لطالما كانت الطاقة الشغل الشاغل للبشرية منذ بداية الخلق، وستبقى حتى نهاية العالم.
فكل شيء يحتاج إلى طاقة، وقد نجح الإنسان في تسخير الطاقة الكامنة في جوف الأرض من أجل رفاهيته وتطوير مجتمعاته، غير أن إفراطه في ذلك الاستخدام وضع كوكب الأرض في اختبار وجودي، فالاستمرار بالوتيرة نفسها من استغلال الطاقة سيعرّض البشرية للفناء، لهذا تنادت الشعوب والقيادات، للعمل من أجل إيجاد طاقة بديلة ومتجددة لسد احتياجاتها.
وكانت دولة الإمارات من أوائل الدول، التي سارعت إلى محاولة إيجاد مصادر للطاقة تكون بديلة عن النفط، لتخفيف الاعتماد على الوقود الأحفوري، الذي تسبّب في أعباء على بيئة الأرض، وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، في كلمته خلال أعمال الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر المناخ COP27، الذي عقد في مدينة شرم الشيخ المصرية، بأن دولة الإمارات "ستواصل التركيز على خفض الانبعاثات في قطاع النفط والطاقة، لأن العالم يواجه تحدياتٍ معقدة، ومعالجتها تتطلب عملا مشتركا وتعاونا دوليا".
وقد أشار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في تغريدة له على "تويتر" إلى أن "الإمارات ماضية في تنفيذ مبادرات نوعية في الطاقة النظيفة"، متطلعا لاستضافة قادة العالم في COP28 العام المقبل على أرض دولة الإمارات.
كلام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يأتي في سياق التزام دولة الإمارات ضمان أمن الطاقة مع خفض الانبعاثات، لا سيما وأن النفط والغاز في دولة الإمارات يعدان من بين الأقل كثافة في ضخ الكربون على مستوى العالم.
يجدر بالذكر هنا أن الإمارات كانت أول دولة خليجية وشرق أوسطية تعلن مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المُناخي بحلول 2050، كما أطلقت شراكة مع الولايات المتحدة لتعزيز أمن الطاقة ودعم العمل المناخي عبر استثمار 100 مليار دولار لإنتاج 100 جيجا وات طاقة نظيفة في مختلف أنحاء العالم.
السياسة الحكيمة لدولة الإمارات في مجال الطاقة دفعت المبعوث الأمريكي الخاص للمناخ، جون كيري، إلى الإشادة بقرار عقد قمة المناخ عام 2023 في الإمارات.
وأضاف "كيري" واصفا دولة الإمارات قيادة وشعبا: "إنهم أذكياء جدا لأنهم يعرفون أن ما يخرج من الأرض لن يستمر إلى الأبد، سواء ماديا أو سياسيا، وهم ينظرون إلى الشكل الذي سيبدو عليه العالم الجديد.. وإذا كانت ستظهر أشكال جديدة من الطاقة، فإنهم يريدون أن يكونوا من بين مقدميها، بالضبط كما هم الآن".
كلام المبعوث الأمريكي للمناخ يؤكد دور الإمارات في العالم الجديد، الذي يبدو أننا على أعتاب الإعلان عنه، سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي أو التكنولوجي، فقد حققت دولة الإمارات خلال عقود بسيطة قفزاتٍ نوعية على الصُّعُد والمجالات كافة، ولم تكتفِ بحدود كوكبنا، بل ذهبت إلى المريخ عبر مسبار الأمل، وها هي تطأ القمر عبر المستكشف "راشد".
وبالعودة إلى موضوع المناخ فقد أعلنت دولة الإمارات عن 30 خطة مناخية وطنية محدّثة، مع اتفاقية القمة الرئيسية بشأن "الخسائر والأضرار" الهادفة لمساعدة البلدان، الأكثر عرضة لمخاطر تغير المناخ، على دفع تكلفة الطقس المتطرف وارتفاع منسوب مياه البحار.
إنها الإمارات.. أول دولة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط تلتزم الوصول إلى صفر انبعاثات بحلول 2050، لهذا تسعى إلى التوفيق بين إنتاج الطاقة وخفض الانبعاثات الكربونية، في خطوة تنم عن رؤية ثاقبة واستباقية وتفكير ذكي، لتكون لاعبا أساسيا في مجال الطاقة النظيفة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة