قمة الشراكة الاقتصادية الإماراتية الهندية.. خارطة طريق للعصر الذهبي
عبر 3 جلسات رئيسية ، رسمت قمة الشراكة الاقتصادية الإماراتية الهندية، مستقبل وملامح حقبة جديدة عنوانها العصر الذهبي بين البلدين.
استضافت مدينة مومباي الهندية قمة الشراكة الاقتصادية بين الإمارات والهند وذلك عقب دخول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين حيز التنفيذ في الأول من مايو/أيار الجاري، وبمشاركة أكثر من 200 شخصية من القطاعين الحكومي والخاص والمستثمرين وممثلي الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال في البلدين.
تأتي القمة الاقتصادية تتويجا لاتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التي تشكل بداية حقبة جديدة لمزيد من التقدم والازدهار لشعبي البلدين وخارطة طريق لشراكة موجهة نحو المستقبل بين البلدين بما يجسد عمق علاقات الصداقة والشراكة الممتدة لأكثر من نصف قرن بين الإمارات والهند.
حضر القمة عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد الذي ترأس وفد دولة الإمارات التجاري إلى الهند، والدكتور أحمد بن عبد الله حميد بالهول الفلاسي وزير دولة لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والدكتور أحمد عبد الرحمن البنا سفير دولة الإمارات لدى جمهورية الهند، وعبد الله محمد المزروعي رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، وجمعة الكيت الوكيل المساعد لشؤون التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد، وفيصل الحمادي الوكيل المساعد لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة بالإنابة وعدد من رجال الأعمال الإماراتيين.
وشارك من الجانب الهندي بيوش غويال وزير التجارة والصناعة بجمهورية الهند، وسنجاي سودهير سفير جمهورية الهند لدى الإمارات، وراجان نافاني رئيس اتحاد الصناعة الهندي، وعدد كبير من رجال الأعمال والمستثمرين الهنود في مختلف القطاعات الاقتصادية.
3 جلسات رئيسية
وشهدت القمة عقد 3 جلسات رئيسية حيث جاءت الجلسة الافتتاحية بعنوان " الهند - الإمارات CEPA: إطلاق العنان للعصر الذهبي".
وخلال الجلسة الافتتاحية للقمة، أطلق عبدالله بن طوق وبيوش غويال "جسر الشركات الناشئة بين الإمارات والهند" الذي يوفر منصة مشتركة للشركات الصغيرة والمتوسطة تضم جميع المزايا والمعلومات للشركات في البلدين منها تبادل المعرفة وتنفيذ البرامج المشتركة وبناء القدرات وذلك بهدف توفير فرص استثمارية للشركات الناشئة في كلا البلدين تمكنها من مواصلة النمو. "https://www.moec.gov.ae/cepa_india"
وعقد وفد دولة الإمارات برئاسة وزير الاقتصاد اجتماعات مع المستثمرين ورواد الأعمال وممثلي الشركات الناشئة في جمهورية الهند في كل من نيودلهي ومومباي وجرى استعراض الفرص الاستثمارية في البلدين إضافة إلى لقاء مسؤولي عدد من الاستثمارات الإماراتية في الهند بمختلف القطاعات والمجالات.
وقال عبدالله بن طوق المري إنه بتوجيهات القيادة الرشيدة ودعم ورعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وناريندرا مودي رئيس وزراء جمهورية الهند، أطلقت الإمارات والهند بداية لعهد جديد حقبة ذهبية - في العلاقات بين بلدينا.. وفي هذا الإطار ترأست خلال شهر مايو/أيار، وفداً اقتصاديا وتجاريا إلى الهند لتحقيق أفضل استفادة ممكنة من الفرص والإمكانيات المطروحة، ودفع العلاقات الاقتصادية المشتركة نحو مستويات جديدة وغير مسبوقة.
وأضاف: "نحتفل هذا العام بمرور 50 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات والهند و لطالما شكلت التجارة أساسا قويا للعلاقات الثنائية بين البلدين إذ تعد الهند ثاني أكبر شريك تجاري للإمارات التي تعد ثالث أكبر شريك تجاري للهند وفي عام 2021 سجل التبادل التجاري غير النفطي ما قيمته 45 مليار دولار فيما تعد الهند الشريك التجاري الأول لدولة الإمارات من حيث الصادرات غير النفطية، حيث تمثل 14٪ من إجمالي الصادرات على مستوى العالم.
وأشار إلى أن دولة الإمارات ثاني أكبر وجهة تصدير للهند وثالث أهم مصدر لواردات الهند.. كما تستحوذ الإمارات على 40٪ من إجمالي تجارة الهند مع العالم العربي بأكمله إضافة إلى ذلك احتلت الهند المرتبة التاسعة بين أكبر مستقبل للاستثمار الأجنبي المباشر من الإمارات بقيمة تدفقات بلغت 51 مليار دولار في عام 2019.
وقال إن الشراكة الاقتصادية والتجارية التي تجمع البلدين تقوم على قيم التعاون واحترام المصالح المشتركة وتحقيق المنفعة المتبادلة والتعامل بروح التعاون والصداقة.. ومن خلال اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة وضعت حكومتا البلدين الأساس أمام الشركات والمستثمرين لتحقيق الاستفادة المثلى من هذه الشراكة الثنائية المتميزة.
وأشار إلى أن الاتفاقية تعكس رغبة دولة الإمارات في توسيع نطاق التعاون الاستراتيجي مع شركائها الاستراتيجيين والأسواق الواعدة لتسيير تدفق السلع والخدمات وإعادة بناء سلاسل التوريد وتعزيز مكانة الدولة مركزا تجاريا عالميا وخلق المزيد من فرص جديدة للاستثمار ونماذج جديدة للأعمال.
وتوقع أن تحقق الاتفاقية إلى نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 1.7٪ في العقد القادم و زيادة صادراتنا بنسبة 1.5٪ وتوفير أكثر من 140 ألف فرصة عمل جديدة.
الإمارات 2021
واستعرض أهم المؤشرات الاقتصادية التي حققتها دولة الإمارات خلال 2021. وقال: "في الوقت الذي توقعت فيه المنظمات الدولية أن ينمو اقتصاد دولة الإمارات بنسبة 2.1٪ في عام 2021 ، فقد سجلت الدولة نموا قدره 3.8٪.. في حين تبلغ تقديرات صندوق النقد الدولي حاليا، أن يحقق اقتصادنا الوطني نموا في حدود 4.2٪ في عام 2022 - ارتفاعًا من توقعاته السابقة عند 3.5٪ ".. وذلك نتيجة لعدة عوامل من بينها قدرة الدولة على إدارة تداعيات أزمة الجائحة العالمية بكفاءة عالية، وتخفيف الأثر على مختلف القطاعات الاقتصادية، إضافة إلى الانتعاش الحالي في أسعار النفط.
وقال إنه في الوقت الذي تسعى فيه اقتصادات العالم إلى التعافي، نجحت دولة الإمارات في استقطاب استثمارات أجنبية مباشرة تُقدر بما يصل إلى 21 مليار دولار خلال العام 2021 وبنسبة زيادة قدرها 3.9% وتصدرت الدولة المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمرتبة الـ15 عالميا في مؤشر AT Kearney للثقة بالاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2021.
واستعرض عددا من أبرز المبادرات التي تبنتها دولة الإمارات، من خلال تطوير وإدخال تعديلات على أكثر من 40 قانونا لتحسين بيئة الأعمال والقدرة التنافسية لدولة الإمارات، وربما يكون من أبرزها تعديلات قانون الشركات التجارية وإتاحة التملك للمستثمرين الأجانب بنسبة 100% في جميع القطاعات الاقتصادية الرئيسية.
اتفاقية الشراكة الاقتصادية
وأكد أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة تقدم مزيدا من الانفتاح والحرية مقابل تقويض كافة المعوقات أمام حركة البضائع عبر الحدود، وهو ما يعني المزيد من النمو والأعمال.. لكن الأمر لا يتعلق فقط بالواردات والصادرات، وإنما يرتبط بتوفير ممكنات النمو وتوفير حياة أكثر ازدهارا لشعبي البلدين.
وقال إن جميع المبادرات المطروحة دعوة مفتوحة للمستثمرين والشركات الهندية ليكونوا جزءًا من خطط النمو الجديدة في دولة الإمارات. وأضاف أن الاقتصاد الوطني غير النفطي يمثل اليوم أكثر من 70% من ناتجنا المحلي الإجمالي.. ونمتلك شبكة بنية تحتية وخدمات لوجستية تمتد إلى أكثر من 400 مدينة حول العالم.
وأكد أن التجارة الخارجية ستلعب دورًا أساسيًا في الجهود المبذولة لمضاعفة حجم اقتصادنا بحلول عام 2030 من 381 مليار دولار إلى 762 مليار دولار.
وتطرقت الجلسة إلى العلاقات التاريخية بين الإمارات والهند التي تصل إلى 50 عاما وتطلعات البلدين المشتركة للنمو وشراكات في التجارة والاستثمار بهدف تعزيز ديناميكية التجارة والاستثمار والابتكار في مختلف القطاعات بما في ذلك الاقتصاد والطاقة والعمل المناخي والتقنيات الناشئة والمهارات والتعليم والأمن الغذائي والرعاية الصحية والدفاع والأمن.
وناقشت الجلسة التحديات العالمية المشتركة وتحقيق الأهداف المشتركة وبناء علاقة قوية ومرنة تكون جاهزة للمستقبل.
ونوه وزير التجارة والصناعة الهندي إلى أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين من شأنها إطلاق العنان للعصر الذهبي لعلاقاتنا الاقتصادية.
وأضاف: "أن طموحات البلدين متشابهة فلدينا رؤي مشتركة ورغبة متبادلة للارتقاء بهذه الشراكة نحو آفاق أكثر تقدما".. وقال إن حكومة بلاده تولي أهمية كبيرة لاتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع دولة الإمارات والتي ستعود بمكاسب ضخمة على اقتصاد البلدين.
وأكد أهمية المبادرة التي تم إطلاقها خلال أعمال القمة "جسر الشركات الناشئة بين الهند والإمارات، نظرا للأهمية المتزايدة التي يكتسبها قطاع الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة كركيزة رئيسية لضمان التنمية الاقتصادية.
كما شهدت القمة جلسة حول "تطوير أجندة التكنولوجيا لتعزيز الشراكات وتعزيز ريادة الأعمال والشركات الناشئة" أكد المشاركون خلالها أهمية موقع دولة الإمارات الاستراتيجي مركزا عالميا لاستقطاب الكفاءات والمهارات والشركات العالمية كونها توفر فرصًا تجارية هائلة للأشخاص في جميع أنحاء العالم مما يجعلها مركزًا للشركات الهندية الناشئة.
وتطرق المشاركون إلى ريادة دولة الإمارات ودورها الفاعل في إتاحة الفرص أمام الشركات الهندية الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا المالية والتي ساهم تواجدها في دولة الإمارات في نفاذها إلى العديد من الأسواق الإقليمية والدولية الواعدة.
الابتكار التكنولوجي
وتناولت الجلسة الخطوات المتقدمة التي حققها البلدان في دعم وتنمية الابتكار التكنولوجي حيث تعد الهند ثالث أكبر نظام بيئي في العالم بينما تهدف الإمارات إلى أن تكون المركز العالمي للتكنولوجيا في المستقبل.
من جانبه قال أحمد بالهول الفلاسي إن العلاقات الإماراتية الهندية متميزة و تضرب بجذورها في عمق التاريخ.. واليوم نحن نؤسس لشراكة استراتيجية أكثر تميزا وشاملة وتغطي مختلف الصناعات و القطاعات.
وأضاف أن العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية تشهد نموا متواصلا، وأن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بمثابة، اعتراف لائق بالعلاقات الثنائية القوية التي تربط البلدين والممتدة على مدار 50 عامًا.. وخلال المرحلة المقبلة، سنعمل على تعزيز ديناميكية التجارة والاستثمار والتعاون في قطاعات الاقتصاد الجديد في قطاعات متنوعة مثل الاقتصاد الرقمي والطاقة والعمل المناخي والتقنيات الناشئة والمهارات والتعليم والأمن الغذائي والشركات الصغيرة والمتوسطة والرعاية الصحية.
الشركات الصغيرة والمتوسطة
وأضاف أن من بين هذه القطاعات تمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة - القطاع الذي يعمل بمثابة العمود الفقري لأي اقتصاد سليم - وله أهمية استثنائية بالنسبة لدولة الإمارات - كونه يلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز النمو الاقتصادي للدولة، ويمثل عاملاً محفزًا في جهودنا لبناء اقتصاد تنافسي ومرن ومستدام على مدار الخمسين عامًا القادمة".
واستعرض بعض المؤشرات الرئيسية للقطاع وأوضح في هذا الصدد أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تُمثل أكثر من 94٪ من إجمالي الشركات ومؤسسات القطاع الخاص المسجلة في دولة الإمارات، وتساهم في أكثر من 50٪ من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات.
وقال: "تمثل دولة الإمارات واحدة من الدول الرائدة في المنطقة في إنشاء بيئة تشريعية ومؤسسية لرعاية نمو ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة.. وقد أطلقت الدولة العديد من المبادرات التي تدعم هذا الاتجاه، كما راعت الإمارات في التعديلات التشريعية والقانونية تبني تشريعات تخدم بيئة ريادة الأعمال والتقنيات الناشئة، وتقليل تكلفة ممارسة الأعمال التجارية، وفتح أسواق جديدة، وتقديم المزيد من الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة وخلق فرص لها للنمو".
وأكد أن توقيت اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين يُمثل توقيتا مثاليا خاصة وأن الاتفاقية تخصص فصلاً كاملاً للتعاون بين الإمارات والهند في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة واشتملت على توفير منصة للشركات الصغيرة والمتوسطة في دولة الإمارات للتوسع دوليًا من خلال منحها إمكانية الوصول إلى عملاء وشبكات وسبل تعاون جديدة.. إضافة إلى توفير آلية لتبادل المعلومات فيما يتعلق بجميع الجوانب المتعلقة بالتجارة، بما في ذلك القوانين واللوائح والإجراءات وتسجيل الأعمال واللوائح الفنية والمعايير وبرامج الشركات الصغيرة والمتوسطة.. علاوة على تأسيس لجنة للشركات الصغيرة والمتوسطة لتمكين مشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة وتزويدها بالأدوات للاستفادة من الفرص المتاحة في اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة.
من جانبه، قال الدكتور أحمد عبد الرحمن البنا إن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة خطوة مهمة في مسيرة النمو المستقبلية في الإمارات والهند لكن اليوم القطاع الخاص والمستثمرون من الجانبين عليهم الدور الأكبر في الاستفادة من الفرص والامكانيات التي تقدمها هذه الاتفاقية التاريخية.
الإمارات مركز للتجارة والتصنيع
وشهدت القمة أيضا جلسة بعنوان: "الإمارات العربية المتحدة: مركز للتجارة والتصنيع والخدمات اللوجستية لأسواق دول مجلس التعاون الخليجي وأفريقيا وأوروبا".
وناقشت الجلسة أهمية اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات والهند التي تشكل نقطة انطلاقة لتحقيق تطلعات وأهداف البلدين والاستفادة من موقع الإمارات الاستراتيجي إضافة إلى كونها طرفا في العديد من اتفاقيات التجارة الحرة الإقليمية والثنائية بما في ذلك مع دول مجلس التعاون الخليجي.
وناقشت الجلسة الاستفادة التي تحصل عليها الصناعة الهندية من الاتفاقية ووصولها إلى السوق الأفريقية.. ومع تزايد الصادرات تكمن فرصة أكبر لإنشاء قواعد التصنيع في دولة الإمارات لضمان إنتاجية أعلى.
واستعرضت الجلسة مجالات الفرص في الإمارات للمصنعين الهنود والقطاعات التي لديها فرص للصناعة الهندية في الإمارات للاقتراب من دول مجلس التعاون الخليجي وأفريقيا والأسواق الأخرى إضافة إلى إمكانية أن يستفيد قطاع الصناعة الهندية من اتفاقية/CEPA/ في تعزيز عالميتها.
aXA6IDMuMTQ3LjEwNC4xOCA=
جزيرة ام اند امز