لا يزال أهل كوسوفو يتذكرون بفخر واعتزاز جنود الإمارات الذين رسموا أول ابتسامة في العصر الحديث على الوجوه الكوسوفية
كوسوفو.. الاسم الذي يستدعي إلى الذاكرة صور الحرب والمأساة، والذي عانى أبناؤه أحد أبشع صور المعاناة الإنسانية والظلم من مليشيات سلوبودان ميلوسوفيتش، الزعيم اليوغوسلافي السابق الذي اتهم بارتكاب جرائم حرب، حينما بدأت حينذاك حرب التحرير بين جيش تحرير كوسوفو (كي إل أيه) مدعومة بغطاء جوي من حلف شمال الأطلسي (الناتو) من جهة وبعض المليشيات المحسوبة على الجيش اليوغوسلافي من جهة أخرى في عام 1998، في ذلك الوقت كانت دولة الإمارات العربية المتحدة أولى الدول التي أسهمت في حماية المدنيين في كوسوفو والحفاظ عليهم من إفرازات الحرب ومآسيها المختلفة.
فبعد وصول القوات التابعة لحلف شمال الأطلسي التي عرفت بـ(كفور) لحماية كوسوفو، وبالتزامن مع بدء عمل الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية في الإقليم تعرفنا نحن الشعب الكوسوفي على الجندي الإماراتي للمرة الأولى، إذ كان هناك أكثر من ألف و500 بطل تواجدوا بيننا لحمايتنا، واستمروا بذلك بالتعاون مع الصليب الأحمر حتى عام 2008، وهو العام الذي أعلنت فيه دولتنا استقلالها.
لا يزال أهل كوسوفو يتذكرون بفخر واعتزاز جنود الإمارات الذين رسموا أول ابتسامة في العصر الحديث على الوجوه الكوسوفية، ولا نزال ننظر إليهم بفخر على شاشات التلفاز كلما ظهروا ونحن نردد: "هؤلاء كانوا هنا".
لم يتوقف دعم الإمارات لدولتنا الفتية بعد الاستقلال الذي أُعلن في الـ17 من فبراير عام 2008 تحت اسم (جمهورية كوسوفو)، وما لا يعلمه الكثيرون بأن دولة الإمارات العربية المتحدة متمثلة بقوتها الناعمة قد لعبت أدواراً دبلوماسية كثيرة ليس فقط في محيطها العربي بل بما يتجاوزه بكثير، دعماً منها للحصول على أكبر عدد من الأصوات التي تضمن للشعب الكوسوفي حق تقرير مصيره واستقلاله، وكعادتها كانت الإمارات أول من يطالب بهذا الحق للشعب الكوسوفي، كما أنها أول من اعترف بالجمهورية الوليدة، وذلك في الـ14 من أكتوبر عام 2008، وكان هذا الأمر مهماً جداً بالنسبة لنا ولا يمكن أن ننساه أبداً.
والآن وبعد مرور هذه الأعوام لا تزال العلاقات الدبلوماسية والشعبية تتطور بشكل مضطرد بين الدولتين الصديقتين، عبر زيارات متكررة ودورية للمسؤولين من الجانبين، وقد مثلت زيارة رئيس الإقليم كاردي فاسيلي للإمارات تتويجاً لهذه العلاقات المتميزة بين بلدينا، والتي لم تكن من فراغ وإنما لتشاركنا في الكثير من الأمور الثقافية والحضارية التي يتشاطرها شعب الإمارات وشعب كوسوفو.
قد تبدو الإمارات بعيدة جغرافياً عن كوسوفو ولكن هذا البعد بدأ بالتلاشي عبر مشاريع تبادل الخبرات وزيارات الطلبة وترويج كل منا لثقافته لدى الآخر، علاوة على التعاون في المجالات التعليمية والإعلامية، وهي الأمور التي تؤثر بشكل مباشر على المجتمع وتسهم بتوعيته.
لا يزال أهل كوسوفو يتذكرون بفخر واعتزاز جنود الإمارات الذين رسموا أول ابتسامة في العصر الحديث على الوجوه الكوسوفية، ولا نزال ننظر إليهم بفخر على شاشات التلفاز كلما ظهروا ونحن نردد: "هؤلاء كانوا هنا".
سيخطو الشعب الكوسوفي بكل ثقة الآن نحو المرحلة الثانية من العلاقات مع الإمارات، التي تتمثل في دعمنا لكل تواجد إماراتي في كوسوفو، سواء كان اقتصادياً أو سياحياً أو ثقافياً أو استثمراياً، لأن التربة الخصبة للتعاون بين البلدين قد سقاها أولئك الأبطال وسيستفيد من غراسها كلا الشعبين.
"صحفي من كوسوفو"
@albinotMaloku
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة