توصيف "الشراكة الاستراتيجية الخاصة" بين أبوظبي وسيؤول له ما يمنحه الثقة وأحقية الرهان المستقبلي.
رسمت "قمة الشراكة الاستراتيجية الخاصة"، التي عقدت في سيؤول بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا، مشهداً تاريخياً مستكملاً لعناصر الإرادة والقدرة على صناعة المستقبل من موقع الفكر الاستراتيجي والقوة الناعمة، سواء من ناحية توقيتها أو مضامينها أو آلياتها.
زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى العاصمة الكورية جاءت تلبية لدعوة من الرئيس مون جيه – إن، الذي أعرب في زيارته الأخيرة لأبوظبي عن الرغبة في الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى مرتبة "الشراكة الاستراتيجية الخاصة"، وهي الأولى من نوعها في علاقة كوريا مع أي دولة شرق أوسطية.
هذه هي الزيارة الخامسة للشيخ محمد بن زايد إلى كوريا الجنوبية. قبلها كانت في 2006، و2012 و2014، زيارات جرى خلالها بناء علاقة بين البلدين ارتقت إلى الشراكة الاستراتيجية الخاصة
توقيت "قمة الشراكة الاستراتيجية الخاصة" بين أبوظبي وسيؤول جاء متزامناً مع التطورات الإيجابية التي تشهدها شبه الجزيرة الكورية، والذي كان له نصيب في البيان الختامي الصادر عن القمة الذي أكد ضرورة انتهاء مسار المواجهة والتوتر المستمر، وضرورة استمرار التركيز على طريق الحوار وتعزيز الاستقرار وذلك "من أجل خدمة السلام في هذه المنطقة"، كما قال الشيخ محمد بن زايد.
هذا هو المشهد العام الذي تأتي فيه القمة الإماراتية – الكورية، في سياق زمني ونوعي يجعلها جزءاً من الاهتمام الدولي بالدفع نحو إنهاء الصراع في شبه الجزيرة الكورية، وجزءاً من المشهد الذي يجري تصنيعه لمستقبل يبنيه مَن يلتقون في هانوي وأصحاب الإرادة والعزيمة في سيؤول.. ففي القمتين تفاصيل وحيثيات تجعل الترابط بينهما أكثر من مجرد أدبيات إعلامية.
إن توصيف "الشراكة الاستراتيجية الخاصة" بين أبوظبي وسيؤول، له ما يمنحه الثقة وأحقية الرهان المستقبلي، فالعلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وجمهورية كوريا تعود إلى عام 1980. وتماشياً مع نهج القيادة الإماراتية ببناء علاقات متوازنة مع البلدان الصديقة التي تشارك رؤيتها في التركيز على التنمية وبناء المستقبل في مختلف أنحاء العالم؛ تأتي العلاقات الاستراتيجية في عمق آسيا وأقاصيها ضمن هذا النهج، لتسهم في الوصول إلى أسواق إضافية تستقبل صادراتنا، ولتعزز موقع الإمارات كبوابة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وجرى الانتقال، منذ عام 2009، بالعلاقة بين أبوظبي وسيؤول من الإطار التقليدي إلى الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
وكانت لذلك عناوين مترادفة، تجارية وصناعية وتقنية، منها مشروع الطاقة النووية السلمية الذي تبنيه الإمارات بخبرات كوريّة جنوبية، ومشاريع ضخمة في مجال الطاقة توجت باتفاقية أبرمتها مجموعة أدنوك لبناء أكبر مشروع عالمي لتخزين النفط في الإمارات.
هذه هي الزيارة الخامسة للشيخ محمد بن زايد إلى كوريا الجنوبية. قبلها كانت في 2006، و2012 و2014، زيارات جرى خلالها بناء علاقة بين البلدين ارتقت إلى الشراكة الاستراتيجية الخاصة وهي تشمل علاقات في التجارة والاستثمار والبناء والبنية التحتية والطاقة والصناعات الدفاعية والعسكرية، وكذلك في الزراعة والطب والصحة والعلوم والتكنولوجيا وتقنيات الفضاء.
وفي المقابل، كانت للرئيس الكوري الجنوبي سلسلة من الزيارات التي تؤكد الثقة بصوابية الشراكة الاستراتيجية لتحقيق المصالح المشتركة واتساق المواقف تجاه القضايا الإقليمية والعمل من أجل التنمية المستدامة وتحقيق قيمة إضافية يتشارك ثمارها البلدان الصديقان مدعومة بموجبات الابتكار والحرص على بناء المستقبل الثري بقيم الاعتدال والتسامح.
الشراكة الاستراتيجية الخاصة التي جرى تعزيزها في قمة سيؤول بين الإمارات وكوريا، تجسّد نهج القيادة في دولة الإمارات بالارتقاء والتطوير المستمر والاستشراف بعيد المدى، لنشر قيم التعايش العالمي برسالة السلم والسلام والتسامح، لترسخ من خلالها الدولة دورها الريادي عضوا فاعلا له دور ريادي في بناء مستقبل الإنسانية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة