الإمارات والهند.. علاقات ضاربة منذ فجر التاريخ
منذ عرف البشر تدوين وكتابة التاريخ وتشهد العلاقات الإماراتية الهندية محطات عديدة من التعاون والزيارات المتبادلة.
متانة وقوة العلاقات الإماراتية الهندية ليست وليدة اللحظة، ولكنها نتاج تعاون وثيق ومثمر يمتد إلى فجر التاريخ.
- الإمارات والهند.. أخوة ترسي مبادئ إنسانية للسياسة الخارجية
- رئيس وزراء الهند يصل الإمارات في زيارة تستمر ثلاثة أيام
ويقف ميناء رأس الخيمة شاهدا على تجارة اللؤلؤ والأسماك، التي كانت قائمة بين الهند والخليج العربي منذ عام 3000 قبل الميلاد واستمرت وتطورت بتطور البشرية حتى وصلت هذه العلاقات إلى مستوى التعاون الاستراتيجي في مختلف مجالات التعاون، لا سيما في التجارة والاستثمار والقضايا الجيوسياسية.
فمنذ عرف البشر تدوين وكتابة التاريخ سطرت العلاقات العربية الهندية تاريخا من التعاون، وكانت البضائع الهندية محل اهتمام العرب وانتقلت من الخليج العربي إلى اليمن، محمولة من قوافل الجمال، لتجد طريقها في نهاية المطاف لأسواق أوروبا.
وكان الأمراء الهنود هم كبار مستوردي اللؤلؤ، الذي كان يجلبه تجار رأس الخيمة والعين ودبي والبحرين للهند.
وتذكر الوثائق التاريخية أن من أوائل المساجد التي شُيدت في العالم كان ذلك المسجد الذي بُني في ولاية "كيرالا" الهندية عام 629 ميلاديا.
وشهد هذا المسجد على علاقة تاريخية بين الهند والعالم العربي بصفة عامة، والخليج العربي بصفة خاصة، وهي علاقة تضرب في أعماق التاريخ، وأصبحت أكثر عمقا مع انتشار الإسلام بالهند على يد تجار الخليج.
وأثرت هذه العلاقات التاريخية على اللغة في الهند والعالم العربي، فهناك كلمات عديدة ذات أصول هندية مثل الصندل والتنبول "نبات للمضغ"، والقرنفل، والنرجيل، وغيرها التي ما زالت مستخدمة على نطاق واسع في اللغة العربية حتى الآن.
فيما نجد أن 25% تقريبا من مفردات اللغة الهندية عربية الأصل، وتستخدم في المحادثات والمعاملات اليومية في مختلف المناطق الهندية حتى الآن.
ولم تقتصر العلاقات بين البلدين على مجال محدد بل اتسعت لتشمل جميع المجالات وقد شهدت السنوات الماضية على التعاون الثقافي بين الإمارات والهند من خلال فعاليات وملتقيات ثقافية عدة احتفت بتراث البلدين والإرث الثقافي لكل منهما، وهو ما تجسّد مؤخرا في اختيار الهند ضيفة شرف للدورة الـ29 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، كما شاركت الشارقة في معرض نيودلهي للكتاب بدورته الـ27 في يناير/كانون الثاني من العام الجاري.
وتستمد العلاقات الحديثة بين الإمارات والهند قوتها من هذه الصلات التي تضرب جذورها في أعماق التاريخ، وأسهم عدد من الزيارات التاريخية المتبادلة بين البلدين في الحفاظ على بريق تلك العلاقات.
وتُعد أبرز تلك الزيارات ما قام بها الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى الهند عام 1975، حيث أسهمت في ترسيخ هذه العلاقة، ووضع الأسس القوية لها.
وبعدها بعام واحد، قام رئيس الهند الأسبق فخر الدين علي أحمد بزيارة رسمية عام 1976 هي الأولى لرئيس هندي للإمارات، لتتوالى بعدها زيارات متبادلة لتثبت مدى التزام الطرفين بتقوية أواصر التعاون وفتح المجال أمام المزيد من التقدم في جميع المجالات.
وشكّلت زيارة رئيسة وزراء الهند الراحلة أنديرا غاندي لدولة الإمارات عام 1981 نقلة نوعية أخرى في مسار العلاقات بين البلدين الصديقين.
وفي عام 1992، قام الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بزيارة أخرى للهند تم بموجبها توقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي على الدخل ومنع التهرب المالي فيما يتعلق بالضرائب على الدخل.
وفي عام 2003 زار الرئيس الهندي الأسبق أبوبكر عبدالكلام الإمارات، وبادله الزيارة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في عام 2007 .
وتتويجاً لعلاقات الصداقة التاريخية التي تربط البلدين والشعبين الصديقين؛ قام ناريندرا مودي، رئيس وزراء الهند الحالي، بزيارة رسمية للإمارات في عام 2015 أسهمت في تمتين العلاقة بين البلدين وأسفرت عن توقيع العديد من الاتفاقيات.
ويحتفظ سجل الزيارات التاريخية بزيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى الهند في عام 2016، الذي أكد خلالها أن دولة الإمارات حريصة دائما على تعزيز علاقاتها القوية مع الهند، خصوصا في ظل الفرص الكبيرة للتعاون بين البلدين والتغيرات والتحوّلات الإقليمية والدولية المتسارعة.
وأجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، زيارة ثانية في يناير 2017، حيث كان ضيف شرف في احتفالات الهند بيوم الجمهورية الـ68.
وترسيخا للعلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين؛ زار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الإمارات للمرة الثانية عام 2018، وقد وقّعت دولة الإمارات والهند في أبوظبي اتفاقية و4 مذكرات تفاهم؛ بهدف تعزيز الشراكات الثنائية والتعاون بين البلدين وفتح آفاق جديدة للعمل المشترك في مختلف القطاعات.
وتشهد زيارة رئيس الوزراء الهندي للإمارات توقيع مجموعة من الاتفاقيات بين البلدين في مجالات واسعة ذات أهمية مشتركة وأهمية إقليمية وعالمية، بما في ذلك الاقتصاد والطاقة والدفاع ومكافحة الإرهاب والبحوث الفضائية.
وانعكست تلك الزيارات على العلاقات بين البلدين في مجالات عدة؛ حيث يرتبطان بإطار واسع من الاتفاقيات والشراكات المهمة، كما تعد الإمارات من بين أكبر المستثمرين في الهند على صعيد الاستثمار الأجنبي المباشر، وتسهم بشكل كبير في أمن الطاقة في الهند، وتعد سادس أكبر مزود للنفط الخام لها في 2014-2015.
وبدأ ناريندرا مودي، الجمعة، زيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة هي الثالثة له، لكتابة فصل جديد في تاريخ العلاقات الراسخة بين البلدين الجارين.
aXA6IDMuMTUuMTQ1LjUwIA== جزيرة ام اند امز