سياسيا وإنسانيا.. جهود إماراتية بالأمم المتحدة لإطفاء نار الحرب بلبنان
مع ارتفاع وتيرة التصعيد الإسرائيلي بلبنان، كثفت دولة الإمارات جهودها على أكثر من صعيد لمواجهة التداعيات الإنسانية للأزمة.
وشهدت الساعات القليلة تحركات إماراتية على المستوى الأممي والعربي والخليجي لمواجهة تداعيات التصعيد العسكري في لبنان وتفعيل الاستجابة الإنسانية العاجلة.
استبق تلك التحركات، مبادرة إنسانية قادها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، الذي أمر، الإثنين، بتقديم حزمة مساعدات إغاثية عاجلة بقيمة 100 مليون دولار إلى الشعب اللبناني.
تأتي تلك المبادرة في إطار جهود دولة الإمارات لدعم الأشقاء في لبنان ومساعدتهم على مواجهة التحديات الراهنة والتزامها الثابت بدعم الشعب اللبناني الشقيق.
مبادرات وتحركات على أكثر من صعيد لتسريع مواجهة التداعيات الإنسانية للتصعيد الإسرائيلي في لبنان، الذي أدى إلى نزوح نحو مليون شخص، الأمر الذي كان لها أثره على الصعيد الإنساني والاجتماعي والصحي.
حراك بالأمم المتحدة
على الصعيد الأممي، تقوم دولة الإمارات تحركاً عربياً لدى الأمم المتحدة لمواجهة تداعيات التصعيد العسكري في لبنان وتفعيل الاستجابة الإنسانية العاجلة.
وفي هذا الصدد، التقى وفد دبلوماسي عربي، برئاسة جمال المشرخ المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف، مع كبار مسؤولي المنظمات الأممية والدولية التي تعنى بالشؤون الإنسانية والإغاثية والصحية لمناقشة التطورات الأخيرة في لبنان وبحث سبل مواجهة تداعيات التصعيد العسكري الميداني، والتأكيد على ضرورة التفعيل العاجل لخطط الاستجابة الإنسانية.
على صعيد ملف اللاجئين، اجتمع المشرخ، بصفته رئيس المجموعة العربية مع سفراء الترويكا والسفراء العرب في جنيف، مع فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وتركزت المحادثات على ضرورة التحرك العاجل استجابة للأزمة المستجدة وما أفرزته من تداعيات مثل نزوح المدنيين داخلياً وزيادة تدفق اللاجئين.
على صعيد مواجهة تداعيات تلك الأزمة على قطاع الصحة، اجتمعت المجموعة العربية مع د.تيدروس غيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية ، وجرى التأكيد على سرعة تلبية احتياجات الشعب اللبناني الشقيق وتكثيف المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية.
على الصعيد نفسه، عقد المشرخ والسفراء العرب أيضاً محادثات مع ميريانا سبولجاريك إيجر رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر تم خلالها التشديد على الحاجة لدور فاعل للمنظمات الدولية في هذا الوقت الحرج، وبخاصة من قبل لجنة الصليب الأحمر، وضرورة اتخاذ التدابير القاضية باحترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وتوفير الحماية للمدنيين.
حراك دبلوماسي إقليمي
وشدد المجلس على “التضامن الكامل مع لبنان إزاء العدوان الخطير الذي أدى إلى استشهاد آلاف المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ ومسعفين وإصابة آلاف آخرين بجراح بالغة والنزوح الداخلي لأكثر من مليون شخص نتيجة تدمير آلاف الوحدات السكنية وتحول مدن وقرى بأكملها إلى أنقاض، وحرق مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية ما يشكل جرائم حرب موصوفة وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكا صارخا للمواثيق والمعاهدات الدولية وحرفاً فاضحا للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان”.
على الصعيد الخليجي، شارك خلفية شاهين المرر وزير الدولة الإماراتي في الاجتماع الاستثنائي الوزاري الخليجي الذي عقد في الدوحة الأربعاء.
وفيما يتعلق بلبنان، أكد المجلس الوزاري على وقوف مجلس التعاون إلى جانب الشعب اللبناني بكافة مكوناته في هذه المرحلة الحرجة، ودعا إلى تكثيف الجهود الدولية والإقليمية لتقديم الدعم الإنساني العاجل للبنان للتخفيف من معاناة المدنيين، وحمايتهم من أي تداعيات خطيرة، كما دعا إلى ضبط النفس، وتجنب الانخراط في النزاعات الإقليمية والحيلولة دون اتساع دائرة النزاع في المنطقة.
وشدد المجلس على ضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، والقرارات الدولية ذات الصلة واتفاق الطائف، لاستعادة الأمن والاستقرار الدائم في لبنان، وضمان احترام سلامة أراضيه واستقلاله السياسي وسيادته داخل حدوده المعترف بها دولياً.
وأكد المجلس الوزاري الخليجي على مضامين البيان الوزاري المشترك الصادر بتاريخ 25 سبتمبر 2024م، عن دولة الإمارات المتحدة، والسعودية، ودولة قطر، والولايات المتحدة الأمريكية، وعدد من الدول الأخرى، الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوماً، عبر الخط الأزرق الفاصل للحدود الجنوبية للبنان، والمضي في تسوية دبلوماسية تجنب المنطقة خطر نشوب حرب إقليمية.
على الصعيد العربي، شاركت دولة الإمارات في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين في دورته غير العادية، الذي عقد الخميس دعما لموقف لبنان.
وأكد مجلس جامعة الدول العربية إدانته الشديدة للعدوان الإسرائيلي على لبنان، مشددا على ضرورة وقفه فورا واعتبار أي توغل أو احتلال لجزء من الأراضي اللبنانية اعتداء على الأمن القومي العربي.
وشدد المجلس على “التضامن الكامل مع لبنان إزاء العدوان الخطير الذي أدى إلى استشهاد آلاف المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ ومسعفين وإصابة آلاف آخرين بجراح بالغة والنزوح الداخلي لأكثر من مليون شخص نتيجة تدمير آلاف الوحدات السكنية وتحول مدن وقرى بأكملها إلى أنقاض، وحرق مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية ما يشكل جرائم حرب موصوفة وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكا صارخا للمواثيق والمعاهدات الدولية وحرفاً فاضحا للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان”.
وسبق أن عبرت دولة الإمارات، في بيان أصدرته الثلاثاء، عن قلقها البالغ من التطورات التي تجري في لبنان، ومن تداعيات انزلاق هذه الأوضاع الخطيرة وتأثيرها على الاستقرار في المنطقة.
وأكدت دولة الإمارات، على موقفها الثابت تجاه وحدة لبنان وسيادته الوطنية وسلامة أراضيه، وعلى وقوفها ومساندتها للشعب اللبناني الشقيق في مواجهة التحديات.
ودعت وزارة الخارجية الإماراتية، إلى ضرورة تضافر الجهود الدولية لوقف تصاعد القتال لمنع سفك الدماء، وأن ينعم المدنيون بالحماية الكاملة بموجب القانون الدولي والمعاهدات الدولية.
تصعيد يتزايد
ويتبادل حزب الله اللبناني وإسرائيل إطلاق النار بشكل يومي على جانبَي الحدود منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
لكن التوترات تصاعدت بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة مع تحويل إسرائيل تركيزها إلى حدودها الشمالية وشنّها سلسلة غارات على لبنان، أسفرت علن مقتل عدد من قيادات الحزب من أبرزهم الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الذي قتل 27 سبتمبر/ إيلول الماضي.
وتصاعد التوتر، مع إعلان إسرائيل صباح الثلاثاء بدء عمليات برية محدودة بلبنان في سياق مواجهته مع حزب الله، ومساء اليوم نفسه شنت إيران هجوم صاروخيا على إسرائيل، هددت إسرائيل بالرد عليه. صاحب تلك التطورات، نزوح مئات الآلاف من اللبنانيين.
وحسب إيفو فرايسن، ممثل "مفوضية اللاجئين" في لبنان، فإن "لبنان شهد أعنف الهجمات وأوسعها نطاقاً منذ ما يقرب من عقدين من الزمان"، مضيفا "وصلنا إلى ما كنا نحذر منه ونخشاه، وهو وقوع كارثة إنسانية".
وأوضح فرايسن، في مؤتمر صحفي في بيروت، أنه منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، نزح أكثر من 211 ألف شخص، من بينهم أكثر من 118 ألفا خلال الأسبوع الماضي وحده.
لكن يبدو أن الإحصاء الذي أعلنه ممثل "مفوضية اللاجئين" في لبنان، يشمل النازحين المُسجلين فقط، إذ قدر رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، عدد النازحين بنحو مليون شخص.
وقال ميقاتي، في مؤتمر صحفي، إن لبنان به 778 مركز إيواء، تٌقدم الحاجات الأساسية لـ 118 ألف شخص، لكن عدد النازحين قد يصل إلى مليون شخص، لافتا إلى أن لبنان يشهد "أكبر عملية نزوح في تاريخه".
وتتركز حركة النزوح بالأساس من جنوب لبنان والضواحي الجنوبية لبيروت والبقاع، نحو قلب بيروت وجبل لبنان والشمال.