الإمارات وإيطاليا.. شراكة متجددة لنمو مستدام

تشهد العلاقات الاقتصادية بين دولة الإمارات وإيطاليا تطوراً مستمراً، مع تنامي اهتمام مجتمعي الأعمال في البلدين باستكشاف الفرص الواعدة.

ويتمتع اقتصادا البلدين بمستويات كبيرة من التكامل بما يسهم في زيادة حركة التجارة والاستثمارات بين أوروبا من بوابة إيطاليا ومنطقة الشرق الأوسط من بوابة الإمارات.

وعلى مسار النمو والرخاء المشترك الذي تعززه العلاقات المتينة والمزدهرة، وصل أمس الأحد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى العاصمة روما في "زيارة دولة" إلى إيطاليا، للتباحث بشأن تعزيز مختلف جوانب التعاون خاصة في مجالات الاقتصاد والاستثمار والطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، وذلك في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين.

وتتوج زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى إيطاليا سلسلة من "زيارات دولة" أجراها لعدد من دول العالم.

وتعد الزيارة التي تبدأ اليوم الإثنين، رسميا رابع "زيارة دولة" يجريها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات خلال 9 شهور، والسادسة منذ توليه مقاليد الحكم في 14 مايو/أيار 2022، بحسب إحصاء لـ"العين الإخبارية"، وهو رقم كبير من تلك الزيارات في تلك الفترة القصيرة، الأمر الذي يبرز تعاظم مكانة الإمارات والتقدير الدولي المتزايد لقيادتها.

تكامل تجاري واستثماري

التعاون بين الإمارات وإيطاليا مهم للغاية كون الاقتصادين يتمتعان بمستويات كبيرة من التكامل والذي يسهم في تعزيز التبادل التجاري والاستثمارات في البلدين الصديقين.

وقد بلغت قيمة التبادل التجاري في عام 2023، نحو 8 مليارات يورو (8.4 مليار دولار) بزيادة قدرها 9.5% على أساس سنوي، تمثل الصادرات الإيطالية منها نحو 6.6 مليار يورو (6.9 مليار دولار)، وتشمل المجوهرات والآلات والأزياء والمواد الغذائية، بينما بلغت الواردات الإيطالية من دولة الإمارات حوالي 1.4 مليار يورو (1.5 مليار دولار)، ما يدل على عمق الشراكة الاقتصادية الثنائية.

وفي النصف الأول من عام 2024، بلغت التجارة بين البلدين 4.9 مليار يورو (5.1 مليار دولار) بنمو أكثر من 25.8% على أساس سنوي.

وتشمل القطاعات الرئيسية للواردات الإيطالية من دولة الإمارات المعادن، خاصة المعادن الثمينة بالإضافة إلى الألمنيوم، ومنتجات النفط المكرر، والنفط الخام، والملابس الخارجية والأحذية، والمجوهرات ومنتجات صناعة الذهب.

وتشهد الصادرات المباشرة الإيطالية إلى دولة الإمارات المجوهرات ومنتجات صناعة الذهب كأهم عنصر، تليها الآلات الميكانيكية، والأحذية والسلع الجلدية، والأجهزة الكهربائية والمركبات.

ووثق معرض "جلفود 2025" الذي عُقدت فعالياته في مركز دبي التجاري العالمي من 17 إلى 21 فبراير/شباط الجاري، مشاركة فاعلة للوكالة الإيطالية للتجارة (ITA).

وتعد دولة الإمارات سوقاً رئيسياً للصادرات الغذائية الإيطالية، حيث سجلت نمواً بنسبة 6% خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2024، ليصل إجمالي قيمتها إلى 344 مليون يورو (359.7 مليون دولار)، ومن المتوقع أن تواصل الارتفاع خلال 2025، مدفوعة بالطلب القوي على المنتجات الإيطالية الفاخرة والمستدامة.

ومن أبرز المنتجات التي شهدت زيادة في الصادرات: منتجات الألبان بنسبة 36% إلى 30 مليون يورو، والمخبوزات بنسبة 23% إلى 55 مليون يورو (57.5 مليون دولار)، والمشروبات بنسبة 32% إلى 29 مليون يورو (30.3 مليون دولار).

وكشفت الوكالة التجارية الإيطالية، أن إيطاليا تستعد لتعزيز صادراتها الغذائية إلى دولة الإمارات خلال عام 2025، مستهدفة نمواً يتجاوز 10% مقارنة بالعام الماضي.

فيما تستعد الشركات الإيطالية لطرح منتجات جديدة في فئة الأغذية العضوية والصحية، استجابة للاتجاهات الاستهلاكية المتغيرة في المنطقة.

وشاركت إيطاليا في معرض جلفود بجناح ضم أكثر من 200 شركة، ما يعكس التزامها المتزايد بالسوق الإماراتية وأسواق الشرق الأوسط. ويعكس ارتفاع الطلب على المنتجات الإيطالية في دولة الإمارات قوة العلاقات التجارية بين البلدين.

وتُعد الاستثمارات المتبادلة بين دولة الإمارات وإيطاليا ركيزة أساسية في تعزيز العلاقات الاقتصادية.

وقد بلغت الاستثمارات الإيطالية المباشرة في دولة الإمارات حوالي 11.6 مليار يورو (12.2 مليار دولار) حتى عام 2024، وفقا لبيانات وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإيطالية، مما يعكس ثقة المستثمرين الإيطاليين في السوق الإماراتي.

تتنوع هذه الاستثمارات لتشمل قطاعات متعددة مثل الطاقة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا، والقطاع المالي. على الجانب الآخر، استثمرت الإمارات في إيطاليا بمشاريع استراتيجية، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة.

• 344 مليون يورو صادرات.. إيطاليا تعزز حضورها في سوق الأغذية الإماراتية
• الإمارات وإيطاليا.. شراكة الفرص التنافسية والمستدامة
  
  

بيئة الأعمال الإماراتية.. تنافسية وواعدة

توفر دولة الإمارات فرص استثمارية واعدة ستثمرين من حول العالم لا سيما الإيطاليين فضلا عن المميزات والممكنات التي تتيحها بيئة الأعمال والاستثمار إضافة إلى مرونة التشريعات الاقتصادية التي تعكس المناخ الاستثماري المستقر الذي يسهم في استدامة النمو الاقتصادي.

كما أن تعزيز الاستثمارات في قطاعات التحول الرقمي والمناخ والتكنولوجيا من شأنه أن يوفر فرصا استثمارية كبيرة في مجالات الاقتصاد الجديدة.

وبلغ عدد الشركات الإيطالية التي تعمل حالياً في دولة الإمارات 600 شركة، تلعب دوراً ايجابياً فاعلاً في تعزيز المناخ الاستثماري والشراكات الاستراتيجية في مختلف القطاعات الاقتصادية.

تشمل هذه الشركات مجالات متنوعة مثل الأزياء، والتصميم، والمواد الغذائية، والطاقة، والبناء. من ناحية أخرى، هناك حضور ملحوظ للشركات الإماراتية في السوق الإيطالي، خاصة في قطاعات الضيافة، والعقارات، والطاقة المتجددة، مما يعكس اهتمام دولة الإمارات بتوسيع استثماراتها في أوروبا.

شراكة المستقبل المستدام والنظيف

وتُعَدُّ الشراكة بين دولة الإمارات وإيطاليا في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة نموذجًا للتعاون الدولي الهادف إلى تعزيز الاستدامة والابتكار في قطاع الطاقة.

في يناير/كانون الثاني 2025، وقّعت الإمارات اتفاقية ثلاثية مع إيطاليا وألبانيا لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة في ألبانيا، مع نقل جزء من هذه الطاقة إلى إيطاليا عبر كابل بحري. وتُقدّر قيمة هذه المشاريع بحوالي مليار يورو (1.05 مليار دولار)، وتهدف إلى تعزيز أهداف إيطاليا في مجال الطاقة المستدامة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

كما استضافت دبي في سبتمبر/أيلول 2024 وفدًا إيطاليًا رفيع المستوى خلال معرض تكنولوجيا المياه والطاقة والبيئة (ويتيكس)، حيث تم بحث تعزيز التعاون في مجالات كفاءة الطاقة، والطاقة النظيفة والمتجددة، والهيدروجين الأخضر، واحتجاز الكربون، واستخدامه وتخزينه. يأتي هذا التعاون في إطار استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050، التي تهدف إلى توفير 100% من القدرة الإنتاجية للطاقة من مصادر نظيفة بحلول عام 2050.

بالإضافة إلى ذلك، شهد عام 2023 إعلان دولة الإمارات وإيطاليا الارتقاء بعلاقاتهما إلى مستوى شراكة استراتيجية، مع التركيز على التعاون في مجالات الطاقة النظيفة والمتجددة. تجسّد هذا التعاون من خلال توقيع مذكرة تفاهم بين شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) ومجموعة "إيني" الإيطالية للطاقة، بهدف التعاون في مشاريع انتقال الطاقة ومبادرات الاستدامة، بما في ذلك الحد من الانبعاثات وتطوير حلول منخفضة الكربون.

وتُظهر هذه الشراكات والاتفاقيات التزام دولة الإمارات وإيطاليا بتعزيز التعاون في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة، سعيًا لتحقيق أهداف الاستدامة والحياد الكربوني، وتلبية الاحتياجات المتزايدة للطاقة بطرق مبتكرة وصديقة للبيئة.

القطاع السياحي.. ركيزة رئيسية لتعزيز العلاقات

كما يعتبر القطاع السياحي من القطاعات الرئيسية لتعزيز التعاون الاقتصادي بين دولة الإمارات وإيطاليا.

ووصل إجمالي عدد الزوار الإيطاليين لدولة الإمارات خلال العام 2023 ما يقرب من 210 آلاف زائر، ونحو 265 ألف زائر في العام 2022.

كما تشهد حركة الطيران بين البلدين نمواً مستمراً حيث وصل عدد الرحلات إلى أكثر من 300 رحلة طيران شهرياً.

وختاماً، تُجسّد العلاقات التجارية والاستثمارية بين دولة الإمارات وإيطاليا نموذجًا للتعاون الدولي المبني على المصالح المشتركة والرؤية الاستراتيجية. من خلال تعزيز الشراكات في مختلف القطاعات وتبادل الخبرات، يسعى البلدان إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام وازدهار مشترك، مع التركيز على الابتكار والاستدامة كركائز أساسية لهذا التعاون المثمر.