الحرفية التقليدية بالإضافة للمجالات الثقافية.
ثراء ثقافي
وتستعرض هيئة أبوظبي للتراث من خلال جناح دولة الإمارات العربية المتحدة بموسم طانطان، مجموعة واسعة من عناصر التراث الإماراتي المعنوي، إلى جانب تنظيم المسابقات التراثية، مثل "سباق الهجن"، و"مزاينة الإبل"، و"مسابقة المحالب"، بالتعاون مع اتحاد الإمارات لسباقات الهجن.
ويزخر الجناح بالعديد من الفعاليات والأنشطة التي تساهم في إطلاع الجمهور على الموروث الإماراتي الحي، كعروض فرق الفنون الشعبية، والعروض الحية للحرف اليدوية التقليدية، وفنون الطهي الإماراتي، ومعارض الصور، والألعاب الشعبية، والأمسيات الشعرية، إلى جانب إحياء حفلات غنائية بمشاركة عدد من الفنانين الإماراتيين.
مشاركة تتميز بالتنوع عبر تمثيل كافة مظاهر التراث الإماراتي العريق من جميع جوانبه وتقديم عروض تراثية وثقافية تعكس التقاليد والعادات الإماراتية في المهرجان الثقافي الفريد والعريق الذي حقق نجاحا بارزا على مدار دورات انعقاده، وتم تسجيله في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو".
وقال عبدالله مبارك المهيري، مدير عام هيئة أبوظبي للتراث بالإنابة، إن المشاركة في موسم طانطان الثقافي التي بدأت منذ عام 2014، تهدف إلى تسليط الضوء على التراث الإماراتي الغني والمتنوع، وعلى جهود إمارة أبوظبي في استدامة التراث المعنوي.
وأشار إلى أن أهمية المشاركة تتمثل في التعريف بالتراث والسنع الإماراتي، والترويج له في المحافل الدولية بجميع مكوناته الغنية، وتعزيز انسجام القيم والعادات والتقاليد والتراث الثقافي المشترك الذي يجمع البلدين الشقيقين، ما يعكس عمق العلاقات الأخوية الإماراتية المغربية، وما تشهده من نمو وتطور في المجالات كافة، ومنها المجال الثقافي.
رسائل مهمة
مشاركة تحمل رسائل ودلالات مهمة عديدة من أبرزها:
- تسليط الضوء على غنى التراث الثقافي للإمارات وجهودها البارزة في مجال حفظ التراث المعنوي، وإدراج عدد من عناصر التراث الإنساني على قوائم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" للتراث الإنساني غير المادي.
- إيصال رسالة دولة الإمارات الحضارية والإنسانية لاسيما أن الإمارات أصبحت منارة للإشعاع الثقافي والحضاري، ورمزا للتقارب بين شعوب العالم، إذ تتعايش على أرضها أكثر من 200 جنسية تجمعها قيم الخير والتسامح.
- التأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين دولة الإمارات والمملكة المغربية وشعبي البلدين الشقيقين.
- الاهتمام الكبير والواسع لدولة الإمارات بموسم طانطان الثقافي يعكس حرص قيادة الدولة على تعزيز العلاقات الأخوية المتينة بين البلدين الشقيقين وشعبيهما.
- إبراز القواسم التراثية المشتركة بين الموروث الثقافي الإماراتي والصحراوي المغربي؛ بما يسهم في تعزيز العادات والتقاليد والطموحات المشتركة.
توجيهات وتوجهات
أيضا تحمل المشاركة الإماراتية في المهرجان هذا العام أهمية خاصة كونها تأتي ترجمة لتوجهات الدولة عام 2024 التي أعلنها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في كلمته بمناسبة عيد الاتحاد، 2 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
أول التوجهات، الذي أعلنه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، يتعلق بترسيخ سمات الشخصية الإماراتية، والاعتزاز بالهوية الوطنية.
ودعا ضمن هذا التوجه إلى تحقيق عدد من الأهداف وهي:
1- ترسيخ سمات الشخصية الإماراتية والتعريف بها محلياً وعالمياً
وقال في هذا الصدد: "الشخصية الإماراتية ركيزة أساسية تمثل مجتمعنا. الإماراتيون لا يمثلون أنفسهم فحسب، بل يمثلون وطنهم وصورته وسمعته والانطباع الذي يُؤخذ عنه".
وأردف: "ندعو جميع الإماراتيين والجهات المعنية إلى العمل معاً خلال العام المقبل على ترسيخ سمات الشخصية الإماراتية والتعريف بها محلياً وعالمياً".
2- الاعتزاز بالهوية الوطنية والاهتمام بـ"السنع"
وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في هذا الصدد: "نريد أن يرى العالم اعتزازنا بهويتنا الوطنية الأصيلة مثلما يرى انفتاحنا على مختلف الثقافات في العالم".
وأردف: "نريد أن تكون القيم العائلية الراسخة في مجتمعنا عنواناً مستمراً لنا نحن الإماراتيين، تقاربنا، تكاتفنا، علاقاتنا الاجتماعية، برنا بالوالدين، احترامنا للآخرين، و"السنع" الذي توارثناه جيلاً بعد جيل".
والسنع الإماراتي هو بمثابة إيتيكيت أو "فن التعامل مع الآخرين"، ويشتمل على القواعد والسلوكيات الواجب اتباعها خلال الوجود في المجالس، وتبادل الزيارات، وآداب السلام.
ويحفظ السنع الإماراتي مجموعة من العادات والموروثات التي واظب عليها الأجداد، فهو بمثابة دستور ينظم المناسبات الاجتماعية المختلفة.
مسيرة حافلة
ويتميز موسم طانطان بقدرته على تقديم أشكال متنوعة من ثقافات البدو، بصفته من أهم الفعاليات الثقافية والفنية بالمملكة المغربية وشمال أفريقيا، إذ يشهد الموسم برنامجًا ثقافيًّا غنيًّا ومتميزًا يجمع بين الماضي والحاضر ويسلط الضوء على التراث الصحراوي، ما يتيح الفرصة للقاء بين الثقافات العربية، والتعبير عن المظاهر التراثية والقواسم الحضارية المشتركة التي تتجسد في الثقافة الشعبية الصحراوية.
وكانت المشاركة الأولى لدولة الإمارات في موسم طانطان عام 2014 كضيف شرف في فعاليات الدورة العاشرة للموسم الذي أقيم تحت شعار "التراث الثقافي غير المادي ودوره في تنمية وتقارب الشعوب".
وشاركت عام 2015 في فعاليات الدورة الحادية عشرة من "موسم طانطان" تحت شعار "تراث إنساني ضامن للتماسك الاجتماعي وعامل تنموي" لتقارب التراث الصحراوي الإماراتي والمغربي، لاسيما في مجال تربية الإبل وما يرتبط بها من مسابقات، فيما شاركت عام 2016، في الدورة التي عقدت تحت شعار "موسم طانطان ملتقى مغرب التنوع"، لتعزيز التعاون الثقافي مع دول العالم.
وسجلت الإمارات مشاركتها الرابعة في موسم طانطان الثقافي عام 2017، بدورته الثالثة عشرة تحت شعار "موسم طانطان موروث ثقافي مغربي ببعد إفريقي"، أما في عام 2018 فشاركت بالدورة الرابعة عشرة التي انطلقت تحت شعار "موسم طانطان عامل إشعاع الثقافة الحسانية" لتسليط الضوء على الأدب الشعبي النبطي.
كما جاءت مشاركتها في فعاليات الدورة عام 2019، التي عقدت تحت شعار "موسم طانطان.. حاضن لثقافة الرحل العالمية"، تزامناً مع عام التسامح.
وبعد توقف مؤقت بسبب جائحة "كوفيد 19"، عاد موسم طانطان الثقافي مجددا العام الماضي.
وتميز جناح دولة الإمارات عام 2023 في موسم طانطان الذي أقيم تحت شعار "ترسيخ للهوية ورافعة للتنمية المستدامة"، بالتركيز على التراث الأصيل وإبراز الهوية الحضارية لدولة الإمارات.
مشاركات ثقافية متتالية تعزز العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين.
وتتميز العلاقات الإماراتية المغربية باستنادها إلى ميراث من الاحترام والتقدير وضع أسسه كل من المغفور لهما، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والملك الراحل الحسن الثاني.
ويسير على نفس النهج في تطوير العلاقات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وعاهل المغرب الملك محمد السادس، اللذان يعملان على الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية إلى مراحل متقدمة تعزز من مصالح الشعبين وتعزز التضامن العربي والإسلامي والإنساني.
مسيرة تعاون متواصلة بين الإمارات والمغرب توجت بتوقيع عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
وبحسب إحصاء لـ"العين الإخبارية" وقع البلدان منذ تولي الملك محمد السادس مقاليد الحكم عام 1999 أكثر من 110 اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات عدة، من بينها مجالات ثقافية.
وقبل شهرين شاركت “هيئة الشارقة للكتاب” المشارك في فعاليات الدورة الـ29 من “معرض الرباط الدولي للكتاب” ، وشهدت إقبالا لافتا عكس المشهد الثقافي الغني لدولة الإمارات العربية المتحدة.
aXA6IDMuMTQ2LjE3OC44MSA= جزيرة ام اند امز